ذكرنا في المقال السابق، أن الشيخ أحمد الجابر الصباح اعترض برسالة في عام 1934، وجهها إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت على ما نُشر في عدد من الصحف العراقية من إشارات لضم الكويت للعراق، وطالب الإنكليز، الذين يرتبطون مع الكويت باتفاقية للحماية منذ عهد الشيخ مبارك الصباح، بالعمل على منع هذه الكتابات التي تمس استقلالية البلاد.

ويبدو أن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد، وأن الإنكليز حاولوا التأثير على الحكومة العراقية لوقف هذه الحملة ضد الكويت، إلا أن الصحافة العراقية لم تتوقف عن التعرض للكويت والمساس بكيانها المستقل.

Ad

ففي عام 1935، نشرت بعض الصحف العراقية والسورية مقالات أخرى تحمل نفس المضمون السابق المُعادي للكويت، ما حدا بالوكيل السياسي البريطاني بالكويت، هارولد ديكسون، في شهر سبتمبر إلى كتابة تقرير بهذا الشأن يوضح فيه ما ذكر بالمقالات، ويبيِّن خطورة ذلك.

وأعرض في مقال اليوم ترجمة لبعض الفقرات التي وردت في التقرير البريطاني، وهي كما يلي:

* "المقالات المشار إليها تم اختيارها بشكل عشوائي، وأصدقائي العرب يؤكدون لي أن كثيراً من المقالات المشابهة ظهرت في عدة صحف سورية، إضافة إلى الصحف العراقية".

* "من الواضح أن المقالات مقصودة، وأنها ترمي إلى هدف، ويبدو أنها تحمل بصمة وزارة الدعاية (الإعلام) العراقية التي تم إنشاؤها أخيراً".

* "المقالات ليست فقط مرفوضة من وجهة النظر الكويتية، بل إنها كتبت، من وجهة نظري، بشكل متعمَّد لـ (أ) لتقويض سلطة أمير الكويت على شعبه، (ب) وتشويه المواقف الحسنة لسياسة حكومة جلالة الملك تجاه الدول العربية في الخليج، (ت) وإثارة عواطف شباب الكويت ضد الخطر المحتمل من سياسة جلالة الملك، وأن خلاصهم يكمن في اتحادهم مع العراق، (ث) ورسم صورة مشرقة لشباب الكويت عن اتحاد مستقبلي يضم كل الدول العربية تحت لواء العراق".

* "وفي نفس الوقت، خاطبت المقالات، خصوصاً المقال الثالث، شيخ الكويت بالقول إنه في حال خضوعه لفكرة الاتحاد، فإنه لن يصحح صورته أمام العرب فقط، بل إنه في الحقيقة سيحقق مكسباً في سمعته وأهميته، وأن استقلاله الذاتي مصون، وأنه سيكون في مأمن من العدوان الأجنبي، إضافة إلى منحه لقب سمو الأمير، وأنه سيشعر بأنه أنقذ بلاده من أن تبلعها إنكلترا (دولة غير مسلمة) وسيحقق السلام والتطور والاستقرار لنفسه وشعبه تحت حماية أجنحة العراق الأم".

وفي نهاية التقرير، أكد الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، أنه يعترض على المقالات بشدة، وأنها ستؤدي إلى ضرر كبير، واقترح أن يتم اتخاذ خطوات سريعة للفت انتباه الحكومة العراقية لهذا النوع من الدعاية المضرة بالمنطقة.