رغم عدم تفضيلي، بل نبذي في كثير من الأحيان، للحديث عن التقسيمات الطائفية أو العائلية أو القبلية، فإن الواقع المؤسف يجبرني أحيانا على الحديث بهذا الشكل والأسلوب لتشخيص المشكلة ومحاولة إيجاد حلول لها لا لتأييدها أو تعزيزها.

سعيت وسأظل أسعى، والكثيرون معي، للتغيير، ولن أتوقف إلى أن يتحقق هذا التغيير، فمن غير المقبول أبدا أن تهيمن التيارات الدينية الشيعية على التمثيل السياسي لطائفة بأكملها، رغم عدم تمثيل تلك التيارات الدينية الفعلي للتوجه الفكري الحقيقي لكثير من أبناء هذا المكون. "السُّنة ما يصوتون للشيعة"... هي عبارة يدافع بها بعض من يفضّل أبناء مذهبه في التصويت على الكفاءة من المذهب الآخر، وهذا الدفاع ضعيف ومردود عليه بأن النماذج الشيعية التي تقدم بقوة في العمل السياسية غالبيتها العظمى من التيارات الدينية، وبالتأكيد فإن هذه النماذج لا تستقطب أو تستهوي السُّنة للتصويت لها، فالمتدين السني سيتجه إلى التصويت للتيارات الدينية السنية، أما الليبرالي منهم فلن يختار نموذجاً دينياً سنياً ولا نموذجاً دينياً شيعياً طبعا، فتتقلص خياراته إلى السني غير المنتمي إلى التيار الديني السني فقط، لأن الليبرالي الشيعي لا يحظى بفرص جيدة للفوز، لأن الكثير من أبناء المذهب الشيعي يختارون التيارات الدينية الشيعية، وبالتالي يتولد الشعور بأن التصويت لليبرالي شيعي هو إهدار للصوت الانتخابي.

Ad

مازال الكثيرون من أبناء الطائفة الشيعية يعتقدون أن هناك ظلماً مجتمعياً يقع عليهم، سواء في المناصب أو التوظيف وغيرهما، وهو أمر قد يكون صحيحاً نسبياً في بعض قطاعات الدولة، ويبقى السؤال على مدار أكثر من 30 عاماً هل تمكن من تمنحونهم أصواتكم من التيارات الدينية الشيعية من رفع هذا الظلم؟!

لم يتغير شيء وما زلتم تشكون ذات الظلم، وفي كل انتخابات تتجهون إلى مراكز الاقتراع لاختيار نفس التيارات الدينية، وإن تغيرت بعض الأسماء وأحياناً لا تتغير الأسماء أيضاً!

تكرار الفعل نفسه وتوقع نتائج مختلفة هو ما وصفه أينشتاين بالغباء.

اكسروا هذا القيد غير المفهوم أو المبرر الذي أدى إلى اختطاف رؤاكم وغيّب العديد من الكفاءات، ولم يرفع الظلم الذي تشكونه عنكم، فأصواتكم مختطفة ومُسيّرة حسب أهوائهم ورغباتهم لا لمصلحتكم أبداً.