تقف فنزويلا على شفير الحرب الأهلية، ويزداد الوضع فيها تردياً مع تنامي أعداد القتلى والجرحى، وتأتي الأزمات الاقتصادية والإنسانية في الوقت عينه لتعزز معاناة الفنزويليين، إذ تواجه فنزويلا أحد أعلى معدلات البطالة في العالم، ومن المتوقع أن يصل هذا المعدل إلى 720% بحلول نهاية السنة الحالية، وفق صندوق النقد الدولي، ونظراً إلى النقص الحاصل في المواد الغذائية الأساسية، خسر الفنزويليون قسراً نحو تسعة كيلوغرامات كمعدل من وزنهم، في حين يؤكد 93% من المدنيين أن دخلهم لا يكفيهم لشراء الطعام الذي يحتاجون إليه. نتيجة ذلك لجأ كثيرون إلى تناول ما يعثرون عليه في مستوعبات النفايات، والأسوأ من ذلك النقص في الأدوية، فتفيد الصيدليات أن النقص في الأدوية الضرورية وصل إلى 85% تقريباً.

واجهت الحكومة هذه الأزمات بالإنكار، ومن الأمثلة البارزة التي أكّدت أخيراً تعطيل الديمقراطية إنشاء مادورو من خلال انتخابات غير نزيهة جمعية تأسيسية غير مشروعة وتكليفها بإعادة كتابة الدستور، شملت إحدى الخطوات الأولى التي أقدمت عليها هذه الهيئة الجديدة سيطرتها على البرلمان الذي تترأسه المعارضة، ومع أن أكثر من خمسين دولة، بما فيها الفاتيكان، لم تعترف بتلك الجمعية التأسيسية، شأنها في ذلك شأن الاتحاد الأوروبي، ما زلنا ننتظر أي رد فاعل يتخطى الإدانة والرفض.

Ad

إذاً، ماذا يستطيع الاتحاد الأوروبي فعله؟

كيف تستطيع أوروبا إظهار مدى جديتها؟ يجب أن تشمل الخطوة الأولى عقوبات مستهدفة يفرضها الاتحاد الأوروبي على مسؤولي النظام، يشكل التدخل العسكري، الذي هدد به ترامب، خطأ فادحاً، يُعتبر مجرد التلويح بتدخل مماثل مضراً لأنه يخدم مصالح النظام بمنحه حجة لإحكام قضبته على السلطة في وجه التهديد الخارجي المزعوم. علينا بدلاً من ذلك الضغط على الحكومة لتبدأ التفاوض بجدية بشأن انتقال السلطة.

بالإضافة إلى العقوبات ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يبدأ بالضغط لتبني سياسة دولية مشتركة بشأن فنزويلا، ويلزم أن تسعى بروكسل بدأب لتوحّد الولايات المتحدة ودول في أميركا اللاتينية مثل كولومبيا، ومكسيكو، والبرازيل بغية تشكيل مجموعة اتصال، تماماً كما حدث خلال حروب البلقان في تسعينيات القرن الماضي وأخيراً في أوكرانيا. تسهّل هذه الخطوة التعاون والرد الدولي الأكثر فاعلية بغية المساهمة في دعم أي انتقال مستقبلي إلى الديمقراطية.

لا شك أن الأزمة الفنزويلية ستستلزم في نهاية المطاف حلاً فنزويلياً، لذلك على مجموعة الاتصال هذه، بعد تحديد مقاربة مشتركة، أن تسعى إلى عقد محادثات تجمع الحكومة الفنزويلية والمعارضة إلى طاولة مستديرة وتوجّه عملية انتقال السلطة رسمياً وإعادة إرساء الديمقراطي، وكي نفهم كيف تسير هذه الأمور يكفي أن نتأمل محادثات عام 1989 في بولندا، وتقوم الخطوة الأولى نحو محادثات مماثلة على إرسال الاتحاد الأوروبي بعثة رسمية إلى فنزويلا، فقد دعت قرارات عدة صادرة عن البرلمان الأوروبي إلى خطوة مماثلة لأنها تتيح التعاطي مع كل اللاعبين وتقييم الوضع على الأرض.

باختصار، الجواب البسيط عن السؤال المطروح في عنوان هذا المقال هو "كلا"، لن يتمكن الاتحاد الأوروبي بمفرده من وقف الحرب الأهلية في فنزويلا، ولكن بدعمه كلماته القوية وبأعمال حازمة، مثل العقوبات المستهدفة، وبسعيه بدأب لتوحيد الجهود الدولية، قد ينجح في إحداث تغيير. صحيح أن المستقبل يزداد سوداوية مع كل يوم يمر، إلا أن النتيجة العنيفة لم تصبح حتمية بعد.

* ديتا تشارانزوفا - Dita Charanzová