بمشاركة شخصيات سياسية واجتماعية وفي مشهد مهيب، احتضن ثرى الكويت، أمس، جثماني الشهيدين الشيخين د. وليد العلي وفهد الحسيني، اللذين طالتهما يد الغدر والإرهاب أثناء وجودهما في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو يوم الاثنين الماضي.

وبقلوب يعتصرها الألم لفراق الشيخين الجليلين، وراضية بقضاء الله وقدره، توافدت جموع المشيعين إلى مقبرة الصليبيخات قبل موعد صلاة عصر، أمس، لكن عزاء هذه الجموع الغفيرة الوحيد أن الفقيدين قضيا أثناء وجودهما في مهمة دعوية إسلامية لنشر المفاهيم الإسلامية الوسطية التي تدعو إلى التسامح ونبذ الغلو والتطرف، فالجميع يحتسب الأجر والثواب للشيخين الفاضلين اللذين عرف عنهما التميز في العلم والعمل والمعرفة وحسن الخلق، بشهادة من كان على صلة ومقربة منهما، رحمهما الله.

Ad

من جهته، قال رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم: نعزي أنفسنا ونعزي أبناء الشعب الكويتي باستشهاد الشيخين الجليلين العلي والحسيني، لاسيما أنهما كانا يقومان بالعمل الصالح في العديد من دول العالم، آخرها كان في بوركينا فاسو قبل استشهادهما.

وأضاف: يعلم الجميع أن هناك من أسلم على يدي هذين الشيخين الفاضلين، علما بأنهما انتهيا من دروس إسلامية يوم استشهادهما، وهي علامات وبشرى خير بإذن الله، ونسأل الله تعالى أن يحتسبهما من الشهداء ويسكنهما في عليين، وكما قلت لوالدي الشهيدين إن الشيخين لا يعزى بهما، بل تقدم التهنئة لذويهما، لما قاما به من أعمال خيرة، ونسأل الله أن يسكنهما فسيح جناته، ويلهم أهلهما الصبر والسلوان، ويحق لأهلهما أن يفخروا بأن الكويت حضرت كلها لأداء واجب العزاء في المقبرة.

مصاب جلل

من جانبه، قال الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، المستشار فيصل المرشد، إنه في ظل هذه الظروف لا يمكن للمشاعر أو الكلمات أن تفي الشهيدين حقهما، موضحا أن هذا المصاب الجلل لم يكن مقتصرا على أسرة الشهيدين، بل على كل بيت كويتي.

وأضاف: هي فاجعة للشعب الكويتي فردا فردا، مشيرا الى أن الشهيدين عرفا بأخلاقهما السامية وحبهما لخدمة ونشر الدين الإسلامي في الدول الإفريقية والعربية والإسلامية، وكانا مخلصين لوطنهما ويبذلان الغالي والنفيس من أجل توصيل رسالة نقية عن الإسلام والمسلمين.

وتابع أن الكويت حزينة جدا لفقد شخصيتين بحجم الشيخين الفاضلين، ونسأل الله أن يتقبل روحيهما بجنانه، ويلهم أهلهما وذويهما الصبر والسلوان.

أسبوع صعب

وقال وزير التجارة والصناعة، وزير الشباب والرياضة بالوكالة خالد الروضان: "لله ما أعطى، ولله ما أخذ"، مضيفا أن "هذا الأسبوع صعب على الكويت، أمس ودّعنا الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، واليوم نودع شيخين جليلين كانا يقومان بعمل الخير"، ومؤكدا أن "الكويت حزينة على العمل الخيري وحزينة على شيخين سخرا إمكاناتهما كافة لخدمة الإسلام والخير في العالم".

وأضاف أن الإرهاب لا دين له، لاسيما أنه أصاب الكل، مبينا أن هذه الجموع في وداع الشيخين دلالة أخرى على أن العمل الخيري في الكويت متأصل ويسير في طريق كبير جدا، ونحن نعزي أهالي الشهيدين ونعزي الكويت بفقدهما".

الجثمانان عادا إلى الوطن بطائرة أميرية

عاد إلى البلاد فجر أمس الأول جثمانا الشهيدين الكويتيين العلي، والحسيني على متن طائرة أميرية، تنفيذا لتوجيهات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بنقل الجثمانين إلى أرض الوطن.

وكان في مقدمة مستقبلي الجثمانين على أرض المطار وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، وذوو الشهيدين، وحشد من المواطنين والمشايخ وسط حالة من الحزن والأسف الكبيرين، مع الدعاء إلى الله تعالى أن يتغمدهما برحمته في أعلى عليين، وأن يجزيهما خير الجزاء على أعمال البر والخير التي قاما بها، ‏وأن يلهم ذويهما الصبر والسلوان وحسن العزاء.

من جانبه، عبّر النائب عبدالله الرومي عن حزنه الشديد لرحيل الشهيدين، بإذن الله، اللذين وضعا بصمة في العمل الخيري، مؤكدا أن رحلتهما كانت في سبيل الدعوة إلى الله، وهذا أكبر عمل يمكن للإنسان أن يقدمه.

وأضاف أن الجموع الكبيرة في المقبرة أكبر دليل على محبة الناس لهما، ولعل معظم الموجودين لا يعرفون الشهيدين شخصيا، ولكن الحضور الكبير نتيجة السمعة الطيبة التي كانا يتمتعان بها.

مفخرة للكويت

من جهته، قال النائب عبدالكريم الكندري إن اليوم بقدر ما به من الحزن لفقد الشهيدين الشيخين، إلا أن الحضور الموجود في المقبرة وتوافد الكويتيين بكل أطيافهم هو لمواساة أهالي الفقيدين وأهل الكويت بشكل عام، وأضاف أن هذا الأمر ليس بالغريب على أهل الكويت التي تعد صغيرة في المساحة، لكن عرف عنها حب عمل الخير بشتى بقاع الأرض، لافتا الى أن هذا اليوم الذي نودع فيه شيخين عرف عنهما دورهما الكبير في نشر الدعوة الإسلامية والعمل الإنساني مفخرة للكويت، واستكمالا للعمل الإنساني الذي يقوم به سمو أمير البلاد على المستويين الدولي والشعبي.

وأكد الكندري أن الشيخين رفعا اسم الكويت، وما نراه اليوم هو تكريم لهما من المجتمع الكويتي، ودليل على أن الكويت بلد الخير والشهيدين بركة لهذا الوطن، واستمرار للعمل الخيري الكويتي، ونسأل الله أن يتقبلهما ويدخلهما فسيح جناته.

حسن الختام

بدوره، قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فريد عمادي: "رحم الله الشيخين الفاضلين، ونتمنى أن يتقبلهما ربهمها بقبول حسن"، مضيفا أن المقبرة وشهود المعزين لحضور صلاة الجنازة بهذه الأعداد الغفيرة أمارة لأمارات حسن الختام لمحبة أهل الكويت لهذين الشيخين، وحرص الجميع على الصلاة عليهما، لافتا الى أنهما أديا أعظم عمل في سبيل يقدمها العبد لربه، وهي الدعوة الى الله عز وجل، خصوصا أنه كان بين وفاتهما لحظات، حيث أديا صلاة المغرب والعشاء وألقيا الدروس الإسلامية التي كانت شغلهما الشاغل، سائلا المولى أن يجمع الجميع بهما في الفردوس الأعلى.

مكانة رفيعة

من جانبه، قال الوكيل المساعد لقطاع المساجد وليد الشعيب إننا فقدنا شخصيتين لهما مكانة علمية رفيعة في الكويت وخارجها، ولاسيما أنهما كانا يقومان بأنشطة إسلامية دعوية في مختلف دول العالم.

وأضاف أن "هذه الفاجعة خسارة لنا جميعا، لكننا نحتسبهما شهيدين عند الله، ونسأل الله أن يرحمهما ويسكنهما فسيح جناته، مشيرا الى "أنني على علاقة وطيدة مع د. وليد العلي من خلال مزاملته في كثير من اللجان بالكويت وخارجها، بحكم عملي وكيلا لقطاع المساجد".

وقال إن مبادرة سمو أمير البلاد بإرسال طائرة خاصة لنقل الجثمانين دلالة كبيرة على حرص واهتمام سموه بأبنائه بمختلف شرائح المجتمع، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في نفوس أهالي ومحبي الشيخين العلي والحسيني، ونسأل الله أن يرحمهما ويغفر لهما، ويجعل الجنة مثوى لهما.

وقال النائب السابق علي العمير إن الشهيدين العلي والحسيني لهما مآثر طيبة في العمل الخيري والدعوي والعمل الإنساني، ومثلا الكويت خير تمثيل، وكان قدوتهما في العمل الإنساني سمو أمير البلاد، ونسأل الله لهما الرحمة والمغفرة.

النيابة تنعى الحسيني وتعتبر مقتله إرهاباً خسيساً

نعت النيابة العامة نائب مدير نيابة الأسرة فهد الحسيني بعد استشهاده في دولة بوركينافاسو.

وأصدر النائب العام المستشار ضرار العسعوسي نعياً جاء فيه: "بمزيد من الأسى والحزن، ننعى الزميل فهد عبدالمحسن الحسيني نائب مدير نيابة الأسرة الذي روعت الكويت والأسرة القضائية باستشهاده في حادث إرهابي خسيس، وهو يؤدي دوره الدعوى والخيري الذي نذر نفسه له، بتقديم المساعدات الخيرية والإنسانية في بوركينافاسو ضمن مهمة دعوية للجنة القارة الافريقية".

وأضاف العسعوسي أن "النيابة العامة إذ تنعى الفقيد الكريم وتستذكر مآثره إنما تدعو الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه بالصبر، وأن يسكنه فسيح جناته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا".