في وقت تواصل الكويت بقيادة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، جهودها لاحتواء أسوأ أزمة يشهدها مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه، نقل رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الخارجية صباح الخالد رسالة من سمو الأمير إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس، تناولت آخر المستجدات بالمنطقة والعلاقات الثنائية.

والتقى الخالد السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة. وقالت "كونا" إن "الخالد نقل تعازي الكويت أميراً وحكومة وشعباً على الحوادث الإرهابية الأخيرة التي استهدفت مصر، مجدداً التأكيد على دعم الكويت لكل الجهود التي تتخذها لمحاربة الإرهاب، وترسيخ عناصر الأمن والاستقرار على أراضيها".

Ad

من ناحيته، صرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الخالد نقل للسيسي في بداية اللقاء تحيات سمو الأمير، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع مصر على مختلف المستويات. كما أعرب وزير الخارجية الكويتي عن تطلع بلاده لاستضافة اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لبحث سبل تطوير التعاون في مختلف المجالات.

وذكر المتحدث الرسمي أن السيسي طلب نقل تحياته لسمو الامير، معرباً عن "تقدير مصر للمواقف التي لا تنسى لدولة الكويت الداعمة لإرادة الشعب المصري، الذي سيظل يحمل أصدق مشاعر الامتنان والمحبة للشعب الكويتي ولصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وما يمثله من قيمة عربية كبيرة وقيادة حكيمة". وأعرب الرئيس المصري عن "حرص مصر على مواصلة التشاور والتنسيق مع الكويت حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

وفي وقت سابق، التقى الخالد نظيره المصري سامح شكري. وصرح المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن "شكري عبّر في مستهل اللقاء عن تقدير مصر للمساعي الحميدة لصاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، وللدور الذي يقوم به وزير الخارجية الكويتي لتسوية الأزمة مع قطر".

وبحسب المتحدث، أكد شكري لنظيره الكويتي "تمسك مصر بقائمة المطالب المقدمة لدولة قطر، واستمرار العمل بحزمة التدابير والإجراءات المتخذة ضدها، على ضوء ما تلمسه دول الرباعي من استمرار قطر في اتباع نهج المماطلة والتسويف، وعدم اكتراثها بالشواغل الحقيقية التي عبرت عنها الدول الأربع، وتطلعات شعوب المنطقة في التصدي بحزم لخطر الإرهاب والتطرف".

وأضاف المتحدث أن "الشيخ صباح الخالد أكد خلال اللقاء أن الجهود التي تبذلها بلاده تأتي في إطار رغبتها في حلحلة الأوضاع، والتوصل إلى حل شامل للأزمة، وهو ما ثمنه شكري".

وأجرى الخالد، الذي وصل إلى القاهرة أمس، مباحثات مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في وقت فرضت مصر ابتداء من الخميس تأشيرة دخول على القطريين.

في غضون ذلك، أصدر مجلس الوزراء السعودي بيانا أمس تمسك فيه باستمرار العقوبات المفروضة من قبل الدول الأربع على الدوحة لحين تنفيذها المطالب العادلة التي تضمن التصدي للإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، والتي جاءت في البيان المشترك الصادر عن الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة بشأن الأزمة.

ورحب مجلس الوزراء السعودي، في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي برئاسة الملك سلمان، بالقرارات الصادرة من مجلس وزراء الإعلام العرب في ختام الدورة العادية الـ48، مشيدا بتأكيد المجلس ضرورة التضامن بين الدول العربية لمواجهة الإرهاب، ومطالبته بتجفيف منابع تمويله، وضرورة مواصلة الجهود والتنسيق على المستويين الإقليمي والعالمي لدحره واجتثاثه.

مراقبة وتهدئة

في موازاة ذلك، شدد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على الحاجة إلى "مراقبة دولية في الأزمة بين قطر وجيرانها العرب"، ورأى أن الضغوط التي تمارس على الدوحة من قبل الدول الأربع المقاطعة لها "تنجح".

وقال قرقاش، في تصريحات أدلى بها في لندن أمس، "نريد حلا إقليميا ومراقبة دولية"، مضيفا: "نريد التأكد من أن قطر، الدولة التي تملك احتياطيا نقديا قيمته 300 مليار دولار، لم تعد راعية بشكل رسمي أو غير رسمي للأفكار الجهادية والإرهابية"، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل عن المراقبة المقترحة.

واعتبر ان "مذكرة التفاهم التي وقعتها الولايات المتحدة وقطر الثلاثاء الماضي بشأن تمويل الإرهاب تمثل تطورا إيجابيا"، وجاءت نتيجة نجاح الضغط الرباعي على الدوحة، مضيفا: "نحن مستعدون لأن تستغرق هذه العملية وقتا طويلا".

ووقعت واشنطن والدوحة مذكرة التفاهم عندما زار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قطر في جولة استمرت ثلاثة أيام لدول الخليج العربية، في محاولة لإنهاء الأزمة التي اندلعت في 5 يونيو الماضي.

وكانت القوى العربية الأربع قالت في وقت سابق إن مذكرة التفاهم لم تخفف مخاوفها، وإنها ستراقب عن كثب جهود قطر لمكافحة تمويل الإرهاب.

وفي خطوة لتهدئة مخاوف بشأن تأثير الأزمة على مصالح الشركات الأجنبية العاملة في منطقة الخليج، والتي ترتبط علاقتها بطرفي الخلاف، أبلغ قرقاش، الذي كان يتحدث أمام منتدى اقتصادي في مركز دراسات تشاتام هاوس لندن، أن الإمارات لن تُصعد إجراءاتها ضد الدوحة بأن تطلب من الشركات الأجنبية الاختيار بين العمل معها أو مع قطر.

ودعا قرقاش قطر للعودة إلى طاولة المفاوضات، مؤكداً أن الدول المقاطعة للدوحة لا تسعى إلى تغيير نظامها وإنما سلوكها. واتهم البنك المركزي القطري بتمويل عمليات إرهابية.

وأوضح أن الدول الأربع لا تريد التصعيد ولا تغيير السياسة المستقلة للدوحة إنما تريد تغيير "تأييدكم للتطرف والإرهاب".

وأقر قرقاش بأن مجلس التعاون، الذي تأسس عام 1981 "في حالة أزمة"، ورأى أن إخراج قطر منه "لا يخدم أهدافه".

وقال: "لا يمكنكم أن تكونوا عضواً في منظمة إقليمية مكرسة لتقوية الأمن والمصلحة المشتركة وفي الوقت نفسه تلحقون الضرر بأمنها. لا يمكن أن تكونوا أصدقاءنا وأصدقاء تنظيم القاعدة في الوقت نفسه".

وأضاف "ما نريده هو إما التوصل إلى اتفاق أو أن تتدبر الدوحة أمورها كما تشاء، ويمكننا المضي نحو صياغة علاقة جديدة".

من جانب آخر، نفى قرقاش أن تكون الإمارات مسؤولة عن اختراق مزعوم لمواقع قطرية رسمية تم نشر تصريحات منسوبة إلى أمير قطر تميم بن حمد عليها أشاد فيها بحركة "حماس" ووصف إيران بأنها "قوة إسلامية" وأعقبها اندلاع الأزمة.

وأكد قرقاش أن تقريراً أوردته صحيفة "واشنطن بوست" بشأن الاختراق "كاذب". ونقل التقرير عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن "الإمارات خططت لاختراق موقع وكالة الأنباء القطرية".

في المقابل، أكدت قطر أن تقرير "واشنطن بوست" يثبت صحة التحقيق، الذي أجرته الدوحة بالاشتراك مع مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي بشأن الواقعة وخلص إلى مشاركة إحدى دول المقاطعة باختراق المواقع القطرية، والذي تم الإعلان عنه أواخر يونيو الماضي. وقالت إن ارتكاب جريمة القرصنة من قبل دولة خليجية يعد خرقاً للقانون الدولي.

بن زايد ولودريان

وفي وقت سابق، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى التهدئة، في مسعى لحل الأزمة الخليجية.

وقال لودريان في أبوظبي، التي شكلت محطته الأخيرة في إطار جولة خليجية استمرت يومين، "من المحبذ أن يستطيع الأطراف الانخراط في عملية تهدئة لا غنى عنها من أجل أن تُجرى المفاوضات في أجواء بناءة".

والتقى الوزير الفرنسي مساء أمس الأول ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد بن زايد، وشدد على أن "مكافحة الإرهاب هي الأولوية رقم واحد" من خلال "مكافحة كل أشكال تمويل ودعم الإرهاب". وأمل ألا يكون المدنيون "ضحايا للتوترات الحالية" بين قطر والبلدان الخليجية المقاطعة لها.

وكان لودريان استهل جولته الخليجية بزيارة قطر والسعودية السبت الماضي، ثم توجه لاحقاً إلى الكويت، وجدد دعم جهود الوساطة الكويتية في الأزمة التي اعتبر أنها يجب أن تحل "بين دول الخليج نفسها".

تدريبات قطرية

في سياق آخر، بدأت القوات البحرية القطرية أمس الأول تمرينا بحريا مشتركا مع القوات البحرية الملكية البريطانية، في المياه الإقليمية لقطر.

ويشمل التمرين تدريبات خاصة بعمليات الاقتحام والتفتيش، إضافة إلى مناورات بالذخيرة الحية والتزود بالوقود في عرض البحر وكسح الألغام.

وتأتي هذه التمارين بناء على طلب من القوات الملكية البريطانية، ووفق اتفاقيات مسبقة بين الجانبين، في إطار التعاون الدفاعي الثنائي بين البلدين لدعم جهود مكافحة الإرهاب وعمليات التهريب وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.

وكانت القوات القطرية أجرت مناورتين مع قوات أميركية في 16 و18 يونيو الماضي، وتمرينا مع القوات البحرية الفرنسية في 22 من الشهر نفسه.