أصدر نحو 350 مثقفاً مصرياً أخيراً بياناً أعلنوا فيه رفضهم استمرار وزير الثقافة حلمي نمنم في منصبه، مطالبين بإقالته، نظراً إلى ما وصفوه الحالة المتردية التي وصلت إليها الوزارة في عهده، بحسب وصفهم.

هذه القضية تناولتها «الهلال القاهرية»، حيث رأى قطاع من المثقفين أن وزارة الثقافة تواجه مشكلة بنيوية في الأساس، وأنها لا تعرف الدور الذي يجب أن تؤديه في حياة المواطن قبل حياة المثقف، وأن النمنم لم ينجح إدارياً في منصبه، وأن وزارة الثقافة تحوّلت إلى مجموعة كبيرة من الموظفين تنقصهم الرؤية والخيال.

Ad

كذلك ثمة، كما أوضح هذا القطاع، حالة متردية وصلت إليها الثقافة المصرية في عهد النمنم، حيث تشهد الوزارة تراجعاً كان شاهده الأخير الإهمال والتقصير والتخاذل، في إدارة الوزارة ملف غاية في الأهمية، وهو استبعاد اختيار القاهرة عاصمة عالمية للكتاب في 2019 واختيار «الشارقة- الإماراتية» بدلاً منها.

وصف الروائي القاضي أشرف العشماوي وزارة الثقافة المصرية بأنها وزارة موظفين، وأن الوزير لم يعد يولي الثقافة اهتماماً، بدليل حالة الركود التي توجت بكارثة ملف العاصمة العالمية للكتاب، فيما وصف الشاعر أحمد عبد اللطيف بعنوان «الظلام يخفي الحقائق» أن المشكلة الأساسية في وزارة الثقافة ضرورة تحديد موقعها، هل هي لخدمة المواطن أم لخدمة الدولة؟ ووصفت التشكيلية سالي رياض أداء وزارة الثقافة المصرية بأنه تجريف ثقافي متعمد، نظراً إلى ما يشهده قطاع الفنون التشكيلية من تخريب، وسرقة للأعمال الفنية جهاراً نهاراً بشكل متكرر، إضافة إلى الهدم الممنهج للمباني ذات الطابع المتميز معمارياً.

وبعنوان «النمنم في مقام الحيرة»، قال الشاعر عبد الرحيم يوسف، إن الوزير لا يملك طموحاً كبيراً في ما يتعلق بتغيير سياسات العمل في هذه الوزارة الضخمة (وزارة الثقافة) ومؤسساتها الشائخة، وبعنوان «لا تعمل.. فلا تخطئ»، قالت الشاعرة عزة سلطان، إن ثمة لعنة في كرسي الوزارة تمسّ من يقترب، فأكثر المثقفين فهماً للفجوة التي تحدث وبمشاكل الثقافة المصرية، يتحوّل إلى شخص آخر بعد أن يجلس على مقعده المطل على النيل، فيما تساءل الشاعر والروائي ياسر شعبان، ماذا سيقول النمنم لرفاقه من المشتغلين في الثقافة والصحافة عما حدث في عهده، بعد أن يرحل من منصبه، ويعود إلى كرسيه على المقهى، بعدما زالت السلطة المؤقتة؟

حوار

في حوار أداره رئيس تحرير المجلة خالد ناجح، وأعده للنشر سامح فايز، ردّ النمنم على الاتهامات والانتقادات الموجهة إليه من المثقفين المصريين، كاشفاً أن قضيته الأساسية كوزير للثقافة، هي استرداد الشارع الذي خطفته جماعة «الإخوان» الإرهابية طوال السنوات السابقة، وأن السبب الحقيقي لاختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب أن العاصمة الغينية «كوناكري» هي عاصمة الكتاب هذا العام، وفازت مصر بها عام 2003 بمكتبة الإسكندرية، ولم تجر العادة أن تحصل القارة نفسها على اللقب عينه فترتين متتاليتين، ما يعني أن القرار ليس ملفاً أو طلباً، لكن ثمة اعتبارات أخرى، ولا منافسة مع الشارقة، بقوله: «لماذا الإصرار على تقطيع علاقات مصر العربية؟ وما هي نتيجة ذلك سياسياً؟».

وحول «بيان المثقفين» ضدّه وصف النمنم الخلاف بالظاهرة الصحية، رافضاً الاتهامات بالتقصير أو الانهيار، فلأول مرة في تاريخ وزارة الثقافة المصرية منذ سنوات طوال، تشهد مسارح الدولة لافتة «كامل العدد» وبينها المسرح القومي، ودار الأوبرا المصرية، مدة ستة أشهر مقبلة، إضافة إلى إقامة الثقافة نحو مئة معرض كتاب خارج القاهرة خلال عام، وصدور كتاب مترجم جديد كل صباح، ضمن 35 لغة من بينها الإفريقية.

ثورة وأغنية

في المجلة أيضاً وبعنوان «الأغنية الوطنية بين ثورتين»، أشار د. نبيل حنفي محمود إلى أن عدد الأغاني الوطنية المذاعة بين 2 أغسطس 1952 ونهاية ديسمبر من العام نفسه بلغ 71 أغنية، وأن الأغنية الوطنية واكبت حوادث مصر، في حقبة ما بعد يوليو 1952، وأرّخت لوقائع تلك الحقبة من انتصارات وانكسارات، حتى عام 1970، وظلّت تعبِّر بصدق عن أحوال المصريين وتحولاتهم. لذا عاشت وستعيش مديداً في ذاكرتهم، ولن يعرف النسيان إليها طريقاً.

وبعنوان «ثورة يوليو.. الثقافة حق للفقراء»، أشار د. جمال عبد الحي، الأستاذ في أكاديمية الفنون، إلى أن ثورة يوليو 1952 عكست الوضع السياسي، على مضمون الحركة الثقافية والفنية وشكلها في مصر، ونظراً إلى أن الدافع الأساسي من قيام الثورة هو إذابة الفوارق الطبقية بين جموع الشعب، وجهت اهتمامها بفئات الشعب البسيطة والمهمشة، كي تحصل على حقوقها الإنسانية والوطنية، فاستعانت حكومة الثورة بالثقافة والفن كوسيلة وأداة لتقارب فكر ووجدان الشعب المصري من دون تمييز طبقة على حساب طبقة أخرى.