حرية التعبير قبل أن يكفلها الدستور صنعتها الأعراف الاجتماعية والأديان وهذبتها ونظمت حدودها الأخلاق والقيم الإنسانية وأخضعتها لاعتبارات مصلحة المجتمع حتى لا تكون وسيلة لانتهاك حقوق الأفراد ومعول هدم لأركانه.

تداعيات أزمة قطر وعودة الدواعش وهروب بعض المحكومين في خلية العبدلي قضايا مهمة والتعاطي معها أمر طبيعي لكن استغلالها بهذه الطريقة للنيل من وحدتنا الوطنية باستخدام لغة التشكيك وطعن بعضنا في ولاء بعض بغية الوصول إلى الفتنة الطائفية من قِبل أبواق مرتزقة التكسب السياسي وأصحاب الأجندات وكل إمعة يبحث عن الشهرة على حساب الوطن يجب التصدي له مجتمعياً بكل حزم.

Ad

أزمة قطر تكفل سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، بمتابعة حلها بين الأشقاء، وبدعم ومباركة المجتمع الدولي، لذلك لا يوجد مبرر للاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك، فأي تصعيد لا يَصب في خانة الحل إذا كنّا فعلاً مؤمنين بوحدة شعوب مجلس التعاون الخليجي والتي يكفيها الشحن الإعلامي الذي يمارس عليها هذه الأيام من بعض الأقلام والقنوات المأجورة، مما يتطلب الحذر من إسقاط هذه الأزمة على مكونات المجتمع الكويتي.

عودة الدواعش وغيرهم ممن انضموا إلى بعض التنظيمات الإرهابية عبر التسويق لفكرة إعادة تأهيلهم كلام بدأ من الغرب، ومن بعض المسؤولين، قابله امتعاض شعبي، فقبول مثل هذا الطرح مرهون بالإجراءات القانونية التي ستتخذها الحكومة في حال عودتهم باعتبارهم مجرمي حرب حتى تثبت براءتهم.

على سبيل المثال، تونس قبلت عودة أبنائها لكنها وضعت الآليات اللازمة لضمان عدم ضلوعهم في ارتكاب أي جرائم أثناء تواجدهم مع تلك التنظيمات بتقديمهم للقضاء، ومن تثبت عليه التهمة يحاكم ومن تتم تبرئته يخضع لبرنامج تأهيلي يضمن عدم عودته إلى تلك التنظيمات، بحيث لا ينتهي الأمر بهم من ضمن الخلايا النائمة ليصبحوا قنابل موقوتة بيد التنظيم يستخدمها متى ما شاء.

السؤال الذي يطرح في موضوع الدواعش يكمن في محاسبة من؟ دعاة النفير وتجهيز الجيوش ومتلذذي نحر الرقاب أم الشباب الذي غرر بهم تحت عنوان الجهاد؟

أخيراً، خلية العبدلي... ما تبعها من تشكيك وطعن في ولاء طائفة كاملة أكثر خطورة من الجريمة نفسها، لاسيما أن القضاء قد فصل فيها، لكن خبر هروب بعض المحكومين جعل منها مرةَ أخرى مادة دسمة للإعلام ومادة للتسويق الطائفي للأسف الشديد، فإن كان الدواعش يمثلون أنفسهم فهؤلاء أيضاً لا يمثلون إلا أنفسهم، لكن الواقع الذي نعيشه يُبين نوايا البعض في استغلال الطائفية بكل شاردة وواردة.

الطائفية أشبهها بالعملة المعدنية التي يرميها الحكم لتحديد ضربة البداية، وبعدها لا يهم أي من الفريقين يختار أي جانب من الملعب، فكلاهما سيلعب، وكذلك الطائفية لا يهم من يبدأ فكلا الفريقين سيدخل اللعبة.

لنستذكر أيام الغزو، لا أعادها الله ولنستحضر الروح الوطنية والبطولات التي عاشها وقدمها الشعب الكويتي حيث كان الدين لله والوطن للجميع، ولنبعد التعصب النتن عن نفوسنا ولنعتبر من الأزمات التي تمر بوطننا العربي، فنعمة الأمان لا يشعر بها إلا من فقدها.

اللهم أدم علينا نعمة الأمن والأمان، واحفظ سمو الأمير وسمو ولي عهده الأمين، وأبعد الشر والفتن عن الكويت وأهلها... ودمتم سالمين.