أكّد أستاذ الإعلام صفوت العالم أنه كان لا بد من أن يعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر مرتكزاته التي يستمد منها عقوباته، فضلاً عن تدرجاتها، التي تبدأ بالإنذار ثم التغريم انتهاءً بوقف البرنامج وليس منع بث القناة.

وأضاف لـ «الجريدة» أن المجلس تشكّل من أربعة أشهر ولم يوضح القواعد المهنية والعلمية التي تعمل على أساسها القنوات»، مطالباً بحوار مجتمعي بين المجلس والقيمين على الإعلام للتوصّل إلى صيغة محددة و«دستور مهني»، بحسب وصفه.

Ad

واستطرد العالم: «لا يصح أن يتحكّم المزاج بهذا الأمر. فجأة تصدر توصيات بوقف بث قنوات، مع عدم النظر إلى عواقب الأوامر، سواء ما يتعلق بخريطة الإعلانات أو الدراما، أو البرامج الأخرى التي لم ترتكب الأخطاء».

اتفق معه في الرأي الخبير الإعلامي د. ياسر عبد العزيز في ضرورة وضع المجلس نقاطاً تحدّد طبيعة العمل الإعلامي وتوصيف المخالفات المتوقعة بدقة، ويكون بعدها تحديد العقوبة وفقاً لكل مخالفة.

ويعتبر الإيقاف المؤقت لبث القنوات عقوبة كبيرة لا تتم إلا في الوقائع الكبرى، وتطبق في بعض الدول في حالة التمييز، أو التحريض على العنف، أو بث الكراهية.

رأي النقد

وصفت الناقدة الفنية حنان شومان القرارات التي يتخذها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بـ«غير المهنية»، متسائلة: «هل يحقّ لقانون المجلس وقف بث القناة، وما هي المعايير التي وضعها المجلس لتأديب القنوات المخالفة؟».

وأرجعت شومان عدم مهنية قرارات المجلس الأخيرة إلى سن أعضائه وعدم مواكبتهم العصر والتطور التكنولوجي، على حد قولها.

أكّدت شومان أن فكرة المنع أصبحت «صيحة قديمة» لوجود وسائل أخرى تستطيع نشر الممنوع كشبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها.

استشهدت شومان بما يعرف بـ«محرر القراء» الذي يعين من إدارة المؤسسة الإعلامية وهو المسؤول عن تلقي الشكاوى من المشاهدين أو القراء، والتحقيق في الشكاوى واتخاذ تصرف معلن، ليكون مراقب جودة على المحتوى من دون تدخل أو رقابة خارجية.

وأكّدت شومان أن الغرامة المالية وسيلة ردع للمخالفين في ظلّ وجود برامج تقدّم انتهاكات صارخة في حق المشاهد، قائلة: «من غير المنصف وقف بث قناة من دون تدرج في العقوبة، والغرامات حلّ أفضل، فلو دفع ملاك القنوات غرامات لتوقفوا عن الانتهاكات».

من جهتها، أكّدت رئيسة لجنة الرصد والقيم في المجلس سوزان قليني، أن وظيفة المجلس تنظيف المشهد الإعلامي مما وصفته بـ«الفوضى الإعلامية».

وأضافت القليني: «نريد إعلاماً حراً ومسؤولاً، فلا وجود لحرية مطلقة وإلا أصبحت مفسدة مطلقة، فالحرية مرتبطة بالمسؤولية تجاه المجتمع».

وقف وتوصيات

كانت لجنتا الرصد والشكاوى في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أوصتا بوقف بث محدود المدة لقنوات «LTC، والعاصمة، والنهار» بسبب ما تضمنته برامج «صح النوم» للإعلامي محمد الغيطي، و«انفراد» لسعد حساسين، و«صبايا الخير» للإعلامية ريهام سعيد، من مخالفات وانتهاكات جسيمة وارتكاب جرائم إعلامية وليس أخلاقية فحسب.

وأرجأت اللجنتان توصيتهما إلى اجتماع المجلس الذي انعقد الأربعاء 2 أغسطس، وقال رئيس لجنة الشكاوى جمال شوقي إن برنامج المذيع محمد الغيطي استخدم خلال الأسبوع الأخير ألفاظاً بعيدة عن المهنية والتعامل الإعلامي الراقي المحترم.

وأضاف شوقي خلال مؤتمر صحافي عقده أخيراً أن مخالفة قناة LTC ليست الأولى، لافتاً إلى تضمّن برنامج المذيعة شيماء جمال واقعتين، الأولى أثناء تناولها ما وصفته بـ«الهروين» على الهواء، والثانية استضافة إحدى العاملات في المنازل والتحدث عن علاقة غير شرعية بينها وبين رب المنزل.

كذلك استضاف المذيع سعيد حساسين على قناه «العاصمة» ضيوفاً تلفظوا بالشتائم واتهامات بالخيانة والعمالة، فضلاً عن رفع الأحذية.

واستطرد شوقي: «هذه جريمة أخلاقية، فضلاً عن تضمن الحلقة إهانة للشعوب العربية الشقيقة، وفي مقدمها السعودي والعراقي والإيراني، ما يؤثر في مصالح المصريين العليا مع هذه الدول».

كذلك لفت إلى استضافة ريهام سعيد سيدة وما سمته عشيقها في «صبايا الخير»، مؤكداً أن تلك المخالفات تسيء إلى الإعلام المصري قبل الإساءة إلى أصحابها.

وقال شوقي إن من ضمن توصيات اللجنتين إحالة المذيعين الثلاثة وفريق إعداد برامجهم إلى التحقيق في نقابة الإعلاميين، فضلاً عن تعهد القنوات بصرف رواتب العاملين طوال مدة وقف البث المحدود وكتابة سبب التوقف ونص قرار المجلس الأعلى في هذا الشأن، وإعلانهما في القنوات.

وقرّر المجلس الأعلى للإعلام في اجتماعه الأخير بناء على توصيات اللجنتين وقف كل من برنامج «صبايا الخير» على «النهار»، و«صح النوم» على فضائية LTC، و«انفراد» على فضائية «العاصمة»، فضلاً عن توجيه إنذارات إلى تلك القنوات بسحب الترخيص، متراجعاً عن قرار وقف بث القنوات.

نقابة الإعلاميين: سنتصدى للتجاوزات بكل قوة

أصدرت نقابة الإعلاميين بياناً لها أكّد خلاله نقيب الإعلاميين في مصر حمدي الكنيسي أن النقابة ستتصدى بكل قوة لما وصفه بـ«التجاوزات»، لمنعها، ذلك لضبط المشهد الإعلامي الذي ينزلق إلى تجاوزات، يدفع المجتمع المصري ثمنها غالياً.

وحاولت «الجريدة» التواصل مع الإعلاميين السابق ذكرهم للرد على قرارات المجلس، إلا أن بعضهم رفض الرد، فيما لم يجب البعض الآخر أصلاً، وعلمت من مصدر مسؤول في قناة «النهار» أن ثمة مفاوضات ودية بين القيمين على برنامج «صبايا الخير» والمجلس والنقابة للتراجع عن قرار الوقف.