سمعنا كثيراً عن قصص تعامل سفاراتنا السلبي مع مواطنين تعرضوا لمواقف صعبة، أو عارض صحي في الخارج، أو طلبوا مساعدة قانونية، وعرضت في المنتديات العامة ووسائل الإعلام كثيراً من تلك السوابق التي تعبر عن إهمال بعض سفاراتنا لخدمة رعاياها، ويردد معظم الكويتيين مقولة إن سفاراتنا تخدم علية القوم والمتنفذين، وأنا شخصياً حصلت على "زفة" من عامل بدالة (بلهجة سودانية) لسفارة الكويت في إحدى العواصم الأوروبية، عندما كنت أطلب استفساراً عن أمر مهم يقع ضمن صميم مهام سفارة بلدي دون أن أحصل على رد.

ما علينا، "زفة" الزول لي أمر تجاوزناه منذ أكثر من عام، لكن ما حدث للسيدة الكويتية "م. ر" في هيوستن مؤخراً وخلال إعصار هارفي، والإهمال الشديد من السفارة لها ولزملائها، أمر لا يمكن تجاوزه دون عرضه على الرأي العام، ومطالبة الجهات المسؤولة بمحاسبة طاقم السفارة في الولايات المتحدة الأميركية، وعلى رأسهم سعادة السفير!

Ad

السيدة هي شابة كويتية مميزة تعمل بوظيفة مرموقة في القطاع النفطي، وكانت تشرف على متدربين من شركة "KOC" في مدينة هيوستن بولاية تكساس، عندما داهم إعصار هارفي المدينة، وعند تواصلهم مع السفارة الكويتية هناك طالبوهم بالبقاء في مقر إقامتهم، واتباع تعليمات السلطات، على أن يقوموا بإخلائهم لاحقاً، وعندما ضرب الإعصار المدينة انقطعت الاتصالات وإمكانية استخدام البطاقات البنكية الدولية للسداد للفندق وشراء الغذاء، ما حدا بإدارة الفندق إلى مطالبتها بالسداد أو المغادرة إلى المجهول.

السيدة "م. ر" بلا أموال ولا غذاء، ونفد دواؤها المهم لمرض الغدد، وزملاؤها غادروا مبكراً لإجازة عيد الأضحى المبارك، فيما كان عليها البقاء لإنهاء بعض الإجراءات كونها المسؤولة، لكنها استطاعت أخيراً أن تتواصل مع والدها في الكويت، الذي حاول لعدة ساعات الاتصال بالسفارة، وبعد جهد جهيد تحدث مع دبلوماسي كويتي في واشنطن طمأنه بتوفير طبيب في هيوستن لإعطائها وصفة لصرف دوائها ووسيلة إخلاء لها. الأب الذي كان على وشك الإصابة بذبحة صدرية من الخوف على ابنته اطمأن وصدق وعود دبلوماسي بلده.

لكن وبعد ساعات اتصل نفس الدبلوماسي على السيدة في هيوستن، وأبلغها "أنه لا يوجد أي طبيب ولا شركة للإخلاء، وأن إمكانات السفارة لا تسمح بذلك، وعليها أن تتصرف بمعرفتها".

بنت الكويت وحيدة في مدينة مدمرة ومغمورة شوارعها بالمياه، وبينما كانت سفارات بعض الدول تستأجر شركات مجهزة بطائرات هليكوبتر لإجلاء مواطنيها كانت سفارة الكويت تتحجج بأنها لا تملك الإمكانات لإنقاذ أحد رعاياها!

فصول تجربة السيدة الكويتية في هيوستن طويلة، لكنها انتهت بأن قام مواطن أميركي شهم من أصل فلسطيني بمساعدتها للحصول على دوائها، والخروج من هيوستن عند وصول زوجها إليها هناك بصفة عاجلة واصطحابها إلى الكويت، أحداث مأساة السيدة "م. ر" المفزعة انتهت، لكن فصول وحكايات تعامل بعض السفارات الكويتية السلبي مع المواطنين لم تنته بعد!