قال المدير العام للبلدية م. أحمد المنفوحي، إن «البلدية لم تأت بجديد، بل أحسنت استخدام ما هو موجود، إذ لم يكن من المقبول أن نتمتع بكل أدوات التواصل الاجتماعي على هذا النحو الذي نراه ولا نستفيد منه، وخصوصاً أن المواطن والمقيم يستخدمانها على مدار الساعة فهي لصيقة بهما تتحرك معها أينما ذهبا وتدور معهما كيفما دارا».

وأضاف المنفوحي لـ«الجريدة»: «مادمنا قد ارتضينا من البداية الشفافية أسلوباً لعملنا ونهجاً لتخطيطنا، فلا خوف إذن من هذه الانفتاحة على الجمهور بهذه الوسيلة السهلة من حيث الاستخدام، والأسرع من حيث الانتشار، وعليه كان لزاما علينا أن نتحلى بشجاعة الرجال ونحن نقدم على هذه الخطوة التي نعي أنها قد تكون سلاحا ذا حدين».

Ad

وتابع: «صممنا على الاستفادة من الجانب الإيجابي للتواصل الاجتماعي، واستهدفنا في المقام الأول مشاركة المجتمع المدني لنا في الرقابة، فتفاعل الجمهور مع تلك الحسابات، وازدادت ثقة الناس بنا، بعد أن شعروا بالجدية في الأسلوب والمصداقية قي العمل والشفافية في التواصل، وهو ما كنا نحتاج إليه ويتطلع إليه الناس أيضا».

وأشار إلى أن «تلك الحسابات لم تكن لاستقبال الشكاوى المصورة ميدانيا فحسب، بل سخرناها للتوعية التي كنا نبث مادتها باللغتين العربية والإنكليزية على مدار الساعة، وما أسعدنا هو أن الناس باتت تبادر بتوجيه الأسئلة والاستفسارات لنا للوقوف على المعلومات الصحيحة»، مؤكدا ان «هذا مكسب كبير تحقق من هذه الخطوة، فما يهمنا في المقام الأول هو بث التوعية، إذ كلما كان هناك مجتمع واع قلت الأخطاء وتدنت العقوبات، والحمد لله تعالي فقد كان من نتيجة هذا النهج أن قلت الإشاعات إلى أدني حد لها».

وبين المنفوحي أن «الشكاوى الموجهة للبلدية في الصحف أصبحت نادرة بعد أن كانت ظاهرة، واستطعنا ان نحوز ثقة المواطن، الذي كان يرسل الشكوى مصورة، فيتم في التو إشعاره بوصولها لنا، ومن ثم إخباره أولا بأول بمجريات وخطوات التعامل معها، وهنا شعر بالأمان وأعطانا ثقته وتفاعل أكثر معنا».

وأقر بأن هذه الوسيلة سلطت الضوء أيضا على بعض السلبيات في البلدية، مضيفا: «لا نخجل حين نقول بذلك، فما دام هناك عمل ستكون هناك سلبيات، والمهم أن يتم تعزيز الإيجابيات ومحاصرة السلبيات، ومادام ليس لدينا ما نخفيه فإننا نعترف بأي قصور بشجاعة، ونصر ونجتهد في معالجته، وسنواصل هذا النهج ونعززه ونعظمه».

منصة إعلامية

من ناحيته، كشف مدير إدارة العلاقات العامة بالبلدية عبدالمحسن أبا الخيل أن توجيهات المدير العام كانت تتمحور في ضرورة إحداث نقلة نوعية في العمل، تتضمن ابتكار وسيلة تواصل سريعة ومباشرة وناجزة مع الجمهور ووسائل الإعلام المختلفة، فكان التفكير من هذا المنطلق في إنشاء حسابات رسمية للبلدية على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، وإنستغرام وفيسبوك)، إضافة الى قناة للبلدية على «يوتيوب» بحيث تكون هذه الحسابات بمنزلة ناطق رسمي للبلدية في مواقع التواصل.

وأضاف أبا الخيل لـ»الجريدة»: «تعاونا مع إدارة مركز نظم المعلومات في إنشاء هذه الحسابات، لكي تكون موثقة ومعتمدة، ومنعا للازدواجية في التصريحات من قبل أناس غير معروفين، وللحيلولة دون اختراقها، ومن ثم كانت الانطلاقة في أغسطس من العام الماضي».

وبين أن «التواصل مع الجمهور والإعلاميين حدث مباشرة بكل شفافية، إذ اعتمدنا فريقا من ادارة العلاقات العامة لاستقبال الشكاوى المصورة والتساؤلات والاستفسارات الخاصة بأعمال البلدية، حيث يقوم وبشكل سريع بتحويل الشكاوى المصورة الى جهة الاختصاص وإعلام الشاكي بذلك والمتابعة معه أولا بأول».

وأضاف: «أما الإعلاميون فقد مثلت لهم هذه الحسابات منصة إعلامية موثقة يستقون منها وعلى مدار الساعة المعلومات المتداولة، ونفي غير الصحيح منها، إضافة الى الأخبار والتصريحات والبيانات والإحصائيات المتاحة والصادرة باسم البلدية، فضلا عن الصور والفيديوهات الخاصة بالجولات الميدانية التفتيشية ذات الصلة بأعمال الجهاز التنفيذي».

وبين انه كان هناك بث مباشر من خلال هذه الحسابات للفعاليات والمؤتمرات والندوات المهمة التي تنظمها البلدية، الأمر الذي وفر الوقت على الإعلاميين والصحافيين ومواقع التواصل الاجتماعي، وجعل حصولهم على المواد اللازمة بطريقة سلسلة وشفافة وعادلة.

وذكر أبا الخيل أن «هذه الحسابات كانت أيضا فرصة لنا لبث الكثير من المواد التوعوية باللغتين العربية والإنكليزية، وأود الإشارة هنا إلى أن حركة هذه الحسابات مراقبة من المدير العام أولا بأول، وهو ما وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وأستطيع القول بأننا حققنا الهدف».

وعن الشكاوى، أشار الى أنها بلغت خلال شهر رمضان المبارك الى ما بعد عيد فطر فقط ما يقارب 12 الف شكوى سواء عبر «توتير» او «انستغرام»، وتم التعامل مع ما يقارب 90 في المئة منها.

وزراء وآراء

«الجريدة» استطلعت آراء بعض الوزراء والمتخصصين في المجال الإعلامي في خطوة البلدية باستخدام منصة لها في وسائل التواصل، وما إذا كانت قد أحسنت التصرف أم أن الموضوع مجرد موجة عابرة فقط لاغير.

في البداية، قال وزير الإعلام السابق محمد السنعوسي: «شعرت مع أهل الكويت أن هناك حراكا في البلدية منذ تولي الأخ أحمد المنفوحي إدارتها، ولمسنا أنه يعمل بكل أمانة واخلاص لإصلاح وتطوير هذا المرفق المهم، الذي عانى طويلا من التخلف والبيروقراطية، ويجتهد في سبيل حل مشاكل الناس بطرق مبتكرة ومتطورة».

وأضاف السنعوسي: «رغم أن مهمة المنفوحي صعبة فإنه تصدى لها، ويحاول جاهدا بحيوية الشباب التواصل اعلاميا مع الجمهور بكل الوسائل المتاحة، لاسيما أن له إنجازات مجتمعية سابقة في النادي العلمي إبان رئاسته له، وفي غيره من المواقع، ولذلك ليس بغريب عليه، بما يمتلكه من رصيد من الثقة، أن يتحفنا بهذا النهج الذي جعل للبلدية السبق في حسن استغلال أدوات التواصل الإجتماعي وإشراك المواطنين والمقيمين في المسؤولية».

وأعرب عن أمنيته أن «يستمر المنفوحي في هذا النهج ويصر عليه ويعظمه، وألا تكون هذه البداية مجرد (هدة حصان)، فالبلدية التي كانت محظوظه بتوليه مسؤوليتها أمام امتحان مجتمعي حقيقي، وأرجو أن يواكب المسؤولون في أفرع البلدية بالمحافظات هذا النهج، إذ لا يزال هناك منهم من هم بحاجة الى التطور في الفكر والنهج».

من جانبه، أكد وزير الإعلام السابق بدر الحميدي أن اتباع البلدية هذا النهج يعد استغلالا جيدا لأدوات التواصل الاجتماعي، ويعظم من مبدأ المشاركة المجتمعية، فهكذا يكون الإعلام الجاد الهادف الذي يخدم المجتمع، ويشرك أفراده في تحمل المسؤولية».

وأضاف الحميدي أن «الفكرة التي نفذتها البلدية تعد دليل وعي ونقلة نوعية في المحافظة على البيئة الصحية للمواطنين والمقيمين، وهي خطوة مباركة تحتاج الى آلية متابعة سريعة، كي يشعر المواطن والمقيم أن ما يرسله من صور للمخالفات محل اهتمام من البلدية، وهذا هو النجاح بعينه».

أما وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون البلدية عضو المجلس البلدي السابق عبدالله المحيلبي فرأى أن البلدية بهذا النمط من العمل إنما تطبق مبدأ ونصا دستوريا صريحا (كل مواطن خفير).

وأضاف المحيلبي أن «البلدية في السابق كان ينقصها تفعيل الرقابة الوقائية سواء من المسؤولين أو من المواطنين، وما لجأت إليه أخيرا من استغلال راق لأدوات التواصل الاجتماعي ينم عن وعي وذكاء وشفافية، ولا أملك إلا أن أشد على أيدي القائمين عليها الذين جعلوا المسؤولية مشتركة بين البلدية والمواطنين، وهو نهج جديد في السياسة الإعلامية لم يكن معهودا من قبل».

مواطنون لـ الجريدة.: تعامل البلدية راقٍ ونشيط

تفاعل بعض المواطنين مع إعلان البلدية، الذي انتشر في ربوع المحافظات، وقال وليد الفيلكاوي: "لم نعتد مثل هذا التعامل من قبل وزارات ومؤسسات الدولة، لكني أردت التجربة وأنا على يقين بأنه لن يكون هناك تفاعل، فقمت بتصوير قمامة متراكمة أمام مدرسة كويت إنترناشونال بمنطقة حولي، وبعثت التصوير المرئي عبر إنستغرام على الخط الساخن المدون في الإعلان".

وأضاف: "المفاجأة أنه خلال أقل من 24 ساعة كان الموقع نظيفا، حيث جاء فريق البلدية، ورفعها، وهو ما لم يكن متوقعا قياسا على تجارب سابقة، وشجعني ذلك على تكرار التجربة من شارع شرحبيل، فكان التجاوب خلال 6 ساعات".

وشدد على أن هذا الأمر يبعث على الثقة، ويؤكد بعد نظر القيادة السياسية التي أوكلت مهمة رئاسة الجهاز التنفيذي في البلدية الى أحد شباب الديرة الأكفاء، "ولا أملك الا أن أقول: بارك الله في جهود المخلصين من اجل الكويت".

من جهته، أكد زيد شبر أنه لم يكن على ثقة بسرعة التجاوب، مضيفا: "من خلال تويتر قدمت شكواي بعد تصويرها، وكانت المخالفة عبارة عن تدني النظافة في أحد المطاعم، وما هي إلا ساعة واحدة وكان مفتشو البلدية في المطعم يخالفونه، بعد أن تأكدوا ميدانيا من مصداقية الشكوى، وتم إخطاري، من خلال تويتر أيضا، بالتعامل مع الشكوى ومخالفة المطعم، وهذا أمر يجعلنا نرفع القبعة للمسؤولين عن البلدية".

من جانبه، قال أحمد الهاشمي إنه اشترى من محل حلويات، وبعد انصرافه اكتشف أن الحلوى تالفة وبها تغير في الخواص فعاد للمحل، وصور الحلوى وأرسل شكوى إلى حساب البلدية على تويتر، "فقالوا لي: ربما نتج هذا بسبب سوء تخزين، وأثناء الحوار جاء رجال البلدية وفتشوا تقتيشا دقيقا وخالفوا المحل".

بدوره، ذكر عمار الخطيب: "رأيت كمية كبيرة من الأنقاض بالقرب من بيتي، ومرت عدة أيام وهي على حالها، فقمت بتصويرها وإرسال الصورة مع التعليق للبلدية، وخلال أقل من 48 ساعة وجدت المكان نظيفا".

وأشار إلى أن الشيء الجميل أن المسؤولين في البلدية أرسلوا لي الصورة التي سبق أن أرسلتها لهم، وصورة أخرى بعد التعامل مع المخالفة، "وهذا من شأنه أن يعيد الثقة بمؤسسة مهمة كالبلدية، ظلت لسنوات طوال في مرمى الهجوم والاتهامات، فشكرا لكل يد تعمل بإخلاص لمصلحة الكويت".