الكل يتحدث عن الفساد المنتشر والكل يقر به، بل حتى الفاسدون لا يخجلون في هذا الزمن من الإشهار بفسادهم، ولأننا ننتقد الفساد دائماً ونحذر من نتائجه على المجتمع والوطن فعلينا أن نعرف أسبابه ومسبباته التي جعلت من الفساد أمرا طبيعيا وثقافة سائدة لا يخجل منها الفاسد، ويتبجح بها أمام المجتمع الذي أصبح يمتدحه لفساده ويعتبره إنجازا له يستحق الثناء عليه.

معظمنا كمواطنين لا نسمي الأسماء بمسمياتها الحقيقية، وأصبحنا سلبيين حتى في قول الحقيقة من باب «وأنا مالي»؟ أو لماذا أقول الحق الذي قد يغضب المسؤول وأفقد صداقتي معه؟ والكل يلاحظ ذلك ويعيشه، فحتى أسطول المستشارين لدى القياديين لا دور استشاريا لهم، فلم نسمع منهم حلولاً لأي مشكلة نعانيها، فلا حلت مشكلة الإسكان ولا البطالة ولا التعليم ولا الازدحام ولا غيرها من المشاكل العالقة منذ زمن ليس بقصير، وأصبح همهم إرضاء المسؤولين وأهوائهم خوفاً على مناصبهم وما يتمتعون به من مزايا ووجاهة.

Ad

أصبح النفاق والرياء ثقافةً معتمدة في العمل السياسي والوطني، وأصبحنا نفعل ما تفعله الحكومة مع الموالين لها، حيث ندافع عن أقربائنا وأصدقائنا حتى لا نخسرهم، وعلى حساب المصلحة العامة ومصلحة الوطن، وبحجة «مالي شغل»؟ أو لعلني أحتاجه يوماً ما فيخدمني في ظل غياب القانون والمؤسسات الوطنية الرزينة.

يعني بالعربي المشرمح:

وطالما القانون لا يطبق على الفاسدين والمفسدين فلا يمكن بحال من الأحوال أن ينجح أي مشروع وطني للقضاء على الفساد الحالي في ظل نفاق ورياء المجتمع لبعضه، بحجة «الديرة ماشية جذي، وأنا شدخلني أزعل فلان أو علان»، الأمر الذي يتطلب منا أن نسمي الأسماء بمسمياتها ونضع أصابعنا على الجرح حتى لو آلمنا، فالوطن بحاجة لنتصارح وننتقد الخطأ بصوت عال، لكي ننجو به من مستنقع الفساد الذي لم يكتف بمؤسسات الدولة فقط، بل فاض ليصل لأخلاقنا وسلوكنا.