في الآونة الأخيرة انتشرت موجة عاتية من أمواج المشاريع الصغيرة، فقبل سنتين ما إن ظهر قانون شركة الشخص الواحد، حتى استنفر الجميع إلى التحايل على القانون وفتح كل شخص شركة باسمه دون التزام بالقانون الذي ينص على أن يكون صاحبه هو المدير الأساسي، وبعدئذ تم التجاوز ليكون مديراً آخر لا يعمل في القطاع الحكومي ومتقاعداً، وكل مرة يتم تعديل مثل هذه القوانين، إلا أن إقبال الكثير من موظفي الحكومة على فتح مشاريعهم وهم على رؤوس وظائفهم، سيخلق نفس نمط العمل الذي يؤدونه في وظائفهم، حيث يوكلون مشاريعهم إلى غيرهم، ويأمرون وينهون دون أن يضعوا أيديهم في الصنعة نفسها، إلا من رحم ربي، كما أنهم يستغلون استقدام العمالة لكسب دخل آخر.

لست ضد المشاريع الصغيرة، بالعكس هي بادرة طيبة من باب إنعاش البلد وتحريك عجلة الاقتصاد، فالنفط لن يدوم، ومؤشرات كثيرة تنبئ باقتراب أجله في منطقتنا، لذا من الجميل والرائع أن تركز الحكومات على تبني أفكار الشباب المميزة وتدعمهم وتدخر جهداً في تطوير المشاريع ذات القيمة.

Ad

وهذا ما أود التركيز عليه، فالمشاريع الصغيرة ليست كما يقول المثل: «من طق طبله قال أنا قبله» لا! فمن وجهة نظري يمكنني أن أحكم على المشروع من خلال القيمة المضافة فيه، ما المميز؟ ما الذي يميز مطعم «بيرغر» عن آخر؟ ما القيمة المضافة هل الطعم؟ هل الخلطة؟ هل البهارات؟ وإلا فما الشيء الذي يجعلني أفضل مطعماً على آخر، كما أنه لا يقنعني عندما يُؤْتى بـ»براند» من الخارج ويقال هذا الأفضل، وللأسف، فإن أغلب الناس يصبحون كالقطيع عند رؤية «براند» وشيء من الخارج، فيفضلونه حتى وإن كان خالياً من أي لذة، مجرد اسم، وفي رأيي من يخلق «برانده» بنفسه ويتميز فيه هذا هو الذي أحييه، فمثل هذا هو الذي يتميز ويقدم قيمة مضافة ولا يقف عند حد معين، بل كل مرة يطور ويتفحص منتجاته بنفسه، عبر استفتائه الناس بين فترة وأخرى ليقدم الأفضل في كل مرة، مثل هذه المشاريع هي التي يفترض أن يطلق عليها ناجحة بحق.

حتى إذا كان المشروع مقلداً، فإنه يمكن أن يضيف نكهته الخاصة وقيمة غير موجودة إلا عنده، وبذلك يمكنه أن يخرج عن التقليد، ويستفرد بالصنعة، وقد ورد في الحديث أن «تسعة أعشار الرزق في التجارة».