مع مطلع شهر أكتوبر المقبل، يدخل قرار زيادة رسوم وأجور الخدمات الصحية على الوافدين حيز التنفيذ الفعلي، وستتراوح الزيادة بين 50 و1000 في المئة، وسيشمل هذا القرار فئتين، أولاهما المرضى غير الكويتيين من القادمين إلى البلاد بكارت زيارة، غير المسجلين في نظام التأمين الصحي‬، والأخرى المرضى والمراجعون غير الكويتيين المقيمون والمسجلون في نظام الضمان الصحي.

وقد أحدث هذا القرار ردود فعل واسعة من قبل الوافدين، وتحديدا من المقيمين المسجلين في نظام الضمان، حيث اعتبروا أن هذا القرار مبالغ فيه ويفوق القدرة المالية لكثير منهم.

Ad

وأكد أحد المقيمين، ويدعى علاء مرسي، أنه قرار مبالغ فيه، مشيراً إلى أن بعض أنواع التحاليل وصلت نسبة الزيادة فيها إلى 1000 في المئة، وهو ما يعني عدم قدرة الوافد على تحمل تكاليف هذه التحاليل التي تعتبر أساسية في تشخيص الأمراض.

وأبدى مرسي تخوفه من أن يؤدي هذا القرار عند العمل به إلى إحداث خلل في التركيبة السكانية، وخلق «مجتمع ذكوري»، بسبب قيام أرباب الأسر بتسفير عائلاتهم، والإقامة وحدهم في الكويت بسبب الزيادات الأخيرة في الخدمات الصحية إلى جانب الزيادة الموجودة أصلا في إيجار الشقق وغلاء المعيشة الملحوظ في البلاد خلال السنوات الأخيرة الماضية، مع ثبات رواتب الوافدين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.

كما تخوف من أن تعقب هذا القرار قرارت أخرى مماثلة بزيادات أسعار الخدمات الصحية في القطاع الطبي الخاص، فضلاً عن زيادات أسعار المدارس الخاصة، ما يثقل كاهل الأسر كافة، ومن بينها العائلات الوافدة التي تقيم في الكويت.

وطالب بعدم ربط التأمين الصحي للوافدين بالإقامة في البلاد، وترك حرية للوافد بين أن يكون له تأمين صحي في المستشفيات الخاصة أو في الحكومية، لاسيما أن عددا من الدول المجاورة من بينها سلطنة عمان تعمل بهذا الأسلوب، مؤكداً أنه بعد العمل بالأسعار الجديدة، فإنه لا فرق كبيراً بين المصروفات في المستشفيات الخاصة والحكومية.

ضمان ورسوم!

بدوره، أكد المقيم باسم رشاد أنه من غير المنطقي وكذلك من غير العدالة أن يُطلَب منه كمقيم أن يدفع قيمة الضمان الصحي ثم يطلب منه أيضا أن يدفع رسوماً مقابل الخدمات الصحية عند مراجعته للمركز الصحي أو المستشفى، وهذا يعني أنه يدفع بشكل مزدوج، متسائلاً إذا دفع الوافد قيمة الضمان فلماذا يدفع رسوماً أخرى مقابل الخدمة الصحية، فإما أن يدفع ضماناً أو يدفع رسوماً نظير الحصول على الخدمة.

وأشار إلى أن قرار الزيادة ستكون له آثار على الوافدين، حيث إن كثيراً منهم بدأوا بالفعل في تسفير زوجاتهم وأولادهم والإقامة وحدهم في الكويت.

عبء إضافي

من جانبه، أكد أحد المقيمين في الكويت، يعمل محاميا (رفض الكشف عن هويته) أن الزيادات الجديدة تعتبر عبئا إضافيا على الوافد، مشيرا إلى أن هناك أعباء أخرى على رب الأسرة المقيم، تتمثل في زيادة رسوم الإقامة، إضافة إلى تكاليف المدارس الخاصة التي تزيد سنويا بنسب تزيد على 15 في المئة، إلى جانب زيادة الإيجارات والمصروفات الأخرى التي تتمثل في أقساط السيارة والقروض وخلافه.

وقال إنه يقيم في الكويت منذ 20 عاما، ولم ير مثل هذه الزيادات في السابق، لافتا إلى أنه حينما قدم إلى الكويت كانت الحياة بسيطة، والتكاليف بسيطة كذلك، عكس الوقت الحالي الذي زادت فيه الأعباء المالية على الجميع، سواء كانوا كويتيين أو وافدين.

وأضاف أنه قرر تسفير زوجته وأولاده إلى بلده، ويكمل هو في الكويت، بسبب الزيادات الجديدة في الخدمات الصحية وما سيعقبها من زيادات في الكهرباء والماء.

دراسة ولجان

في المقابل، قال المتحدث الرسمـــي باســــــــم وزارة الصحـــــة د. أحمد الشطي إن زيارة الأسعار جاءت بعد دراسة مستفيضة من جانب لجان وفرق متخصصة، مشيرا إلى أن هذه الزيادة فرقت بين فئتين، الأولى القادمين إلى الكويت بكارت زيارة، والثانية فئة المقيمين في البلاد ولديهم ضمان صحي.

وأكد الشطي لـ«الجريدة» أن الرسوم الجديدة المحددة بالقرارين الوزاريين تعتبر أقل بكثير من التكلفة الفعلية للخدمات الصحية طبقا للمؤشرات الواردة بكتاب حساب التكاليف والحسابات الصحية الوطنية الصادرة عن وزارة الصحة ومقترح وزارة المالية المتعلق بإعادة النظر في الرسوم‬، مشيرا إلى أن تلك القرارات لم تتضمن أي زيادة في الأسعار، حيث إن قيمة الضمان ستظل ثابتة (50 ديناراً للوافد – 40 للزوجة – 30 للأبناء) وتقرر البقاء عليها كما هي‬، وقد أخذ القراران الوزاريان بعين الاعتبار إعفاء بعض الحالات لظروف إنسانية ومجتمعية، وذلك ضمن الضوابط المحددة في القرارات المنظمة لها‬.

‫وأشار إلى أن هذه الزيادة جاءت بناء على توصيات اللجان الفنية المشكلة لتقييم رسوم الخدمات الصحية بالمستشفيات والمراكز التخصصية ومراكز الرعاية الأولية التابعة لوزارة الصحة لغير الكويتيين، حيث إن تلك الرسوم لم يحدث لها أي تعديل منذ 1993، فقد أصدر الوزير د. جمال الحربي قرارين سيدخلان حيز التنفيذ في أول أكتوبر المقبل بجميع مراكز ومستشفيات وزارة الصحة، تضمن أولهما لائحة رسوم وأجور الخدمات الصحية للمرضى غير الكويتيين «الزائرين» والأشخاص غير المسجلين في نظام التأمين الصحي، بينما حدد الآخر لائحة رسوم وأجور الخدمات للمقيمين المسجلين في نظام التأمين الصحي.

وأضاف الشطي أن كثيراً من القادمين إلى البلاد بكروت زيارة يعمدون إلى «السياحة العلاجية المجانية»، حيث إن هناك العشرات منهم أجروا عمليات قلب مفتوح، وعمليات تبديل مفاصل، وعلاج كيماوي وإشعاعي، وجميعها تكلف الدولة مبالغ باهظة وتقدم لهم بالمجان.

وشدد على أهمية التفرقة بين من يأتون إلى الكويت بكارت زيارة والمقيمين فيها بضمان صحي، لافتا إلى أن تكلفة الخدمات الصحية التي يتحملها الوافد المقيم بتأمين أقل بكثير من التكلفة الحقيقية على الوزارة، وذلك وفقا لإحصاءات التكلفة الصحية، كما أنها أقل من توصيات وزارة المالية بشأن زيادة أسعار الخدمات الصحية.

ورأى الشطي أن الزيادة التي حصلت أقل مما يتوقعه البعض، وتبقى أقل من الأسعار في المستشفيات الخاصة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن المقيم الذي يراجع العيادة الخارجية، يدفع 10 دنانير ويحصل على العلاج والتشخيص والتحاليل والأدوية، وهو مبلغ أقل بكثير من تكلفة العلاج والتشخيص والأدوية والتحاليل والأشعة إذا احتاج لها.

قرار تمييزي

ومن جانبها، اعتبرت الناشطة الحقوقية مها البرجس أن قرار زيادة أسعار الخدمات الصحية على الوافدين قرار تمييزي، وسيؤدي إلى نتائج وتداعيات سلبية على الكويت.

وقالت البرجس لـ«الجريدة» إن حق العلاج حق أصيل من حقوق الإنسان، مذكور في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وفي العديد من الاتفاقيات الدولية، من أبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.

وأضافت أنه بناء على تلك الاتفاقيات والاعلانات فإن الدولة ملتزمة بتوفير أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية، مبينة أن حق الصحة كغيره من الحقوق الانسانية لا يجوز التمييز في منحه وتمكين البشر من الحصول عليه. وأشارت إلى أن هذا القرار يعمق حالة من التمييز كانت موجودة بالسابق، وتظهر جلية في التمييز الواضح في صرف الأدوية، حيث يوجد أدوية تصرف للكويتيين وغيرها أقل كفاءة تصرف للوافدين.

وذكرت البرجس أنه يمكن التوفيق بين المساواة في الحصول على هذا الحق والحاجة للتخفيف عن الميزانية ضمن إطار إنساني غير تمييزي، وذلك بإلزام أصحاب العمل بدفع رسوم ثابتة للدولة تغطي جزءاً معقولاً من رسوم الخدمات الصحية.

وأشارت إلى أن هذا القرار، إضافة الى حالة التمييز التي يخلقها، يعكس توجها اقتصاديا لا يتناسب مع رؤية الكويت 2035 التي ترمي إلى تحويل الكويت الى مركز تجاري ومالي يستقطب العاملين والمستثمرين من كل أرجاء العالم، لافتة إلى أن تلك القرارات التي تحمل الوافدين رسوما مبالغا فيها تجعل العمل والبقاء في الكويت غير مُجدٍ للعمال، وتجعل من شبه المستحيل على أغلبهم إحضار عائلاتهم، مما يجعل الكويت بيئة غير جاذبة للعمالة الماهرة والمبدعة الي تحتاجها في الفترة القادمة من جهة، وتدفع العمال إلى تحويل مدخراتهم إلى الخارج بدلاً من إنفاقها على عوائلهم في الكويت من جهة أخرى، مما يؤدي الى كساد في الكثير من القطاعات التجارية.

وشددت البرجس على ضرورة إعادة تقييم سياسات التمييز بين الوافدين والمواطنين في الحصول على الخدمات إجمالا والخدمات الصحية خاصة، حيث إن تخصيص أماكن رعاية صحية للمواطنين مثل مستشفى جابر مثلا، وأخرى للوافدين مثل مستشفيات الضمان الصحي، سيؤدي الى تعزيز الفصل بين الفئتين ويعمق حالة كراهية الأجانب، متمنية التعجيل بتشكيل ديوان حقوق الانسان وتفعيل دور المجتمع المدني ليكون شريكا للحكومة في وضع السياسات، لضمان ألا تتضمن اي انتهاك لحقوق الإنسان.

حالات إنسانية مستثناة من الزيادة

أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، د. أحمد الشطي، أن هناك حالات إنسانية مستثناة من هذه الزيادات، من بينها «الأطفال المقيمون المصابون بمرض السرطان، الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة، وكذلك ذوو الإعاقة الشديدة، وأم الكويتي، أو المتزوجة من كويتي ولا تحمل الجنسية الكويتية، وكذلك أولاد الكويتية المتزوجة من غير كويتي».

وأضاف أن الزيادات كان مقررا لها أن تدخل حيز التنفيذ، منتصف شهر فبراير الماضي، أي قبل 6 أشهر، ولكن تم تأجيلها لمزيد من الدراسة، مشيرا إلى اعتماد مجلس وكلاء وزارة الصحة توصية بناء على دراسة من الوزارة، بإعادة النظر في رسوم الخدمات والفحوص التي تقدمها الدولة إلى الوافدين. وأكد أن رسوم الخدمات والفحوص الطبية ستقل عن قيم نظيرتها في القطاع الخاص، بنسبة 20 في المئة.

وأوضح الشطي أن الدراسة انتهت إلى الموافقة على زيادة رسوم الأشعة والخدمات الخاصة بالمختبرات الطبية، بما يقل عن أسعار نظيرتها في القطاع الخاص بواقع 20 في المئة، أما بالنسبة إلى الأجهزة والأشعة غير المتوافرة بالقطاع الخاص، كالأشعة النووية، فسيتم تحميل المستفيدين نسبة 50 في المئة من تكاليف تشغيلها.

أمثلة للأسعار الجديدة

ستكون الزيادات الجديدة التي ستطبق مطلع شهر أكتوبر المقبل، على فئتين هما، القادمون إلى البلاد بكارت زيارة، والمقيمون في البلاد ولديهم ضمان صحي. وستكون الزيادة الأكبر على الفئة الأولى التي ستصل في بعض الفحوص والعمليات الجراحية إلى 1000 في المئة، فيما ستكون الزيادة على المقيمين ولديهم ضمان صحي كبيرة، ولكن أقل من أسعار نظرائهم من القادمين بكارت زيارة.

وستزيد قيمة مراجعة المركز الصحي (المستوصف)، بالنسبة إلى المقيم بضمان صحي من دينار واحد إلى دينارين، ومن دينارين إلى 5 دنانير لمراجعة حوادث المستشفى، وسترتفع قيمة الدخول إلى العيادة الخارجية إلى 10 دنانير، حيث كانت في السابق دينارين فقط.

وفيما يلي بعض أمثلة من الأسعار الجديدة المزمع تطبيقها مطلع أكتوبر المقبل على المقيمين في البلاد ولديهم ضمان صحي:

- 10 دنانير للعيادات الخارجية ومثلها للإقامة في الغرف العمومية، و30 ديناراً للعناية المركزة، و50 ديناراً للغرف الخاصة.

- 90 ديناراً للقسطرة و250 لتركيب دعامة و50 لحالات الولادة الطبيعية.

- 40 ديناراً لفحص العظام و50 لفحص النخاع، و40 لفحص الغدة الدرقية، و50 لفحص اليود المشع و500 دينار لحقنة الثايروجين و40 لفحص القنوات الدمعية و50 لتروية الرئة و50 لفحص الارتجاع المعدي.

- 250 ديناراً لفحص خلايا الدم المعزولة و250 لبلازما الدم و40 للأوردة و100 لفحص الغدة الكظرية و140 للفحص الطبقي للأورام و80 للعلاج باليود المشع، و400 لفحص أورام الغدة و140 لعلاج المفاصل بالنظائر المشعة.

أما الأسعار الجديدة بالنسبة إلى القادمين إلى البلاد بكارت زيارة، فستكون كالتالي:

- 10 دنانير لمراجعة المركز الصحي و20 لحوادث المستشفيات، و30 للعيادات الخارجية، و70 للإقامة بالأجنحة العمومية، و220 لإقامة في العناية المركزة.