يمثل الخلاف، الذي نشب بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، أول تحد لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وفرصة للاستفادة من شبكة علاقاته الشخصية الواسعة في منطقة الخليج، نظراً لنفوذه الواسع في قطاع النفط.

ولكن رغم أن تجربته السابقة كمدير تنفيذي لمجموعة «ايكسون موبيل» النفطية تخول تيلرسون القيام بدور جيد في هذا المجال، فإن أمامه معوقا واحدا محتملا يتمثل في المسؤول عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

Ad

وفيما اعتُبر أن ترامب أعطى الضوء الأخضر لفرض السعودية وحلفائها «حصارا» جويا وبريا على جارتها الغنية بالغاز، دعا تيلرسون إلى إنهاء الحظر وإعادة العلاقات إلى طبيعتها.

وبإمكان هذا الاختلاف في التوجه تعقيد مهمة وزير الخارجية، في أفضل الحالات. إلا أن اصدقاءه في واشنطن يرون أن خبرته في المنطقة الغنية بالنفط تجعل منه الرجل الأنسب للقيام بالمهمة.

وفي وجه ذلك، يوفر النزاع الدبلوماسي في الخليج الغني بالنفط والغاز جميع الأجواء المواتية لوقوع كارثة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تأتي في أسوأ وقت ممكن.

وفي وقت متأخر من مايو الماضي، قام ترامب بما بدا حينئذ زيارة مظفرة إلى الرياض، لتوحيد أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة ضد التدخل الإيراني والتطرف. ولكن بعد أسابيع فقط في الخامس من يونيو، قطعت كل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع قطر، متهمة حكومتها بدعم المجموعات الإرهابية.

وتسبب ذلك بخلاف بين الدول التي تستضيف معظم القوات الأميركية في المنطقة، تركيا وقطر والكويت والعراق، وباقي حلفاء واشنطن الرئيسيين. ولا يمكن لما يحدث إلا أن يقوي شوكة إيران، التي تواجه المصالح الأميركية والسعودية عبر عمليات خفية وحروب بالوكالة في سورية واليمن والعراق ولبنان.

وفي أول ردود فعل له على الأزمة، أشاد ترامب بموقف السعودية بمحاربة تمويل الإرهاب، واتهم قطر بدعم التطرف «على مستوى عال».

مسار مغاير

ولكن تيلرسون الذي طلب من البيت الأبيض المساعدة في نزع فتيل الأزمة اتخذ مسارا مغايرا بدا هذا الأسبوع كأنه يحقق تقدما فيه.

فيوم الثلاثاء، بعدما ألغى وزير الخارجية زيارة إلى المكسيك وقضى يومين على الهاتف، أصدر بيانا قويا استهدف الرياض وأبوظبي وليس قطر، رغم أنه أوضح من خلاله أن على جميع الدول بذل مزيد من الجهود لوقف تمويل الإرهاب.

وشكلت تصريحات لوزارة الخارجية الأميركية شككت في دوافع الإجراءات العقابية ضد الدوحة إشارة واضحة إلى أنه، رغم خطاب ترامب، فإن واشنطن الرسمية تتهم السعودية بتصعيد خلاف لا طائل منه.

وليست تلك الإشارة الأولى من نوعها الصادرة عن فريق ترامب للأمن القومي، الذي يحاول عبر تحركاته أن يطغى على مواقف الرئيس.

وقبل أسبوع، وقع وزير الدفاع جيم ماتيس اتفاقا بقيمة 12 مليار دولار لبيع قطر، التي يفترض أنها تمول الإرهاب، مقاتلات أميركية من طراز «اف-15». وإن لم تكن هذه إشارة كافية، قام بما هو بالنسبة له ظهور نادر أمام الصحافيين لحث السعوديين على «تخفيف» القيود المفروضة على قطر.

ولكن هل ستصغي السعودية والإمارات لوزارتي الخارجية والدفاع وتسعيان إلى التوصل إلى اتفاق لحفظ ماء الوجه وإعادة توحيد الحلفاء؟ أم ستستمعان إلى ترامب الذي أشاد الأربعاء الماضي بالعاهل السعودي الملك سلمان لـ»محاربته الدول التي تمول الإرهاب؟».