قلّد رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري إيتيل عدنان ميدالية الجامعة، في احتفال في بيتها في باريس، في حضور بعض الأصدقاء المقربين، من بينهم فنانون ومعماريون وأساتذة من الجامعة الأميركية في بيروت. ومن بين شهاداتها الفخرية، تمثّل ميدالية الجامعة الأميركية في بيروت التكريم الأرفع الذي تمنحه.

ووزعت الجامعة الأميركية نبذة عن حياة إيتيل، ما جاء فيها: «ولدت إيتيل عدنان في بيروت عام 1925، وهي كاتبة مشهود لها دولياً لكتاباتها باللغتين الفرنسية والإنكليزية. تشتهر خصوصاً بروايتها «الست ماري روز»، من عام 1977، وهي من أولى الروايات التي ظهرت عن الحرب الأهلية اللبنانية. ووضعت أيضاً أكثر من ثلاثين كتاباً في الشعر والنثر، من بينها «نهاية العالم العربي»، «الهندي لم يكن لديه حصان»، «باريس عندما تكون عارية»، «في قلب قلب بلد آخر»، وهي مؤلفات منعتقة من التقاليد الأدبية والاجتماعية والسياسية في سعي إلى بحث إنساني. وترجمت أعمالها إلى لغات عدة، بما فيها العربية، التي تصفها إيتيل عدنان بأنها «الفردوس المحظور» في طفولتها».

Ad

بيت بمنازل كثيرة

كذلك جاء في النبذة: «نشأت إيتيل عدنان في «بيت بمنازل كثيرة»، وهو العنوان الذي أطلقه كمال الصليبي على كتابه عن تاريخ لبنان، ولديها جذور في نواحٍ عدة من المنطقة. والدتها كانت يونانية فيما والدها كان ضابطاً في الجيش العثماني ومن دمشق.

التقيا في مدينة سميرنا اليونانية وانتقلا إلى بيروت بعد انهيار الأمبراطورية العثمانية. وكبرت إيتيل عدنان في لبنان تحت الانتداب الفرنسي وتكلمت التركية واليونانية مع والديها في البيت والفرنسية في المدرسة.

في الفنون البصرية، خصوصاً في الرسم التجريدي، وجدت إيتيل عدنان، في ما بعد، لغة خالية من الحواجز المصنوعة من الكلمات. وعرضت أعمالها في البيانات الفنية الرئيسة والمعارض الجماعية والفردية في جميع أنحاء العالم. وهي معروفة دولياً باعتبارها واحدة من أعظم الفنانين على قيد الحياة.

درست إيتيل عدنان الأدب الفرنسي في كلية الدراسات الأدبية العليا في بيروت من 1945 إلى 1949، وعلمت في الوقت ذاته في المدرسة الأهلية. ودرست الفلسفة في السوربون في باريس بمنحة، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة في العام 1955 لمواصلة دراستها في جامعة هارفارد. ومع ذلك، بعد وصولها إلى الولايات المتحدة، قررت عدم متابعة الدراسة للدكتوراه بل تدريس العلوم الإنسانية في كلية الدومينيكان في سان رافايل، في كاليفورنيا. هناك، وجدت صوتاً جديداً لها عبر الكتابة باللغة الإنكليزية، خصوصاً كمشاركة ناشطة في التحرك المناهض لحرب فيتنام. وعادت إلى بيروت في أوائل السبعينيات، حيث عملت في الصفحات الثقافية في جريدة «لوريان لو جور» اللبنانية، ثم غادرت العاصمة مع اندلاع الحرب الأهلية.

أمضت عدنان الكثير من عمرها بين بيروت وباريس وكاليفورنيا، وزارت مئات المدن في جميع أنحاء العالم، لذلك يمكن وصفها بأنها مواطنة عالمية. وهو ما يساهم في جعلها «مواطنة» بكل معنى الكلمة من الجامعة الأميركية في بيروت. وهي تقول: «نشأت في محيط الجامعة الأميركية في بيروت وعشت جزءاً من حياتي كراشدة في رأس بيروت. حلمت دائماً بالتدريس فيها. حصولي على هذه الميدالية يؤثر في كثيراً. أشعر كما لو أنني أدخل الجامعة الأميركية في بيروت من خلال بواباتها الجميلة. وكأنني أعود إلى البيت».

مفصل تاريخي

«تترامى حياة إيتيل عدنان عبر مفصل تاريخي وقرابة قرن من الزمان. وهي تحمل ميراث الإمبراطورية العثمانية وقصص المنفى على تنوعها، والتي ورثتها من والديها عن عالم فقدته إلى الأبد. وفي أدبها وفنها استكشفت بدائل للوقائع السياسية التي خبرتها مباشرة. ورغم الفظائع التي عاشتها، من الحرب العالمية الثانية إلى نكبة عام 1948، والهزيمة العربية في حرب يونيو 1967، وحرب فيتنام، والحرب الأهلية اللبنانية من 1975 إلى 1990، وحربي العراق عامي 1991 و 2003، إلى الحرب المستمرة في سورية، تمسكت بعزم بالأمل بعالم أكثر إنسانية. وعبر منحها ميدالية الجامعة الأميركية في بيروت، تحتفل الجامعة بإيتيل عدنان كمنارة للمسعى الإنساني وتشاركها في حلمها بمستقبل أفضل. وقد حملت إيتيل عدنان الميدالية بفخر وسعادة حول عنقها خلال زيارة الرئيس خوري لها».