دور رُقَيّة في «أدهم بك» موجع ومؤثر، كيف استعددت له؟

=في الحقيقة، أتعبني كثيراً هذا الدور لأنه موجع جداً وحسّاس، فأنا ممن يستخرج معاناة الشخصية من ذاته وباطن أحاسيسه، ليتّحد مع آلامها ومشاعرها. صحيح أنه لم يتوافر الكثير من الوقت للتحضير، لكنني فهمت الشخصية بعمقها ومزجت وجعي الخاص بوجعها وشخصيتي بشخصيتها فاتحدنا بقالب خارجي هو «نغم» إنما بروح «رُقَيّة».

Ad

وجدت صعوبة إذاً في الخروج من شخصية «رُقَيّة».

طبعاً، كنت أجهش في البكاء بعد انتهاء تصوير المشاهد لأن هذه الشخصية ظُلمت كثيراً من عائلتها، سواء من شقيقها وزوجته أو من زوجها فيما يُفترض بهؤلاء أن يفهموا وجعها ويقفوا إلى جانبها. رُقيَّة تحبّ زوجها كثيراً، لذا عندما شعرت بأنها ستخسره بعدما استرجع حبّه الأول، اختلقت كذبة حمْلها ظنّاً منها أنها ستسترجعه، فوُصفت بالجنون، حتى أن شقيقها أراد وضعها في مصحّ عقلي.

وراء وجع هذه الشخصية جرأة في اتخاذ قرارات معيّنة، خصوصاً بالنسبة إلى امرأة تعيش في حقبة زمنية معاصرة.

صحيح. حبّها الجنوني لزوجها أعطاها دافعاً وقوّة لاتخاذ قرارات مثل اختلاق كذبة الحمل، ومغادرة منزلها بعدما اكتشف كذبتها، وقرار رمي نفسها في البحر كرسالة عن وجعها أملاً في استعطاف زوجها الذي لم يتأثر فازدادت معاناتها.

تعاون ومخرج

كيف تقيّمين التعاون مع المخرج زهير قنوع؟

فرحت كثيراً بهذا التعاون بغض النظر عن انتقادات طاولت مستوى الإخراج في مكان ما. التعامل معه ومع فريقه كان جميلاً جداً، فساد جوّ ارتياح كبير أثناء التصوير، خصوصاً بالنسبة إلينا يوسف حدّاد وفيفيان انطونيوس وأنا. كانت فترة التصوير سلسة وحصل تبادل آراء بيننا وبينه، فأصغى إلى وجهة نظرنا محترماً خبرتنا ومسيرتنا في التمثيل، وهذا أمر جميل جداً.

هل يتأثر أداء الممثل بأسلوب المخرج أثناء التصوير؟

طبعاً، يتأثر بمساحة الحريّة المعطاة له بإبداء الرأي والثقة المتبادلة بينه وبين المخرج الذي يصغي إلى وجهة نظر الممثل، فإما يقتنع بها أو لا.

عوّل كثيرون على نجاح هذا المسلسل قبل عرضه. هل جاءت النتيجة على قدر التوقعات؟

توقعت له نجاحاً أكبر، إنما ثمة عوامل كثيرة مؤثرة في نتيجته، أولاً توقيت عرضه في شهر رمضان. في ظلّ عرض مسلسلات كثيرة يضيع اهتمام المشاهد الذي يضطر إلى حصر متابعته بمسلسل أو اثنين. فضلاً عن أن المقارنة بين الأعمال والانتقادات وغيرها من أمور تؤثر أيضاً في النجاح. إضافة إلى اختيار غير موّفق لبعض الممثلين غير الملائمين لأدوارهم. على كلٍ، لو عُرض المسلسل خارج السباق الرمضاني لحقق نجاحاً أكبر، لذا أتمنى إعادته لاحقاً.

كيف تصفين ثلاثيتكم «يوسف حدّاد وفيفيان أنطونيوس وأنت»؟

تجمعنا أساساً ألفة جميلة وصداقة كوننا عملنا سابقاً معاً. لذا كنّا متساويين في الأداء والانسجام، خصوصاً أننا خريجو مسرح وذوو خبرة طويلة في التمثيل ونفهم بعضنا بعضاً بسرعة، فانصبّت طاقتنا في الاتجاه نفسه. كذلك ارتحنا كثيراً مع فريق العمل ومع أصحاب المواقع حيث صوّرنا مشاهدنا، الذين أحاطونا بضيافة جميلة.

نجاحات

أي مسلسل رمضاني في رأيك ترك بصمة قويّة هذا العام؟

=سمعت أن مسلسل «الهيبة» رغم الجدل الذي أثاره استطاع أن يحصد نسبة مشاهدين مرتفعة. أنتقد بسبب تزامنه مع وقوع ضحايا عدّة بسبب السلاح غير الشرعي والمتفلت في الشارع. لذا لم أحبّ صراحة عبارة «حقّه رصاصة» التي رُدّدت كثيراً في المسلسل لأنها موجعة جداً وجارحة. رغم أنه مسلسل جميل جداً، إنما انتظرت عقاب مخالفي القانون بدلاً من أن يتحوّل «جبل» (تيم حسن) إلى بطل في النهاية يهابه الجميع ويحميه ويحتضنه وكأن أفعاله مبررة، لذا نحن في انتظار ما يحمله الجزء الثاني من أحداث. من جهة أخرى، ترددّ أن الجزء الثاني من مسلسل «وين كنتي» (كتابة كلوديا مرشليان، وإخراج سمير حبشي) حقق نسبة مشاهدة مرتفعة. في رأيي، يستقطب الجزء الثاني نسبة مشاهدين مرتفعة لأن الجمهور يكون تعلق بالجزء الأول.

انطلاقاً من مستوى الانتاجات الدرامية هذا العام، هل نحن على عتبة الصناعة الدرامية؟

عندما نتحدث عن الصناعة نحتاج إلى تمويل أكبر. شاهدت الإعلان الترويجي للمسلسل المرتقب «ثورة الفلاحين» ويبدو من خلاله أنه نُفذ بإنتاج ضخم فعلي، وهذه هي الصناعة الحقيقية. أنا متفائلة جداً لأننا على السكة الصحيحة بشرط أن ترفع محطات التلفزة سعر الحلقة الدرامية ليستطيع المنتجون تحقيق الأرباح، من ثم الاستمرار.

ما رأيك في المواضيع التي طُرحت هذا العام؟

أتمنى أن يتوقفوا عن الاقتباس، أو على الأقل أن يعترفوا باقتباسهم قصصاً معينة بدلا من الإصرار على النكران. الكاتب طارق سويد مثلا أعلن أنه بطلب من المنتج مروان حداد اقتبس الخط الرئيس لرواية وشعّب منها شخصيات وأحداثاً جديدة. ثمة قصص اجتماعية كثيرة يمكن تجسيدها في نص دراميّ، مثل «الهيبة» و«لآخر نفس» (كتابة كارين رزق الله، وإخراج أسد فولدكار) الذي تطرق إلى موضوع منح اللبنانية الجنسية لأولادها وغيره من أمور.

موجة جديدة

ثمة عودة إلى المسلسلات التاريخية، مثل «أمير الليل وأدهم بك وثورة الفلاحين وكل الحب كل الغرام»، ما السبب في رأيك؟

ليست مسلسلات تاريخية بمقدار ما هي مواكبة لعصر زمني معيّن. أظنّ أنه بسبب التكرار ملّ المشاهدون منها حتى أننا مللنا أيضاً تصوير مسلسلات معاصرة. في رأيي، هي موجة ستنتهي قريباً. حينما عُرض «باب ادريس» و«نضال» حققا رهجة كبيرة كونهما الوحيدين حينها اللذين صوّرا حقبة زمنية معيّنة، أمّا راهناً فكثرت تلك الأعمال.

بعد انتهاء موجة المسلسلات العربية المشتركة، ثمة تعاون لافت على صعيد الكتّاب والمخرجين العرب، أي إضافة تتحقق من خلال ذلك؟

هدف هذا الخليط العربي في المسلسلات بيعها عربياً وليس رفع مستوى الدراما اللبنانية الصرف. أرى أن المنتج مروان حدّاد محقّ في رأيه بأن الدراما اللبنانية لا تحتاج إلى خليط عربي للانتشار، من هنا جاء تعامله مع ممثلين عرب محدوداً. في رأيي، اللهجة اللبنانية بيضاء وبالتالي مفهومة من العرب ولا يصعب انتشارها. من جهة أخرى، ليس بالضرورة أن يشكّل التعاون العربي غنى للدراما اللبنانية لأن ثمة تفاوتاًفي مستوى أداء المخرجين، فإذا رفع بعضهم مستوى عمل ما فإن بعضاً آخر قد يُسقطه.

أعمال وشخصيات

ما هي أعمالك الدرامية المرتقبة؟

مسلسل «الحب الحقيقي» الذي يمتد إلى مئتي حلقة تلفزيونية وهو مقتبس من مسلسل مكسيكي، كتابة لمى مرعشلي وباتريسيا حرفوش، إخراج جوليان معلوف، إنتاج شركة مي أبي رعد لصالح محطة LBCI. كذلك أصوّر مسلسل «كل الحب كل الغرام» للكاتب الراحل مروان العبد، إنتاج إيلي معلوف وإخراجه. وأصوّر للكاتب والمخرج يوليوس هاشم بالتعاون مع المخرج ايلي برباري فيلماً سينمائياً، سيُعرض في المدارس والجامعات والمهرجانات.

ما تفاصيل هذه الشخصيات؟

أؤدي في مسلسل «الحب الحقيقي» دور عمّة باميلا الكيك الصبيّة المقرّبة كثيراً منها، كاتمة أسرارها التي تساندها لحل مشاكلها فتنصحها وتوّبخها حيث يجب. بالنسبة إلى «كل الحب كل الغرام» أظهر في 15 حلقة شيّقة، بدور زوجة الممثل عصام الشناوي الذي يكبرها في السن، فتُغرم بالشاب باسم مغنية الهارب من الفرنسيين إبّان الانتداب والذي يقصدنا للعمل. آخذ في هذا المسلسل مبادرات عدّة تجاه هذا الشاب الذي أنجذب إليه لتبدأ بعدها الأحداث.

بعد تقدّم سنين الخبرة، تختلف نوعية الأدوار المعروضة عليك، ولكن هل يمكن أن تتنازلي لاعتبارات معيّنة؟

أولي أهمية للإنتاج والنص والإخراج وفريق العمل. إنما أحياناً وعلى رغم مستوى الإنتاج الضعيف، أشارك بسبب إعجابي بالدور أو بسبب هوية فريق العمل الذي أحب التعاون معه. أولي أهمية للشخصية التي تترك أثراً وانطباعاً ولديها دور فاعل بغض النظر عن مدّة الإطلالة في الحلقات.

غربلة الممثلين

لاحظنا غربلة الممثلين وفق مستوى الأداء بغض النظر عن دور البطولة أو غيرها، مثلما حصل مع الممثلين رندا كعدي وغبريال يمين وهما حققا نجاحاً لافتاً هذا العام. تقول نغم أبو شديد في هذا الشأن: «يتعلق المشاهد بشخصيات معيّنة ينجذب إلى أدائها وقصتها بغض النظر عن هوية البطل أو البطلة في المسلسل. وهو بات ينتقد ويلاحظ الأداء ويعبّر عن رأيه بصراحة، ما دفع بالمنتجين والمخرجين إلى توخي الحذر في اختيار الممثلين الملائمين للأدوار. على كلٍ، ليس كل من أحبّ التمثيل هو على مقدار هذه المسؤولية لذا يجب فرض مبدأ «الكاستينغ» من أجل اختيار الممثلين المناسبين أسوة بما يحصل في الخارج».