يرى المنتج محمد العدل، عضو الهيئة العليا للمهرجانات في مصر، أن ثمة أسباباً عدة لأزمة المهرجانات السينمائية، بعضها مادي بسبب قلة الدعم المُقدم من الدولة والذي يختفي أحياناً مع غياب تام للقطاع الخاص والمجتمع الأهلي، وبعضها خاص بثقافة المهرجان، موضحاً أن المسؤولين في الدولة والمشاهدين لا يعرفون قيمة المهرجان وأهميته الثقافية والسياسية ويعتبرون الأمر ترفيهياً فحسب.

كذلك يشير إلى أزمة تبعية بعض المهرجانات لوزارة الثقافة، لا سيما «القاهرة، والقومي للسينما»، فيما لا بدّ من أن تُسند الإدارة إلى المجتمع الأهلي أو المثقفين بعيداً عن الوزارة التي جعلت من هذين المهرجانين تابعين لها يديرهما موظفون هدفهم المكافآت والوجاهة وليس تقديم مهرجان ناجح.

Ad

ويضيف العدل: «لدينا مهرجانات تنافس بعضها بعضاً بدلاً من أن تتكامل معاً، وكأننا في جُزر منعزلة ولا تنسيق بينها وبين إدارة المهرجانات».

من جانبه، يرى السيناريست سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر، أن الأزمة في تعامل الدولة مع المهرجانات على أنها وسيلة ترفيه وتسلية للنجوم والضيوف، وليس لها أي دور فني أو ثقافي أو حتى سياسي، وسبب هذا الانطباع أن بعض المهرجانات لم يكن على المستوى المطلوب فتعاملت الدولة مع المهرجانات كافة بنظرة واحدة من دون تفرقة، فضلاً عن أن الدعم المالي من الدولة ممثلة بوزارتي الثقافة والشباب ضعيف، وغير منتظم أحياناً، بالإضافة إلى تخاذل المجتمع الأهلي والقطاع الخاص لأن ثقافة دعم المصانع والشركات الكبيرة للمهرجانات غير موجودة في مصر وكثير من المجتمع الأهلي لا يهتم بهذا الأمر.

يرى المخرج أحمد ماهر أن أي مهرجان في أي مكان لا بد من أن تكون إقامته واضحة الهدف، وهو ما لم يظهر في مهرجانات عدة أنشئت أخيراً، حيث تجد الاهتمام منصباً على زيادة العدد، وذلك يتعلق بإدارة المهرجان وثقافتها بعيداً عن التمويل والدعم.

ويتساءل: «كيف نُقرر إقامة مهرجان في مدينة بلا شاشة عرض أو سينما؟ عليه، لا قيمة للمهرجانات ولا أهمية لها، ونحن لا نقدم مهرجاناً جيداً ولا ثقافة سينمائية للجمهور».

غياب الثقافة

يرى الناقد نادر عدلي، أننا لا نعرف ثقافة المهرجان من الأساس، رغم عراقة تاريخنا السينمائي الممتد على مدار مئة عام. كانت لدينا ثلاثة مهرجانات حتى عام 2011 وأصبحت الآن ستة، وهو عدد هزيل لا يتناسب مع تاريخنا السينمائي. كذلك لا يتمتع أي مهرجان بميزانية ثابتة بخلاف «القاهرة» و«الإسكندرية» في الدورات الأخيرة فحسب، فيما المهرجانات كافة تعيش على الدعم غير الثابت والزهيد أيضاً.

تابع: «عدم وجود ميزانية ثابتة للمهرجان أدى إلى غياب الجهاز الإداري المتفرغ لاختيار الأفلام والوفود، فيما العمل قائم على الجهود الذاتية والتطوع. حتى أن مهرجان القاهرة لم يحظ بجهاز إداري إلا أخيراً».

«كذلك الدولة التي لا تعترف بالفن والثقافة عموماً لن تعترف بالمهرجان وأهميته»، كما يقول عدلي، ما انعكس على نظرة الجمهور إلى المهرجان عموماً، وأضاف: «الشللية تحكم اختيار الضيوف، ولبعض الأفلام تأثير سلبي على مستوى المهرجان ونظرة الناس إليه»، موضحاً أن اهتمام القيادة السياسية في المغرب وتونس وسورية في المهرجانات السينمائية وتنظيمها يعطي يؤشران إلى اهتمام الدولة بالفن والثقافة في هذه البلاد، ويجعلان الجميع في حالة تأهب كي يظهر بصورة جيدة، في حين أننا لم نر عندنا مسؤولاً رفيعاً حضر أو اهتم بأي مهرجان بخلاف وزير الثقافة المعني بالمهرجان أصلاً».