خطفت يد الغدر والإرهاب الشيخ الدكتور وليد العلي والشيخ فهد الحسيني، وهما في مهمة إنسانية لغرس روح التسامح الديني في القارة الإفريقية التي تحولت إلى بؤرة للشياطين الذين يرتدون ثياب البشر ويتبجحون زوراً وكذباً باسم الإسلام بعقول اعتلاها الصدأ الفكري وقلوب أشبعت بالحقد والظلام.

الدكتور وليد العلي، رحمه الله، إمام مسجد الدولة الكبير وخطبه الدينية في صلاة الجمعة والمناسبات الوطنية والإسلامية تعكس شخصيته وفكره المتزن وسماحة خلقه، والأهم من ذلك مخافته الله في أهله ووطنه، حيث كان سباقاً إلى الدعوة والإرشاد في إطار وطني محوره التعايش الأخوي وسماؤه حب الكويت.

Ad

الشيخ "بو عبدالله" زميل أكاديمي دمث الخلق ولا تفارق الابتسامة التلقائية محياه، ويكرس جل وقته حتى في الأحاديث الجانبية والشخصية في الدين ومفاهيم الإسلام والنصائح الصادقة، وقد زاملته مع فريق أكاديمي من مختلف الكليات الجامعية إلى زيارة علمية لإيران في محطات عدة شملت الجامعات ومراكز البحوث الدينية والمراقد المقدسة في مشهد وقم، وكان مثالاً للتسامح وتبادل الأحاديث الودية والتركيز على المشتركات الرئيسة في الفقه والعقائد والفلسفة وعلم الحديث بين المذاهب الإسلامية، والنقاش الراقي والحضاري في القضايا التي تتعدد فيها الرؤى والاجتهادات، أما صحبته كإنسان فكانت مثالاً جميلاً للأخوة والصداقة والاحترام.

إن فقد مثل هذه الشخصية المحبوبة يترك في القلب لوعة وحزنا، ولكنه في الوقت ذاته يفجر عروق الغضب لخسارة هذا الفكر المستنير والخلق الرفيع بدم بارد وحقير، في حين نحن بأمس الحاجة إلى بقاء شخصيات مثل الشيخ وليد والشيخ فهد للاستمرار في العطاء ومدرسة تعلّم شبابنا جمال ديننا ورقته وتسامحه ومفاهيمه الناصعة في وقت تبث فيه سموم التعصب والطائفية والتكفير من كل حدب وصوب.

وإننا في الوقت الذي نؤمن فيه بقضاء الله وقدره فكأس المنون هي الرشفة الأخيرة يشربها كل حي، ونحتسب فقيدنا عند رب كريم، ندعو أنفسنا للاعتبار من هذه الجريمة النكراء، فأصابع الإرهاب في الآونة الأخيرة ركبت موجة الطائفية واستغلت بساطة الناس واللعب بعواطفهم وتحويلهم إلى وقود لإذكاء الفتن وشق النسيج المجتمعي وتشويه صورة الإسلام، فقد تم الترويج بأن الإرهاب السني يستهدف الشيعة في مقابل أن الشيعة يضمرون الشر والكراهية لإخوانهم السنّة، ومن هذا الابتزاز العقائدي قفز المتطرفون على ظهورنا جميعاً، وعندما تمكنوا واستقروا لم يفرقوا بين مذاهبنا ولم يراعوا دماءنا جميعاً، واستحلوا الأعراض والأموال والنفس لإرضاء نزعاتهم الشيطانية، وصارت جرائمهم تقطف خيرة الناس، وتحرم الشعوب من التزود بفكرهم ووجودهم، في حين هم يسرحون ويمرحون ويرقصون على أشلائنا دون حياء.

رحمك الله أيها الأخ العزيز وليد العلي وجزاك عنا كل خير، ورحمك الله أيها الشيخ فهد الحسيني، ونتمنى من الجهات المسؤولة التي قامت بتخليد اسميهما على المركز الثقافي في المسجد الكبير أن تخلد فكرهما ومنهجهما في مجتمعنا الكويتي لتكون صدقة جارية لهما ومنفعة مستدامة لبلدنا وشعبنا الكريم.