أعلن السيناتور ليندسي أ. غراهام أن المواجهة العسكرية مع كوريا الشمالية صارت اليوم "محتمة" على الأرجح، كذلك غرّدت السفيرة السابقة إلى الأمم المتحدة نيكي هالي أن الولايات المتحدة "انتهت من الكلام" عن كوريا الشمالية، وهدد ترامب أيضاً بـ"نار وغضب لم يشهد العالم لهما مثيلاً من قبل"، ثم ذكر أن هذه اللهجة "قد لا تكون شديدة كفاية".

ردت كوريا الشمالية على هذه النيران الشفهية، متحدثةً عن استخدام "القوة المطلقة" لضرب أراضي الولايات المتحدة في غوام أو حتى "تحويل البر الأميركي إلى مسرح لحرب نووية".

Ad

لكن الكلام الشديد اللهجة عن الحرب لا يقود بالضرورة إلى الحرب، فقد يدفع الخطاب المشتعل الأحداث في أي من الاتجاهين: يؤدي تارةً إلى إشعال فتيل المعركة، ويساهم طوراً في دفع الأطراف إلى الحد من التوتر.

لا تُعتبر الموجة الأخيرة من الاضطرابات التي سببتها كوريا الشمالية ظاهرة جديدة، إذ يناقش الخبراء الأمنيون في واشنطن الرد الأفضل على تهديد نظام كيم النووي منذ أربعة عقود توالت خلالها ثلاثة أجيال من هذه العائلة على الحكم. كذلك افترضت الولايات المتحدة أن كوريا الشمالية تملك رؤوساً حربية نووية في تسعينيات القرن الماضي، علماً أن هذا البلد فجر جهازه النووي الأول عام 2006.

قد تبدأ المواجهة العسكرية مع سعي الولايات المتحدة إلى تغيير النظام بالقوة إما بالإطاحة بنظام كيم أو تأجيج ثورة بين النخبة في هذه الدولة الدكتاتورية المعزولة.

من الممكن أيضاً أن ترد كوريا الشمالية بعنف على استعراض القوة الأميركي المتواصل في جوارها. تجري السفن، والطائرات، والجنود الأميركيون المناورات في المنطقة المجاورة كجزء من تدريباتهم السنوية، كذلك أرسلت الولايات المتحدة قاذفات قنابل من طراز B-1 تتمركز في غوام فوق شبه الجزيرة الكورية الشهر الماضي.

علاوة على ذلك، قد تقدِم كوريا الشمالية على خطوة مستفزة، مثل تنفيذها اعتداء على غوام، اعتداء عبر شبكة الإنترنت على اليابان، أو مناوشات على الحدود بين الكوريتين، علماً أن هذه الحدود الأكثر تسلحاً في العالم.

إذا كانت التهديدات الكورية الشمالية الأخيرة بشأن ضرب غوام تعكس نية حقيقية تتخطى المناوشات الكلامية، فستتمكن الرادارات اليابانية من رصد عملية الإطلاق، مما يدفع السفن الأميركية في المحيط الهادئ إلى توجيه صواريخ لتدمير الرأس النووي الكوري الشمالي، وفق أحد السيناريوهات المطروحة. صحيح أننا قد ننجح في تفادي الأزمة المباشرة، إلا أن كوريا الشمالية قد ترد باستهدافها سفن خفر السواحل الكورية الجنوبية قرب الحدود بين الكوريتين.

أعربت كوريا الشمالية "خلال السنوات الماضية عن مهارة عالية في استخدام القوة بطرق مدروسة بعناية بغية تحقيق أهدافها السياسية"، حسبما يؤكد توماس ماهنكن، رئيس مركز التقييمات الاستراتيجية وتقييمات الموازنة الذي يضع خطط الحروب. ويتابع ماهنكن موضحاً أن كوريا الشمالية تستغل تردد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية النسبي في المخاطرة بخوض حرب.

بالإضافة إلى ذلك، ترتكز سيناريوهات عدة حول مسار الصراع الأميركي-الكوري الشمالي على تفاصيل غير أكيدة عما يريده كيم حقاً. صحيح أن هذا البلد طوّر أسلحة نووية "إلا أنه لا يملك طموحات إقليمية"، حسبما يشير روبرت كارلين من جامعة ستانفورد وروبرت جيرفيس من جامعة كولومبيا في مقال تناول الطرق التي قد تستغل بها كوريا الشمالية موقعها الجديد.

كتبَا: "يبقى السيناريو الأكثر احتمالاً أن تواصل بيونغ يانغ تركيزها على وضعها الداخلي، وخصوصاً اقتصادها، وعلى الطرق التي تتيح لها تخفيف ضغط جيرانها والولايات المتحدة أو إبطال تأثيره".

رغم ذلك، "من المحتمل أيضاً أن ندخل منطقة جبرية كوريا الشمالية الخطيرة، التي يحتل فيها قرار استخدام الأسلحة النووية، وخصوصاً ضد عدوها التاريخي اليابان، مرتبة عالية في لائحة الأهداف الوطنية"، وفق هذين المحللين.

لذلك حذرا من أن القيادة الكورية الشمالية "قد تتصرف بجبرية وتقرر أن الموت "بمجد" أفضل من الهزيمة".

* «مارك فيشر وديفيد ناكامورا»