زادت الحكومة رسوم إدارة الخبراء عدة أضعاف، وأيضاً أقرت ضريبة القيمة المضافة "فات"، مثل بقية دول مجلس التعاون الخليجي (وهو اسم على غير مسمى)، ومن المؤكد أنه في الطريق هناك الكثير من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، أو رفع بعض الدعوم عن السلع والخدمات التي سيتحملها المواطن والوافد، والأخير هو بالعادة "الطوفة الهبيطة" لتحميله ثقل الأزمة الاقتصادية، فقط تخيلوا لو رفع الدعم تماماً عن الكهرباء والماء للسكن وغيره، ماذا سيكون الحال في درجات حرارة تقارب الخمسين؟! خلاصة الكلام هل مثل هذه الإجراءات ستكون مجدية في تجنيب اقتصاد الدولة الكارثة القادمة؟!

جاسم السعدون ذكر في تقرير للشال أن "البطل في المستقبل هو العجز المتصل، ومعه سيفقد التحويل إلى احتياطي الأجيال القادمة أي معنى"، وفي مكان آخر ذكر جاسم أن "أي مصدر في الحكومة عليه أن يدفع ضريبة فقدان الثقة بها". الحكومة تصرح وتعد كثيراً لكن تصرفاتها تشي بغير ما تعد، "... وخير دليل على ذلك العلاج بالخارج وصفقات السلاح المليارية، والرشا، وارتفاع تكلفة الفساد إلى ما بين 600 و700 مليون، إضافة إلى ارتفاع تكلفة المشاريع 25 في المئة عنها في أي بلد آخر...". ومن جديد، لا يبدو أن للحكومة مصداقية في وعودها، وليست هي بالقدوة الصالحة، وبمناسبة الحديث عن العلاج بالخارج قال وزير المالية إن "الحكومة لا تستطيع أن تفعل شيئاً"!! إذن من يستطيع أن يفعل شيئاً لوقف هذا الهدر المالي؟ هل ستكون أمي، وهي في قبرها، القادرة على وقف فوضى وتسيب هذا البند؟ ذلك كان مجرد سؤال للحكومة!

Ad

هنا إقرار واضح بأن العلاج بالخارج مجرد صورة من صور شراء الولاءات من قبل السلطة، فهي لا تستطيع أن تحيا وتستمر بدونه، فكيف يمكنها أن ترد طلباً بالتوسط من نائب أو متنفذ، وتشتري صمته ومباركته بحكم العادة المتأصلة في نهج الحكم؟ ومن أين يأتي الإصلاح والجماعات الجالسة على كراسي السلطة في هذه الحكومة ومعظم الحكومات التي سبقتها لم يتغيروا، أو تغيرت أسماؤهم لكن نهجهم "الريعي" الفاسد في الإدارة باق على حاله؟

نقلت القبس من مجلة "يورومني" في أبريل الماضي عن مسؤول قام "... بسحب تقرير مكون من 130 صفحة من قبل شركة معروفة منذ 2010، يتحدث عن تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي متميز، وقال إنه يمكن كتابة التقرير ذاته اليوم دون أن تغير في المضمون...". وعند سؤاله عن المشاريع الضخمة المذكورة في الخطط السابقة أجاب: لا شيء موجود على أرض الواقع... لهذا السبب يشكك كبار المسؤولين في الشركات المالية حيال الجدول الزمني للإصلاح، ويقول رئيس أحد المصارف: "خطة إصلاح مدتها خمس سنوات تستغرق في الكويت 20 عاماً".

الإصلاح وتغيير نهج الإدارة لمواجهة أزمة الاقتصاد لا يكون بتحميل فراش البلدية عبء المسؤولية، أو ملاحقة الوافدين العاملين في رواتبهم وعلاجهم الصحي، وإنما يبدأ من فوق ومن الأعلى، هناك أمل وبصيص من نور ظهر عندما وقف وزير الديوان الشيخ ناصر صباح الأحمد في رمضان الماضي، وتحدث بصراحة ووضوح عن الهم الكبير الذي يواجه الاقتصاد، وطرح تصوراً لتحقيق رؤية 2035 عبر طريق الحرير وتطوير الجزر، رغم أن الحكومة في ترويجها لمشروع رؤية 2035 وما تم إنجازه، لم تأت على ذكر مشروع طريق الحرير أبداً، ما السبب؟ لعل أولويات حل معضلة العلاج بالخارج استغرقت كل وقتها، مسكينة الحكومة، ومستقبل الديرة مسكين أكثر منها.