استؤنفت في بريطانيا، أمس، حملة الانتخابات التشريعية التي باتت تتمحور حول الأمن، بينما تواصل الشرطة تحقيقاتها حول الشبكة الجهادية التي تقف وراء اعتداء مانشستر.

وكانت الحملة للانتخابات التشريعية التي ستجرى في الثامن من يونيو، علقت منذ الثلاثاء بعد الاعتداء الذي استهدف حفلة غنائية وأسفر عن سقوط 22 قتيلا و75 جريحا بينهم اطفال ومراهقون.

Ad

أثار زعيم حزب "العمال" المعارض، جيرمي كوربين، الذي ينتمي إلى الجناح اليساري المتشدد في الحزب، سجالا انتخابيا بشأن الإرهاب مع حزب المحافظين الحاكم، بعد أن ادعى أن الإرهاب الذي يضرب داخل البلاد سببه "التدخلات البريطانية في الخارج". وردت وزيرة الداخلية البريطانية، أمبر راد، على تصريحات كوربين، متهمة اياه بأنه يبرر الإرهاب.

وكان كوربين قد أجبر قبل يومين على القول إن هجوم مانشستر "عمل إرهابي"، وذلك بعد أن وصف الهجوم في تصريح قبل ذلك بأنه "عمل من أعمال العنف المروعة".

وشكك كوربين بالحرب على الإرهاب قائلا: «يجب أن نتحلى بالشجاعة الكافية للاعتراف بأن الحرب على الإرهاب، ببساطة، ليست فاعلة»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى طريقة أذكى لخفض التهديدات من الدول التي تغذي الإرهابيين وتولد الإرهاب».

وخاطب القوات المسلحة البريطانية قائلا: «أريد أن أطمئنكم أنه تحت قيادتي، لن يتم إرسالكم إلى الخارج إلا عند وجود حاجة واضحة، وعندما يكون هناك خطة، وعندما يكون لديكم الموارد لأداء مهمتكم لضمان نتيجة تؤدي إلى سلام دائم». وتعهد بإلغاء خفض نفقات خدمات الشرطة والطوارئ التي طبقها حزب المحافظين المنتمية له رئيسة الوزراء تيريزا ماي. واستطرد: «سيكون هناك المزيد من الشرطة في الشوارع في عهد حكومة بقيادة العمال».

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أمس، إن الحكومة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تسريب معلومات من تحقيق الشرطة البريطانية في تفجير مانشستر يوم الاثنين الذي قتل فيه 22 شخصا.

ووقف تيلرسون إلى جوار وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في لندن، وقال: «انفطرت القلوب في كل أنحاء أميركا» لدى سماع نبأ الهجوم.

وعلقت الشرطة البريطانية لفترة وجيزة تبادل المعلومات مع الولايات المتحدة، أمس الأول، بعد أن ظهرت تفاصيل سرية من تحقيقها عدة مرات في وسائل إعلام أميركية أولها صحيفة نيويورك تايمز.

وأضاف: «نتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك، ومن المؤكد أننا نأسف لحدوثه». ومضى قائلا: «فيما يتعلق بنشر معلومات بصورة غير لائقة... ندين ذلك بالتأكيد». وطلبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، أمس الأول، على هامش قمة حلف شمال الاطلسي في بروكسل إبقاء المعلومات المرتبطة بالتحقيق سرية. وتعهد ترامب بملاحقة المسؤولين عن التسريبات. ونتيجة لهذا التعهد، أعلنت الشرطة البريطانية عن عودة التبادل مجددا بعد تعهد ترامب بملاحقة المسريبن.

وأكدت ماي أمام شركائها في مجموعة السبع في إيطاليا، أمس، ضرورة مواصلة مكافحة الارهاب بإصرار، قبل أن تعود مساء الى لندن. ودعت إلى أن تقوم مجموعات الإنترنت الكبرى ببذل مزيد من الجهود لازالة المضامين الاكثر تطرفا من محتوياتها. وقال مسؤول بريطاني كبير قبل الاجتماع إن «الحرب تنتقل من ميدان القتال إلى الانترنت».

تقدم عمالي

وأظهر استطلاع جديد للرأي أن حزب العمال ضيق الفارق إلى خمس نقاط مع حزب المحافظين الذي تتزعمه ماي. وأصبحت ميزانية الشرطة والسياسة الخارجية على رأس القضايا المطروحة للنقاش خلال الحملات.

وتقوم الشرطة بدوريات في المدن والقطارات، وتم إبلاغ المستشفيات لتستعد، لكن وزير الأمن بن والاس قال إنه لا يوجد دليل عن تهديد بعينه خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما تشهد البلاد عددا من الأحداث المهمة.

وكانت ماي دعت إلى الانتخابات المبكرة لتعزيز موقفها في المفاوضات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتراجع التأييد للمحافظين إلى 43 في المئة بينما ارتفع الدعم لحزب العمال إلى 38 في المئة في استطلاع لمؤسسة يوغوف، مما أسفر عن تراجع الإسترليني أمام الدولار واليورو أكثر من نصف في المئة.

التحقيقات

وفي إطار التحقيقات الجارية، ألقت الشرطة البريطانية القبض على رجل، أمس في ضاحية موس سايد ليكون بذلك الشخص العاشر الذي تحتجزه السلطات، فيما له صلة بهجوم مانشستر. ومن بين المعتقلين فتى بيلغ الـ 16 من عمره وبعد ذلك. استعانة الشرطة البريطانية بخبراء للمفرقعات أثناء تفتيشها لمنزل في مدينة ويغان الانكليزية. وزعم الضباط الذين فتشوا منزل عبيدي أمس أنهم وجدوا مخبأ كبيرا من المواد الكيميائية المتفجرة وغيرها من المكونات، الأمر الذي يثير مخاوف حول ما إذا كان قد صنع عدة قنابل ووزعها على متطرفين بريطانيين. واقتحمت الشرطة أيضا محل حلاقة كان يتردد عليه عبيدي. وأظهرت التحقيقات أن عبيدي خطط لهذا الهجوم منذ نحو عام، إذ كان يشتري المواد اللازمة للهجوم ويخزنها على دفعات، بحسب ما أظهرت أيضا سجلاته البنكية. وذكرت بعض التقارير أن عبيدي أصيب في معركة مع داعش.

لا يوجد تهديد

أمنيا، قال وزير بريطاني إن أجهزة الطوارئ في البلاد مستعدة لهجمات محتملة على أحداث عامة خلال العطلة الأسبوعية المقبلة، لكن لم ترد أي معلومات بشأن تهديدات محددة بعد هجوم مانشستر الذي أوقع 22 قتيلا يوم الاثنين. ويوم الاثنين عطلة رسمية في بريطانيا، ويشهد مطلع الأسبوع عددا من الأحداث الهامة مثل نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم في لندن اليوم.

وقال وزير الأمن البريطاني بن والاس إن التقارير التي أفادت بأن السلطات أبلغت المستشفيات بالاستعداد لمطلع الأسبوع تأتي في إطار رفع درجة الاستعداد الأمني بوجه عام، وإن هذا ليس نتيجة تلقي معلومات محددة.

وأوضح «هذا إجراء احترازي بالدرجة الأولى... لا يوجد تهديد محدد لحدث معين».

وأضاف أيضاً أن الشرطة على ثقة من الكشف عن شبكة من الأشخاص الضالعين في هجوم يوم الاثنين، وقال إن الحكومة تحتاج إلى أدوات لإجبار شركات مثل فيسبوك على حذف المحتوى الخطير على الإنترنت بصورة أسرع.

روسيا

من جانبها، أوصت روسيا أمس مواطنيها بتجنب السفر إلى المملكة المتحدة بسبب مستوى التهديد الارهابي فيها. وقالت إن «سفارة روسيا في بريطانيا توصي للمواطنين الروس بتجنب السفر الى هذا البلد، وزيارة المدن الكبرى خصوصا، إلا اذا أملت الرحلة ضرورة قصوى». وأضافت أن هذا القرار «يبرره رفع حكومة المملكة المتحدة مستوى التحذير من التهديد الارهابي الى اعلى مستواه».

دعم فرنسي

من جهته، عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس مساعدة ماي في حشد الدعم للحرب ضد الإرهاب.

وقال الرئيس المنتخب حديثا لماي في فندق سان دومينيكو بالاس ببلدة تاورمينا في صقلية: «نعرف هذه النوعية من الهجمات»، مضيفاً: «سنبذل كل ما بوسعنا لزيادة هذا التعاون على المستوى الأوروبي لفعل المزيد من وجهة نظر ثنائية للتصدي للإرهاب. سنفعل ذلك خلال اليوم بالكامل لأن هذا هو التحدي المشترك».

قنابل «مهداة» من مانشستر إلى «داعش»

تناقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة تظهر عبارات كتبت على قنابل محملة على مقاتلات تابعة لسلاح الجو البريطاني، قبيل شن غارات تستهدف تنظيم" داعش" في سورية. وكتب على الصور، التي أكد سلاح الجو البريطاني عبارة "مع الحب من مانشستر" مكتوبة على قنبلة من نوع "هيل فاير". يشار إلى أن هذا الأمر مألوف لدى الطيارين في ردود فعل على أعمال وهجمات نفذها التنظيم، حيث كتب الطيارون الأردنيون، في فبراير 2015، عبارات ضد التنظيم الذي نشر فيديو يظهر إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.