مع أن الإدانة السياسية لا الجنائية كانت مطلوبة لخلية العبدلي (بعد صدور حكم محكمة التمييز أصبح اسمها خلية إيران-حزب الله)، فقد رأى البعض تأجيل عملية الإدانة السياسية بانتظار حكم محكمة التمييز الذي صدر يوم الأحد الماضي.

أما الآن وبعد صدور الحكم النهائي والباتّ فإنه لا عذر لأي أحد، لا سيما من طالب بعد الأحكام الأولية بانتظار الحكم النهائي كي يبين رأيه السياسي، إن لم يقم بالإدانة الواضحة والصريحة التي لا لبس فيها ولا غموض لما ارتكبه عدد من المواطنين في حق وطنهم وشعبهم، وحيث إن العقوبة شخصية مثلما هو معروف، فإنه لا علاقة لعائلة المجرم أو مذهبه أو طائفته أو دينه بالجرائم التي ارتكبها، وهي ليست محل اتهام كي تقوم بنفيه.

Ad

الإرهاب أي ترويع الأبرياء وقتلهم، والعمالة الخارجية أي الخيانة الوطنية التي تستهدف زعزعة استقرار الوطن لمصالح خارجية، لا يحكمهما دين، أو مذهب، أو طائفة، أو أصول وانتماءات اجتماعية، بل إن أحد أهداف الإرهاب والخيانة العظمى هو شق الصف الوطني، وخلخلة الاستقرار الداخلي عن طريق تشجيع الاستقطابات الفئوية والطائفية كي تختفي الجريمة ذاتها، ولا تصبح مُدانة من جميع الأطياف السياسية والاجتماعية، بل إنها قد تتحقق بعض أهدافها، في حالة الفوضى المجتمعية والتناحر العمودي، عندما تجد من يدافع عنها لاعتبارات فئوية وطائفية.

والآن، بعد صدور حكم محكمة التمييز، فإنه لا مجال لمسك العصا من المنتصف، فالقضية خيانة وطنية لا تحتمل الخلاف الطائفي بعد أن أصبحت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، والمطلوب الآن إدانة وطنية لخلية إيران-حزب الله بعيداً عن الاصطفافات الطائفية البغيضة، والتكسب السياسي الرخيص.

بصياغة أخرى فإن المطلوب الآن هو اجماع وطني على إدانة واضحة ومباشرة وصريحة مثلما حصل بعد الجريمة الإرهابية النكراء التي ارتكبها مجرمو "داعش" في مسجد الصادق عندما أدانتها القوى السياسية والاجتماعية والطلابية قاطبة، فجميعنا مستهدفون هنا وطناً ونظاماً وشعباً، وأي ثغرة داخلية قد يفتحها عدم الإدانة الصريحة أو التردد فيها، أو الغموض في الموقف من العملية الإرهابية نتيجة اختلافات ثانوية أساسها طائفي، ستعتبر تأييداً ولو غير مباشر لما فعلته خلية الخيانة، وسيستغل ذلك أسوأ استغلال في الظروف الإقليمية الحالية المضطربة وغير المستقرة من لا يريد الخير لوطننا وشعبنا.