تحدّت إيران وناخبوها الشباب في المدن، الذين ينظرون إلى الغرب، ترامب والصفقة النووية الأميركية بمنح رئيسهم المعتدل حسن روحاني انتصاراً ساحقاً، منتخبين إياه لولاية جديدة.

لا شك أن حصول روحاني على أكثرية مطلقة مع 57 في المئة من الأصوات في عملية انتخاب ضمت أربعة مرشحين، متخطياً المرشحين خصوصاً المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، الذي حظي بدعم حرس الثورة المريع، يتطلب رداً إيجابياً وحتى دافئاً من الغرب ولا سيما ترامب، كما يستحق داعمو روحاني على الأقل بعض الإقرار بأن التماسهم المساعدة في تصديهم لقوى الكراهية والأصولية الإسلامية قد سُمع.

Ad

لكننا لم نشهد أياً من ذلك للأسف، على العكس كان ترامب صباح انتصار روحاني المذهل في المملكة العربية السعودية، أبرز خصوم إيران في المنطقة، حيث انحنى كي يتمكن الملك سلمان من وضع وسام الشرف الأعلى في أمته، طوق الملك عبدالعزيز، حول عنقه. ثم وقّعت الأمتان عقداً يقضي بتسليم المملكة في الحال أسلحة أميركية بقيمة 110 مليارات دولار، فضلاً عن شحنات إضافية خلال السنوات العشر التالية بقيمة 350 ملياراً، وأشادت الولايات المتحدة بهذا الاتفاق في تصريحها الذي جاء فيه: "تدعم هذه الرزمة من المعدات والخدمات الدفاعية أمن المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج على الأمد الطويل في وجه النفوذ الإيراني الخبيث والتهديدات الإيرانية المرتبطة به".

ذكر روحاني بوضوح خلال بيان انتصاره الذي نقلته التلفزيونات الإيرانية: "كانت رسالة أمتنا في هذه الانتخابات واضحة: اختارت الأمة الإيرانية مسار التفاعل مع العالم، مبتعدةً عن العنف والتطرف". إذاً اختارت الغالبية التي عقدت العزم بالتحديد عكس ما أشار إليه ترامب طوال نهاية الأسبوع التي حقق فيها روحاني فوزه، فهل يُعقل أن تعمي صفقة أسلحة كبيرة ووعد بأكوام ضخمة من المال إدارة ترامب عن الفرصة التي يمثلها القائد الإيراني المنتخب حديثاً، حتى لو كان يتمتع بصلاحيات محدودة ليطبّق مقاربته المعتدلة؟

يمثّل انتصار روحاني مجموعة جديدة من التحديات بالنسبة إلى ترامب، الذي يفتقر على الأرجح إلى الخبرة الضرورية لقبولها أو التفاعل معها، ويخبر الشعب الإيراني وخصوصاً الشباب، الغرب بكل وضوح: نريد أن نكون جزءاً من مستقبلكم لا أن نبقى عالقين في الماضي الديني.

لا بد من أن نتساءل عما إذا كان ترامب اليوم الشخص المناسب لحمل رسالة مصالحة إلى موطن أبرز المواقع المقدسة في الإسلام: مكة والمدينة المنورة. لم ينسَ الناس هنالك بعد الرسائل السامة التي أطلقها خلال حملته، صاباً جام غضبه على دينهم وكل مَن يؤمنون به.

أخبر ترامب الحضور أن الحرب على الإرهاب ليست حرباً دينية، وسيتابع الناس خطابه عن كثب، تماماً كما فعلوا مع خطاب أوباما قبل ثماني سنوات، مع أن هذين الرئيسين خاطبَا جمهورَين مختلفين تماماً، فكان أوباما يتوجه إلى الشارع العربي، في حين خاطب ترامب القادة العرب الذين لا يكترثون بهذا الشارع إلا عندما يرغبون في استغلاله للبقاء في السلطة.

*ديفيد أ. أنديلمان

*«يو. إس. آي. توداي»