تابعنا خلال الأيام الماضية الأعاصير التي أصابت ولايتي تكساس ولويزيانا "هارفي" وولاية فلوريدا "إرما" وكيف تعاملت معهما الإدارة الأميركية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني بكل حرفية منذ اللحظة التي أعلنت فيها وكالة الأرصاد الجوية بداية تكوين إعصاري هارفي وإرما.

على الرغم من تراجع درجة قوة إعصار هارفي لحظة وصوله إلى سواحل تكساس إلى الدرجة الأولى وانكسار إعصار إرما إلى ما دون الدرجة الثانية بحسب القراءات والبيانات الأولية لخبراء الطقس فإن البرامج والخطط وضعت للأسوأ مع ترقب الأقل، بناءً على تقارير وكالة الأرصاد التي توقعت شدة درجتهما إلى الدرجتين الرابعة والخامسة.

Ad

حرفية التخطيط لما قبل مرحلة الأزمة أثمرت عن تجاوب المجتمع بسرعة عالية لعملية إجلاء الملايين من ولاية فلوريدا لوحدها خلال أيام، حيث استطاعت الحكومات المحلية تأمين المواصلات والمأوى لكل الراغبين بترك منازلهم ناهيك عن التواصل الإعلامي الذي أدى دورا كبيرا في نشر المعلومات الدقيقة عن سير الإعصار وتقديم النصائح التي على المواطنين اتخاذها لذلك لم تكن هناك مفاجآت حتى مع تلك اللحظات الحرجة لدخول عين الإعصار وخروجه.

أكثر العبارات المسؤولة رددها الرئيس ترامب وحاكم ولاية فلوريدا عند إجابتهم عن الخسائر المتوقعة لإعصار إرما "دعونا لا نفكر بالخسائر المادية ولكن بكيفية إنقاذ الأرواح"، كما أن حاكم الولاية زاد على ذلك بالصراحة والوضوح مخاطباً سكان ولايته بأن عليهم اللجوء إلى أقرب مكان آمن عند دخول الإعصار، والطلب ممن لم يبادر بالتحرك أثناء دخول الإعصار البقاء في منازلهم لخطورة الوضع، وزاد على حديثه بأن رجال الإنقاذ جاهزون، ولكن لن أدعهم يباشروا عملهم حتى انجلاء الخطر.

هكذا دولة أكدت كفاءتها في إدارة الأزمات قبل حدوثها وأثناءه، لذلك جاءت خططها متكاملة لم تترك شيئا للمصادفة، فمثلا فرق الإنقاذ والطوارئ قد بدأت بالعمل مباشرة بعد انحسار الإعصار والحديث عن التخلص من مياه الأمطار والمجاري وعودة الكهرباء والماء إلى المناطق المنكوبة لن يتجاوز أسبوعا، ناهيك عن أن المتاجر قد عادت إلى عملها، وهذا دليل على أن الإدارات المعنية بالأزمات استطاعت الانتقال بين مراحل الأزمة قبلها وأثناءها إلى مرحلة التعافي.

هذه العقلية في إدارة الأزمات يجب أن تدرس في الجامعات، وأن تحذوا دول العالم حذو أميركا واليابان، وخصوصاً دولنا التي تغرق في "شبر ماي" مع أول اختبار رغم الوفرة المالية، وللعلم فإن منطقة الخليج ليست آمنة أو بعيدة عن الكوارث الطبيعية، لذا يجب عدم حصر أو اختزال مفهوم الكوارث بالبراكين والزلازل والأعاصير رغم إمكانية حدوثها وما إعصار "جونو" الذي أصاب سواحل عمان ببعيد عن الذاكرة.

سمعنا أن دول مجلس التعاون الخليجي قد أنشأت مركزا لإدارة الأزمات والكوارث، فأين المشروع الذي تقدمنا به نحن ومجموعة من الزملاء منذ سنوات مضت وحتى هذه اللحظة لم نسمع له صوتاً وكأن القضية مكاتب ورواتب؟

ودمتم سالمين.