إذا مضت كوريا الشمالية قدماً في تهديدها بإطلاق صواريخ بالستية نحو الأراضي الأميركية في غوام، فسيصدر الأمر عن كيم يونغ أون نفسه، فهل يعطي كيم الأمر بإطلاق الصواريخ؟

لا يرتبط هذا السؤال بالقدرة التقنية بل بالاستراتيجية، لكن مشكلة محاولة توقع ما قد يقوم به كيم في وضع مماثل تزداد تعقيداً بسبب افتقار العالم الخارجي إلى المعلومات الكافية عن هذا الحاكم.

Ad

وُلد في كوريا الشمالية عام 1984، وهو الابن الأصغر لراقصة يابانية المولد كورية الجذور تُدعى كو يونغ هوي وكيم يونغ إيل، الذي أصبح قائد البلد بعد عقد من الزمن.

بفضل طموحات والدته، أصبح كيم يونغ أون ولي العهد، فقد عُيّن خلفاً لوالده عندما كان في الثامنة من عمره، بما أنه كان يرتدي زي جنرال وكان جنرالات فعليون ينحنون أمامه.

تذكر عمته كو، التي عملت قبل فرارها إلى الولايات المتحدة عام 1998، وصيةً على كيم أثناء متابعته دراسته في سويسرا: "كان من المستحيل أن ينشأ كإنسان طبيعي فيما يعامله المحيطون به بهذه الطريقة".

في الثانية عشرة من عمره، التحق كيم بمدرسة "سويسبيرن" وعاش مع عمته وعمه وأخيه الأكبر سناً كيم يونغ شول في شقة عادية، اعتادت والدة كيم زيارته بانتظام، وكانت أجهزة الاستخبارات تراقبها باستمرار.

استمد العالم معظم ما يعرفه عن كيم كولد من كنجي فوجيموتو، طاهي سوشي ياباني غريب الأطوار شاء حظه العاثر في ثمانينيات القرن الماضي أن ينتقل إلى كوريا الشمالية ليقدّم السمك لكيم يونغ إيل.

في مقابلات معه، وصف فوجيموتو رفض كيم، الذي كان آنذاك ولداً، مصافحة يده أو التعاطي معه وفق آداب التعامل في كوريا، وما زال فوجيموتو يذكر يوم اشتعل كيم، حين كان في العاشرة من عمره تقريباً، في نوبة غضب لأنه دُعي "الجنرال الصغير" يدل "الجنرال الرفيق". تشير روايات أخرى إلى ولد مدلل (حصل على أحدث نسخ من لعبة PlayStation وأحذية Air Jordan) يهوى المنافسة، وفق زملائه في الصف. وفي عيد مولد كيم الخامس والعشرين، أعلن كيم يونغ إيل أنه اختار ابنه الأصغر ليكون خلفاً له، فرُقي بسرعة في صفوف حزب العمال والمراتب العسكرية مع تدهور صحة والده، وعندما توفي هذا الأخير من جراء نوبة قلبية نحو نهاية عام 2011، كان "خلفه العظيم" مستعداً لتسلم زمام السلطة.

منذ ذلك الحين، حطّم كيم الآمال بأن تحوّله ثقافته الغربية إلى مصلح. على العكس ترأس نظاماً لا يقل وحشية عن نظامَي والده وجده.

أمر بإعدام عمه جانغ سونغ ثايك و150 من كبار المسؤولين، كذلك طهّر كثيرين آخرين، بالإضافة إلى ذلك يُعتبر المسؤول عن موت أخيه غير الشقيق، ابن كيم يونغ إيل البكر ومنافسه المحتمل كيم يونغ مانمو، الذي توفي بعد تلطيخ وجهه بسلاح كيماوي في مطار ماليزيا.

عزل كيم أيضاً البلد بإحكام أكبر، لكن المقلق حقاً التقدم الذي حققه في مجال تطوير صواريخ بالستية عابرة للقارات قادرة على بلوغ الولايات المتحدة.

ولكن بخلاف الروايات عن طفولته والتقارير عن كيم التي تقدمها ماكينة نظامه الدعائية، لا نعرف الكثير عنه كإنسان وقائد.

لم يسافر خارج كوريا الشمالية أو يستضف قادة أجانب منذ تعيينه خلفاً لوالده عام 2010، وما من أميركي قابله غير نجم كرة السلة المتقاعد دينس رودمان ومحيطه، فيقول رودمان: "عندما تتحدث إليه، ترى وجهاً مختلفاً. غنينا الكريوكي، استمتعنا كثيراً، وركبنا الأحصنة". بما أن القائدين الكوريين الشماليين السابقين سافرا إلى خارج البلد والتقيا أجانب فقد نجح معدو الأنماط النفسية في بناء صورة شاملة عنهما، لكن غياب المعلومات الاستخباراتية عن كيم يعني أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم تتمكن حتى من إعداد لمحة شاملة عنه، وفق مايكل مادن من منظمة "مراقبة قيادة كوريا الشمالية". يذكر خبير كوري جنوبي يعمل مستشاراً للحكومة في سيول أن كيم يعرب عن بعض "خصال الشخصية النرجسية"،

ويضيف هذا الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه نظراً إلى دقة عمله: "يعتقد أن العالم بأسره يدور من حوله. يغالي في وصف نفسه وتقييمها: ذكاؤه، وسلطته، ونجاحه، كلها أوهام". وعلى غرار أي نرجسي يريد كيم أن يبقى محور الاهتمام.

* آنا فيفيلد

* «واشنطن بوست»