قرأ توماس أديسون عن اختراع جديد حققه جورج إيستمان، وكان ذلك الاختراع عبارة عن شريط فيلم شفاف يظهر الصورة الفوتوغرافية، وكان أديسون يتصور أنه من الممكن لشريط فيلم كهذا أن يتحرك بسرعة في داخل كاميرا تلتقط 12 صورة أو أكثر في الثانية، وأثناء عرض فكرته عرضاً عملياً أظهرت الصور في آلة أسماها "كونتوسكوب".

في عام 1894 كانت عروض الأجهزة، التي صممها، تعرض صوراً لمدة دقيقة واحدة تحتوي على "راقصة تتمايل" و"ملاكم يتحايل" في غرفة مظلمة نظير سنت واحد للدقيقة لمشاهد واحد.

Ad

وفكر أديسون، من خلال هذا الاختراع، أنه بالإمكان كسب المزيد من الربح اذا أمكن عرض الصورة على شاشة كبيرة، بحيث يمكن مشاهدتها من جمهور أكبر في وقت واحد.

***

وسرعان ما تطور الاختراع في فرنسا يوم أعلن الأخوان لوميير (أوغست ولويس) عن اختراعهما - السينماتوغراف.

فلما كان عام 1896 شهد العالم - بحالة من الانبهار - مباراة هزلية في الملاكمة، وبعض الاستعراضات المتنوعة وبالذات في مدن أوروبا وأميركا.

الجدير بالذكر أن ثاني بلد في العالم شاهد السينماتوغراف بعد فرنسا كان مصر في مدينة الإسكندرية عام 1896، وسرت عدوى هذا الحماس بسرعة مذهلة فأنشئت دور السينما في أغلب قارات العالم، وقد استغل ذلك ظروف الحرب العالمية فكانت تعرض على الشاشات أخبار الحروب بعد أن نزلت كاميرات التصوير إلى ساحات المعارك.

كتبت صحيفة - هاريز - عام 1907 أن السينما سرقت جمهور الحانات، التي لن تجد بداً من أن تضع داخل كل حانة شاشة تعرض فيها ما تصوره السينما لتحافظ على مرتاديها، بل إن أغلب المهاجرين الجدد لأميركا ممن لم يكونوا يجيدون اللغة الإنكليزية وبعضهم لم يكونوا يجيدون القراءة والكتابة، فوجدوا ضالتهم بهذا العالم الجديد الذي تقدمه لهم السينما، فهي وسيلة أقل تكلفة من حضور المسرحيات، فكانوا يتدفقون عليها، ما جعلها من مصادر الدخل الكبير للمنتجين.

وكانت أغلب الموضوعات، التي تعرضها وتحفل بها الأفلام، تتناول قصصاً عن رجال الشرطة وعن الأفاقين واللصوص، والسخرية من الحياة الزوجية ورحلات خيالية إلى سطح القمر... وعلى الإجمال كانت أغلب العروض تجمع بين الفكاهة والحب والجريمة والصراع والمغامرة في المدن الكبرى.

وكانت هذه الموضوعات لا تلقى هوى لدى الكثير من المنظمات الاجتماعية التي تعنى بالأسرة والنشء والأطفال تحديداً فنُظمت المسيرات والمظاهرات، ما دفع الدول إلى أن تسن القوانين لتأخذ صناعة السينما بعدها، ما جعلها تحتل مكانة مهمة ضمن مبتكرات هذا العصر.