أقبل رمضان بعد أن هفت إليه قلوبنا وحنت إليه مشاعرنا، وبهجت من ذكرياته العذبة الصافية مهج قلوبنا، فبالإيمان ننتظر شهر الأمان والإيمان، وبالدعوات ننتظر شهر المسرات والإحسان، ولكن كما يقول القائل "لكل مقام مقال، ولكل عصر دروب من التفكير والاستحسان"، فقد يتغير الذوق، وقد تتغير العادات بتطور الزمن وتعاقب الحدثان، وولوج أجهزة التكنولوجيا إلى بلاد العرب، ودخول كل ما لدى الغرب من خير أو شر أو كرب.

ولما كان رمضان في هذه الأيام شهر البرامج والمسلسلات وأعمال الترفيه، كاد المرء من الغيظ أن يغلق التلفاز من كثرة ما يحمله هذا الجهاز، ألم تر أننا أصبحنا ننتج مسلسلات لا تعبر بأي حال من الأحوال عن هذا المجتمع؟! وأتكلم بصفة عامة وجامعة بأن شتى البرامج لا تمس قضايا جادة، ولا حتى تنتج برامج ترفيهية إبداعية تستأهل أن ترفع لها القبعة.

Ad

علاوة على تلك البرامج التي استوردت من الشرق والغرب استيرادا بينا لا لبس فيه، فإن المرء يجلس أمام التلفاز يجد مسلسلات تتكلم عن قضايا اجتماعية مكررة بنكهة التقليد، وتجد نفسك تسأل: هل هذا المسلسل بأحداثه يمثل انعكاسا حقيقيا للشارع والبيت، أم أنه يمكن أن يؤثر سلبا في المجتمع؟ وهنا نجد أن المنتجين والمؤلفين إنما يستوردون المشاكل والقضايا والأمراض الاجتماعية استيرادا ليلصقوها بالأعمال الفنية.

لا أعمم طبعا حتى لا أكون مجحفا، ولكن هناك أيضا أعمال جادة تعكس ما يحدث في المجتمع من قضايا مؤرقة، ولكن المجمل والمعظم هي قضايا مستوردة، والتكنيك الفني أيضا مستورد يخلو من الإبداع الحقيقي، الإبداع الذي نتمنى أن يكون بنكهة مجتمعنا، معبرا تعبيرا صادقا عما فيه من أمراض وآلام وقضايا، دافعا إلى الوصول إلى حل لتلك القضايا.

أما البرامج الترفيهية فلا بد أن تمس جوهر عادات المجتمع الأصيل، وأن ترقى به رقيا حقيقيا، وأن تطهره من أدران الأعمال الفنية الغربية، ومن أدران التشدد والتطرف على حد سواء، هكذا نحن ننتظر أعمالا فنية لا طواحين هواء فنية.