في أواخر أربعينيات القرن الماضي شرع رجل الأعمال الكويتي المرحوم عبدالله الملا في إنشاء مصنع للسجائر بالكويت، وتم اختيار اسم "كارانيت" و"بو ولد" لأول علبتين من إنتاج المصنع، ولم تكن هناك صحف أو أية وسائل إعلام يتم الإعلان فيها عن هذه السجائر، فتمت الاستعانة بالشاعر الشعبي الشهير فهد بورسلي، الذي كتب عنوان كل علبة سجائر في بيت من الشعر الخفيف والبسيط، بحيث يتم ترديده بيسر وسهولة... وما إن حفظ الأطفال الذين أوكلت إليهم مهمة ترديد الأبيات، حتى شاع الإعلان في كل أرجاء الكويت، وانتقلت عدوى ترديد المنغمة من منطقة شرق فالمرقاب، لتصل إلى القبلة بشكل مدهش، حتى أصبح الشغل الشاغل لقطاعات كبيرة من النشء الصغار، فأخذوا يرددونه مصحوباً بالتصفيق والحركات الإيقاعية، والفضل يعود للشاعر بورسلي الذي جعل الإعلان وكأنه مطلع أغنية منغمة بأسلوب السهل الممتنع.

Ad

"دخنوا يا أهل الكويت

من ﭼجاير كرانيت"

"دخنوا يا أهل البلد

من ﭼجاير بو ولد"

وكان الأطفال ما إن يخرجوا من مدارسهم حتى ينطلقوا زمراً ومجموعات تتغنى وتصفق مع حركات إيقاعية أقرب ما تكون إلى الدبكة الشامية، وبحماس منقطع النظير وحيوية متدفقة لمن هم في مثل أعمارهم... وكل هذا بالمجان.

***

• مع أن الشركات في العالم ترصد ميزانيات كبيرة لإعلاناتها، وتتفنن في إيجاد وسائل للاتصال بالجماهير، نجد أن الإعلانات الأولى في الكويت كانت بسيطة كبساطة أهلها، والتي كانت تصل في بعض الأحيان إلى أن شخصاً يمر بالطرقات العامة والأزقة ويصرخ بأعلى صوته مبلغاً سامعيه بإعلان رسمي صادر عن الحكومة يختمه بقوله: "والحاضر يبلغ الغايب".

• ولما كانت دراساتي في أميركا منصبة على الإعلام، كنت أكتب لأساتذتي هذه النوعية من الإرهاصات الإعلامية الأولى في الكويت، فكانت تحظى لديهم بالقبول والإعجاب بل والدرجات المتميزة.

• أتمنى على قسم الإعلام في جامعة الكويت أن يرصد تلك الظواهر الإعلامية البدائية، وبذلك يكون قد قدم خدمة عظيمة في الدراسات المقارنة بين إعلان الأمس وإعلان اليوم في الكويت.