شاركت قبل أيام مع منظمة "سلام" العالمية الداعية إلى السلام والفكر المشجع عليه التي قام بتأسيسها الدكتور صلاح الرشد، وأرسلنا نية سلام وأمان إلى المسجد الأقصى. وهذه المجاميع منتشرة في أنحاء العالم، توحدت نواياها لإرسال مثل هذه النية السامية والسلامية بقلوب ملئها الحب والسلام إلى الأقصى الحبيب في آن واحد، يأتي ذلك في حين أخبرني أخي أنه بعد حضوره صلاة الجمعة (قبل الماضية)، وسط تكثيف جميع المساجد خطبها لنصرة الأقصى، وقف أحد نواب مجلس الأمة السابقين بعد الخطبة يحرض ويدعو بطريقة غير مباشرة للجهاد ونصرة الأقصى، وهو ما استنكره أحد رواد المسجد وكان رجلاً كبيراً في السن، فقلت في نفسي: فعلاً ذلك الرجل مازال على الفطرة، وخير نصرة للأقصى الدعاء له ولأهله، وليس أفضل من الدعاء إلا أن نرسل لهم أدعية محملة بالنوايا السلامية ليس فقط للأقصى بل لكل العالم.

فَلَو عشنا بهذه النية التي لها بالغ الأثر في تغيير مسار الكون واتفق الجميع على العيش بسلام، والعيش على الفطرة التي فطر الله الناس عليه، لاختفت الحروب وأحب كل إنسان أخاه الإنسان، ولم يحمل في قلبه الغل والعداوة.

Ad

حتى لا يخرج الموضوع من بين أيدينا دعونا نضع بعض الحلول التي تساهم في نصرة الأقصى دون اللجوء إلى العنف، أقول العنف، لأن أي حل نضعه تكون فيه مقاومة وعداء وكراهية مع عمل الحملات ضد إسرائيل وأميركا، لن يكسبنا إلا مزيداً من التدمير والخراب للأقصى، ومن هنا لا أقول علينا ألا نتصدق أو نتبرع بما تجود به نفوسنا، ولا أقول بألا نوعي الجيل القادم بتاريخ المسجد الأقصى العظيم، ومسرى الأنبياء، ولكن علينا أن نفعل ذلك دون إثارة الكره والعداوة في نفوسهم، وكذلك لا أقول بأن نتوقف عن الدعاء لهم، بل أفضل الحلول أن ندعو لهم مع التوقف عن الدعوة على اليهود والنصارى وجميع الأعراق والأديان، فعلينا أن نهذب أدعيتنا وندعو بالسلام وأن نتعايش بسلام على هذه الأرض الواسعة، ونعيد النظر في الدعاء الذي نرسله تجاه الآخرين، ماذا يحمل في عمق نواياه: هل الإبادة والإطاحة بالطرف الآخر والهلاك، أم الدعاء بتوجيه الشرور إلى مكان آخر غيري؟

هنا علينا الانتباه والوعي بطبيعة الصيغ الدعائية التي ندعو بها، فعلى سبيل المثال، هل دعا الرسول، صلى الله عليه وسلم اللهم عليك باليهود والنصارى؟ بل إنه لما رآى جثة يهودي تمر من أمامه تحسر عليها، وقال "نفس تفلتت من يدي"، من هذا المنطلق تظهر سماحة الإسلام، الذي هو دين السلام والتسامح، كما أن من أسماء الله تعالى السلام، ودئماً نختم في صلاتنا "اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام، فتباركت يَا ذَا الجلال والإكرام"، أفيعقل بعد ذلك أن ندعو بالحروب والتدمير والهلاك على غيرنا، إن مثل هذه الشخصيات التي تفعل ذلك إنما هي مصابة بانفصام الشخصية، فعد وانظر إلى صيغة الدعاء الذي توجهه حتى إذا جاءك نقيضه اسأل نفسك بما دعوت؟! فما هو في الداخل يكون في الخارج.