رغم تبرئة الصحافة المصرية له، وصدور بيانات الداخلية والنيابة، وحكم المحكمة، فإن الحادث ترك جرحاً غائراً في نفس نور الشريف، على عكس المرات الكثيرة التي خاض فيها معارك شرسة، وخرج منها منتصراً. شعر هذه المرة بحزن شديد كاد يفقده توازنه، لولا ثقته في نفسه وثقافته الرفيعة، وإيمانه القوي بالله. دخل في عزلة وابتعد عن الناس. آنذاك، عرضت عليه إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والثلاثين رئاسة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية، فاعتذر لأنه لم يستطع أن يمحو مرارة الحزن من قلبه التي سببها له من حاولوا النيل منه ومن تاريخه وسمعته.

كذلك خرج من هذا الحزن إلى حزن أكبر وأشد قسوة، بعدما سقطت ابنته سارة فجأة مريضة بآلام حادة في المعدة لم يستطع الأطباء تشخيص سببها، فقرر أن يسافر بها إلى باريس بصحبة بوسي وابنتهما الصغرى مي لعرضها على أكبر أطباء العالم، فتضاربت أقوالهم ورجحوا أنه فيروس نادر في الطحال سيلازمها طيلة حياتها، ولا بد من إخضاعها لجراحة!

Ad

صدم نور الشريف عندما رأى ابنته مريضة، وعاش أصعب المواقف التي قد يحتملها أب. دخلت سارة إلى غرفة الجراحات وبقيت فيها أكثر من خمس ساعات، ما جعله يثور على الطاقم الطبي للمستشفى.

عاد إلى الفندق الذي يقيم فيه حيث فقد الوعي بسبب الضغط العصبي الزائد، فعاودته آلام ساقه اليمنى التي كان يعاني عدم وصول الدم إليها، ما أثر في حركته. غير أنه لم يلتفت إلى مرضه بسبب قلقه وخوفه على ابنته، التي سمح لها الأطباء باستكمال العلاج في مصر، على أن تعود بعد فترة ليكشفوا عليها في باريس مجدداً.

تنفس الصعداء

ترك نور الشريف ارتباطاته الفنية وتفرغ لمرافقة ابنته. كان يمضي وقته معها بين مصر وباريس، ولم تكن العلاجات تجدي نفعاً، فسافر بها إلى لندن حيث اكتشفت طبيبة مصرية في إنكلترا حقيقة مرضها، وأكدت أنها مصابة بداء في «الطحال»، وأن ثمة حالات كثيرة مشابهة عولجت.

قبل أن يفكر الشريف في العودة إلى مصر، فوجئ بما لم يتوقعه أو يخطر له على بال، أو بال أي مصري، أو أي أحد في العالم. قام الشباب المصري بمجموعة من التحركات الشعبية انطلقت الثلاثاء 25 يناير 2011، وهو يوم حددته جهات من الشباب عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أشهرها مجموعة «كلنا خالد سعيد»، احتجاجاً على الفساد السياسي والاقتصادي والأوضاع المعيشية السيئة في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك، خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية في 2010، والتي حصل فيها الحزب الوطني الحاكم على 99 % من مقاعد البرلمان.

خرج الشباب إلى «ميدان التحرير» في قلب العاصمة المصرية، وانضم إليهم يوم الجمعة 28 من الشهر نفسه بعض فصائل المعارضة المصرية وحركة «شباب 6 أبريل» و{حركة كفاية» والمستقلون، واندلعت الثورة في المدن المصرية كافة، على مدار 18 يوماً، وأعلنت القوى السياسية التي شاركت في التظاهرات استمرار الثورة حتى تحقيق الأهداف التي قامت لأجلها، وخرج اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس، الذي عيِّن خلال أيام الثورة، في السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير 2011، ليقول في خطاب مقتضب:

= بسم الله الرحمن الرحيم. أيها المواطنون. في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد... والله الموفق والمستعان.

تلقى نور الشريف الخبر في العاصمة البريطانية. أدهشته قدرة الشعب المصري على الثورة على الأوضاع السيئة التي يعيش فيها، غير أنه استقبل ذلك بصمت شديد، أثار حيرة الكثيرين، باعتباره أحد الفنانين المصريين المثقفين القلائل جداً، الذين لهم مواقف سياسية معلنة، فهو ناصري قومي عروبي، اقترب من الرئيس السادات، لكنه أعلن له رأيه بصراحة في رفض اتفاقية «كامب ديفيد» والتطبيع. كذلك لم يمنعه اقترابه من الرئيس حسني مبارك من انتقاد الأوضاع السياسية والاقتصادية، سواء برأي معلن في وسائل الإعلام، أو من خلال أعماله الفنية، التي كانت السياسة عموداً رئيساً في غالبيتها، وظلّ طوال تاريخه يحمل هماً وطنياً كبيراً تجاه وطنه وشعبه العربي.

رغم ذلك كله، قرر الصمت تجاه الثورة لأكثر من سبب، ربما أهمها قراره السابق بمقاطعة وسائل الإعلام منذ محاولة النيل منه في واقعة التشهير به الكاذبة في 2009.

بعد نحو سنتين من القلق والتوتر، تنفس نور الشريف الصعداء، وقرر العودة إلى فنه، ذلك بعدما اطمأن على حالة ابنته الصحية، وفي الوقت نفسه كان المؤلف وليد يوسف انتهى من كتابة الجزء الثالث من «الدالي»، فبدأ بتصويره، واكتمل نجاح ثلاثية «الدالي»، وعرض عليه المخرج الإذاعي أحمد فتح الله بطولة المسلسل الإذاعي الذي كتبه ويتولى أخراجه بعنوان «الفاتح صلاح الدين»، فقدمه خلال شهر رمضان في فترة الضم الإذاعي بين «الإذاعة القطرية» وإذاعة «صوت العرب»، وشاركه في بطولته عدد من الفنانين العرب، من بينهم الكويتية هدى حسين، والقطري غازي حسين، والعراقي جواد الشكرجي، والسعودي عبد الله عبد العزيز، والسوداني محمد السني دفع الله.

كذلك بدأ الشريف خلال تسجيله المسلسل الإذاعي بتصوير مسلسل تلفزيوني بعنوان «عرفة البحر»، من تأليف محمد الصفتي وإخراج أحمد مدحت في تجربته الأولى مع الدراما التلفزيونية، وجسد شخصية «عرفة» العاشق للبحر، والذي يملك مجموعة من مراكب الصيد، وتؤدي نجاحاته المستمرة إلى وقوعه في صدامات عدة مع أشخاص يحاولون استغلال البسطاء والتلاعب بقوتهم، إذ يقف في وجه هؤلاء مدافعاً عن الحق. شاركه في البطولة كل من هالة صدقي، ودلال عبد العزيز، وأحمد بدير، ومي نور الشريف، وبيومي فؤاد، ومجموعة كبيرة من الوجوه الجديدة الشابة، ونجح المسلسل، ولكن لم يحظ بنجاح مسلسلات الشريف الأخيرة، ربما لمسحة الحزن الواضحة التي كانت تكسو ملامح النجم ولحرصه على الابتعاد عن وسائل الإعلام، وعدم الإدلاء بأية تصريحات، إلى أن قرر حضور فعاليات «ملتقى القدس العربية» في المملكة الأردنية، وهناك التف حوله الصحافيون وبعض القنوات الفضائية العربية للفوز بأول لقاء معه أو أية تصريحات ولو قليلة، بعد حالة الصمت الطويلة. إلا أنه اعتذر لهم جميعاً. وبعد أيام، التقاه المخرج المصري عمر زهران، رئيس قناة «نايل سينما»، وتحدث إليه عن ضرورة الظهور الآن:

= الكل بيتكلم عن صمت نور الشريف اللي طول... وكل واحد بيفسره على مزاجه.

* أنا حر. ما حدش يقدر يجبرني إني أتكلم.

= ده صحيح. لكن ما ينفعش أن الفنان الوحيد اللي كل الناس مستنية تسمع رأيه يفضل صامت كل ده!

* أتكلم إزاي وسط حالة التخوين من الكل للكل والشتايم في بعض ده غير السخافات اللي بتعملها أغلب الفضائيات والجرايد. والكل حول نفسه لقضاة ووكلاء نيابة... وبيحققوا مع الجميع ويرموا أي حد بالتهم جزافا.. وبيحاكموا الناس غيابي وبيصدروا عليهم أحكامهم.

= أنت هتتكلم للمصريين اللي عايزين يسمعوك.

* خلاص أنا موافق بس بشرط.

= تحت أمرك طبعاً.

* أنت بنفسك اللي تعمل الحوار ده معايا.

في اللقاء التلفزيوني، فتح نور الشريف قلبه وتحدث عن كل ما آلمه، على المستويين الشخصي والعام، وعن أسباب ابتعاده وصمته، وعن تأييده ثورة 25 يناير. غير أنه لم يستطع إخفاء مخاوفه من عدم وجود رأس للثورة، ما سيجعلها نهباً لأي فصيل سياسي ربما يسطو عليها.

خروج عن الصمت

بعدها بدأ نور الشريف بالخروج من حالة الصمت بشكل حذر، ليؤكد نظرته إلى الأحداث المتلاحقة، موضحاً أن حكم «جماعة الإخوان» لن يستمر أكثر من عام، وكان أول المرحبين بثورة 30 يونيو 2013 التي خرج فيها المصريون يطالبون بإسقاط الرئيس محمد مرسي، إذ أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية إدارة شؤون البلاد، خلال المرحلة الانتقالية، إلى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد.

عاد نور الشريف بعدها إلى شاشة رمضان 2013 من خلال «خلف الله» مع كل من صبا مبارك، وعبير صبري، ومي سليم، وخليل مرسي، وجمال إسماعيل، وسميرة عبد العزيز، ومدحت تيخا، وفرح بنجاح المسلسل الذي أثار جدلاً كبيراً لما تضمنته شخصية النجم من الدخول إلى عوالم «ميتافيزيقية» تتعلق بعلاج السحر والتعامل مع الجن والقدرة على شفاء الناس. آنذاك، وظناً منه بأن الثورة غيرت الأمور كافة، أراد الشريف أن يعرض فيلمه «ناجي العلي» في التلفزيون المصري بعدما رُفض نحو 20 عاماً. من ثم، عرض على وزيرة الإعلام درية شرف الدين إهداء نسخة من الفيلم من دون مقابل لإذاعته على القنوات المصرية، غير أنه فوجئ بها تخبره بأنها لن تستطيع السماح بالعرض لأن القرار يتعلّق برقابة التلفزيون، لتتجدد آلام الشريف بسبب الإصرار على عدم عرض فيلمه المظلوم «ناجي العلي».

بعدها اختفى الشريف عن الأنظار، ليتضح أنه في رحلة علاج في لندن، وبدأت إشاعات عدة تثار حول مرضه، ثم عاد وأجرى لقاءات تلفزيونية عدة، ربما أهمها لقاء أدمى قلوب جمهوره عندما كشف ألا أحد من الفنانين سأل عنه في مرضه سوى صديقه سمير صبري، فكان تصريحاً مؤلماً صادراً عن نجم، لم يقصّر يوماً في تقديم المساعدة للغير، ويشهد على ذلك جيله، والجيل التالي له، بل وجيل كامل من وجوه جديدة خرجت من مدرسته الفنية.

رحلة الشريف العلاجية الأخيرة أثارت جدلاً واسعاً، وكثرت التصريحات من نقابة الممثلين حول مرضه، غير أنه كعادته أعلن تحديه المرض، وأكّد أنه يحضِّر لأكثر من مسلسل تلفزيوني، ولم يخفِ شوقه الكبير إلى السينما تحديداً، وقبل عرض المخرج الشاب أمير رمسيس، أحد تلامذة المخرج الراحل يوسف شاهين.

كان الشريف تعاون سابقاً مع رمسيس الذي عمل مساعداً للمخرج عام 2002 في الفيلم القصير {11 سبتمبر}، وهو جزء من مشروع سينمائي إنتاج فرنسي، ضم 11 مخرجاً من مختلف أنحاء العالم، حيث أعطيت لكل مخرج 11 دقيقة لتقديم رؤية سينمائية حول 11 سبتمبر 2001، وجسد فيه الشريف دور يوسف شاهين نفسه. وجاء فيلم النجم المصري أكثر أفلام التجربة إثارة للخلاف، إذ اتهمه نقاد في الغرب بأنه يقدم تحليلاً عربياً للحوادث، ويتهم أميركا بأنها صانعة الإرهاب، وأن {بن لادن} صنيعتها، بل ويربط بين الإرهاب الذي تعرضت له أميركا، والإرهاب الذي تقوم به {إسرائيل} ضد الفلسطينيين بمساندة أميركا.

استمرار العطاء

منذ ذلك الوقت، لفت أمير رمسيس نظر نور الشريف، لذا لم يتردد عندما عرض عليه فيلم «بتوقيت القاهرة». فؤجئ المخرج بقبول الشريف الفيلم، بل وبتنازله عن أكثر من نصف أجره تيسيراً للإنتاج، كأنما أراد أن يدفع ثمن حبه وشوقه إلى السينما.

كانت سعادة الشريف بالفيلم مضاعفة، إذ جمعه بصديقي العمر ميرفت أمين وسمير صبري، إضافة إلى الفنانين الشباب شريف رمزي، ودرة، وآيتن عامر. ويرصد العمل جزءاً من التغير في السلوك قبل ثورة 25 يناير، من خلال «يحيى شكري مراد»، وهو اسم الشخصية التي أداها الشريف في فيلم «حدوته مصرية» للمخرج يوسف شاهين، ويبدو في المشروع الجديد مصاباً بداء «الزهايمر» ويجد نفسه يحتفظ بصورة امرأة لا يتذكرها، لكنه يشعر بأنه يحبها، ويرغب في السفر إلى القاهرة للبحث عنها، كأنما يريد أن يهرب من واقعه إلى ماض جميل يفتقده.

قبل أن ينتهي نور الشريف من تصوير الفيلم، قرر مهرجان الإسكندرية لسينما حوض البحر الأبيض المتوسط تكريمه في دورته الثلاثين، واطلق رئيس المهرجان الأمير أباظة، ونقيب السينمائيين مسعد فودة، مع اللجنة المنظمة، اسم النجم على هذه الدوره، وأصدر المهرجان قائمة ضمت 30 فيلماً مصرياً شارك في اختيارها 30 ناقداً، من بين 198 فيلماً، لاعتبارها الأفضل خلال 35 عاماً، منذ انطلاق الدورة الأولى للمهرجان عام 1979، وتصدّر فيلم «سواق الأوتوبيس» للمخرج الراحل عاطف الطيب، ومن بطولة نور الشريف قائمة المهرجان.

بعد نحو شهرين من تكريم مهرجان الإسكندرية له، وتقديراً لمسيرته الفنية الطويلة، قرر مهرجان دبي السينمائي الدولي، تكريم نور الشريف ضمن فعاليات دورته الحادية عشرة، وعرض خلالها أيضاً لأول مرة «بتوقيت القاهرة»، الفيلم رقم 171 في مسيرة الشريف الفنية، وكرّم سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، النجم المصري وإهداه درع المهرجان.

ما إن صعد نور الشريف إلى المسرح بعدما قدمه رئيس المهرجان، حتى بدأ التصفيق. في العادة ينطلق التصفيق عالياً ثم يهدأ حتى ينتهي، ويطول في حالة أهمية النجم. لكن دائماً يأتي بوتيرة تدريجية، لكنه هذه المرة انطلق عالياً، وعندما بدأ في الهدوء عاد ليرتفع، ثم هدأ ثم ارتفع مرة ثالثة، وكأن الجمهور كان يشعر في نهاية التصفيق بأن ذلك كله لا يكفي لنجم بحجم الشريف، فيعود ليبدأ من جديد.

عقب ظهوره في مهرجان دبي السينمائي، أثار الشريف الجدل والقلق مجدداً بسبب نحافته وحقيقة مرضه، خصوصاً عندما تساقطت دموعه بعفوية أثناء تكريمه في حفلة افتتاح المهرجان، مع تزايد الأسئلة التي تلاحقه وتلاحق زملاءه الفنانين للاستفسار والاطمئنان على صحته ومعرفة حقيقة الداء الذي يعانيه مع الدعوات له بالشفاء. لكنه أكد أنه بدأ في التعافي من مرضه الذي جعله يمكث فترة طويلة في العاصمة الفرنسية باريس، إذ كان يعاني تجمع مياه حول الرئة وخضع بسببه لجراحة، وأنه تعافى بعدها. غير أن المرض سبب له التهابات أفقدته شهيته، نافياً تماماً إصابته بورم سرطاني أو خضوعه لعلاج كيماوي.

كذلك أثار ظهوره بعد هذا اللقاء في كواليس فيلمه «بتوقيت القاهرة» في حالة هزال شديدة، الحديث مجدداً حول حقيقة مرضه وجعل محبيه وجمهوره يخافون عليه، خصوصاً بعدما تغيّر شكله عما كان عليه في آخر ظهور تلفزيوني له.

الأمنية الأخيرة

عاد نور الشريف من دبي، ودعا أفراد الأسرة إلى فيلته في مدينة الشيخ زايد في ديسمبر 2014. جلس وأمامه حبيبته الأولى والأخيرة بوسي، ومعهما المأذون أحمد عبد الحكيم، الذي وقّع عقد زواجهما بعد انفصال جسدي دام ثماني سنوات، وأعلن عودة «العاشقين» في حضور عدد محدود من الأصدقاء، ذلك عقب الاحتفال بخطبة ابنتهما الكبرى سارة، بعد تماثلها إلى الشفاء، وكان خطيبها أحد شهود العقد.

شعر نور الشريف بأنه ولد من جديد، أو بالتعبير الأدق، ردت إليه روحه، بعدما عاد إلى محبوبته وشريكة عمره وحياته. واستضافته إحدى القنوات العربية في حوار حول أعماله المقبلة، فأبدى دهشته من أدائه مشهد رحيل خامس الخلفاء الراشدين «عمر بن عبد العزيز» في المسلسل الذي قدم فيه سيرته، معتبراً أنه أهم عمل قدمه في حياته الفنية، التي امتدت أكثر من 45 عاماً، موصياً بأن يعرض هذا المشهد يوم رحيله.

بدأ بعد ذلك بالاتفاق على عدد من المسلسلات لتقديمها خلال الفترة المقبلة، من بينها مسلسل «أولاد منصور التهامي» مع المخرج سميح النقاش من كتابة مصطفى محرم عن «الأخوة كرامازوف»، كذلك اتفق مع المؤلف عبد الرحيم كمال على بطولة مسلسل «بين الشوطين» الذي كان قارب على الانتهاء من كتابته، ومع المخرج أحمد صقر على بطولة مسلسل «بيت السيدة». غير أنه قبل أن يشرع في العمل في أي من هذه المسلسلات، ساءت صحته وتدهورت سريعاً، وكشف النقاب عن حقيقة مرضه اللعين، الذي أخفاه عن أقرب المقربين إليه، ونقل إلى مستشفى «الصفا» القريبة من بيته في المهندسين.

في مساء يوم الثلاثاء 26 شوال 1436، الموافق 11 أغسطس 2015، راحت القنوات الفضائية تتسابق على عرض المشهد الأخير من مسلسل «عمر بن عبد العزيز» الذي أوصى الشريف أن يعرض يوم رحيله، وفيه يحتضر «عمر» وهو يتلو قول الله تعالى:

«تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ».

النهاية