أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الصين فرصة في شهر أبريل الماضي إزاء تشديد سيطرتها على البحر الأكثر اثارة للنزاع في آسيا. ولكن المهلة التي سمحت للصين والولايات المتحدة بالعمل معاً من أجل احتواء كوريا الشمالية باتت مرشحة للانقضاء.

وقد تستمر القوتان العظميان في التعاون بشأن كوريا الشمالية فترة من الزمن، ولكن يتوقع أن يبدأ ترامب بزيادة الضغط على بكين حتى تتوقف عن الافتراض أنها تستطيع تحقيق هيمنة كاملة على بحر الصين الجنوبي.

Ad

وتتداخل مطالب الصين في المنطقة الغنية بالموارد والمكونة من 3.5 ملايين كيلومتر مربع من المياه قبالة ساحلها الجنوبي تتداخل مع مجموعة الدول الأضعف عسكرياً، وهي بروناي وماليزيا وتايوان وفيتنام والفلبين.

وتطلعت بعض من تلك الحكومات الى الولايات المتحدة للحصول على مساعدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. ولكن واشنطن في الوقت الراهن أكثر بعداً، كما أن تلك الدول تميل نحو الصين التي كرست قوتها البحرية لعرض المساعدة والتجارة والاستثمارات على تلك الدول في مقابل اسكات أي احتجاج.

وأنجزت الصين بشكل تقريبي ردم سلسلة من الجزر الصغيرة الحيوية، بحيث تتمكن من وضع طائراتها المقاتلة وأجهزة راداراتها أيضاً، بحسب مبادرة آسيا للشفافية البحرية تحت مركز التفكير الأميركي للدراسات الاستراتيجية والاستثمار.

وبحسب يان صن الزميل الرفيع لدى برنامج شرق آسيا تحت مركز ستيمسون للتفكير، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له «يحتمل أن تعتبر الصين بحر الصين الجنوبي مشكلة أقل أهمية اليوم في ضوء تحسن علاقاتها مع مانيلا، ولكنه يظل مصدر قلق رئيسي لواشنطن».

وسلمت مانيلا الى واشنطن قضية كلاسيكية حول كيفية تحويل الصين جنوب شرق آسيا لصالحها، وطالبت الفلبين بمحكمة تحكيم دولية في سنة 2015 لإصدار حكم ضد الصين، وهو ما حدث في شهر يوليو من العام الماضي: بكين، قالت المحكمة، تفتقر الى أساس قانوني حول مطالبها المتعلقة بالهيمنة على 90 في المئة من البحر.

ومنذ ذلك الوقت أقام الرئيس الفلبيني رودريغو دويرتي علاقات صداقة مع بكين، وأرجأ الحديث عن نزاع السيادة البحرية بعد تلقي مانيلا مساعدات واستثمارات من الجانب الآخر. وتسعى الفلبين الى تحسين البنية التحتية التي تبرع الصين فيها.

موقف الولايات المتحدة

لا تريد الولايات المتحدة أن تحقق الصين سيطرة واسعة على جنوب شرق آسيا، كما أن بكين التوسعية تتعارض مع المصالح الأميركية القديمة الرامية الى الحفاظ على توازن جيوسياسي على الأقل بين القوتين العظميين (وتقول الصين الشيء نفسه عن الولايات المتحدة).

وتريد واشنطن أن يكون بحر الصين الجنوبي مفتوحاً أمام الملاحة التجارية الحرة أيضاً. ويعبر ما يساوي 5 تريليونات من السلع التجارية خطوط الشحن هناك في كل سنة.

وكان ما يدعى عبور «حرية عمليات الملاحة» في أواخر شهر مايو الماضي من قبل زورق للبحرية الأميركية في بحر الصين الجنوبي، على الرغم من اعتراض الصين اشارة على زيادة ضغوط الحكومة الأميركية. وفي وقت سابق من هذا الشهر قال ماتيس إنه يتوقع حدوث احتكاك بين الصين والولايات المتحدة. ونسبت وزارة الدفاع الأميركية اليه قوله في الثالث من شهر يونيو الجاري «إن مدى وتأثير أنشطة البناء الصينية في بحر الصين الجنوبي تختلف عنها في دول اخرى بطرق رئيسية عديدة. وهذا يشمل طبيعة عسكرته واستخفاف بكين بالقانون الدولي، وازدرائها بمصالح الدول الاخرى، وجهودها لاستبعاد الحل غير المعادي للقضايا».

ماذا عن كوريا الشمالية؟ قد تتوقع أن تستمر مجموعة ترامب في التقليل من أهمية مسألة بحر الصين الجنوبي بحيث تستمر بكين في العمل مع واشنطن، من أجل خنق نظام كيم جونغ اون الذي يشكل خطراً محتملاً. ومن المحتم أن تطرح قضية كوريا الشمالية في حوار هذا الأسبوع في عملية تأسست في شهر أبريل الماضي عندما قابل ترامب الرئيس الصيني زي جينبنغ في فلوريدا، بحسب محللين.

وهذا الحوار، وهو الأول في سلسلة محتملة، قد ينطوي على قدر من الشكليات أكثر من الجوهر، يقول مراقبون. ولكن بمجرد أن يتعمق الطرفان فإن التعاون قد يتحول الى مواجهة. ويشعر المسؤولون الأميركيون بقلق من تمكين الصين كوريا الشمالية من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية عبر استخدام سلسلة مشترياتها، من أجل الحصول على تمويل من البنوك الصينية.