يشهد كل أسبوع يمرّ ترويجاً لنوع غذائي جديد (يكون أحياناً مضراً) على موقع «إنستغرام». نسمع راهناً الكثير عن «خبز الحورية المحمص» (mermaid toast)، الذي يحظى بإعجاب كثيرين. يشبه هذا النوع من الخبز، الذي ابتكرته المصممة الغذائية أدلين واغ، بألوانه المتدرجة من الأزرق والأخضر المحيط المضطرب، وتعود ألوانه هذه إلى مادة السبيرولين. وهكذا يتبين أن مزايا هذه الطحالب الخارقة، التي اعتدنا رشها فوق مشروباتنا الباردة خلال السنوات القليلة الماضية، لا تقتصر على غناها بالبروتينات ومضادات الأكسدة والأملاح المعدنية، فهي أيضاً ممتعة وتمنح الأطعمة شكلاً مميزاً. وها هي تنتقل اليوم إلى مساحيق العناية بالبشرة على غرار سائر الطحالب وأعشاب البحر.

صحيح أن النباتات البحرية تُستخدم لمنح منتجات التجميل (والمنتجات الغذائية) تركيبة شبيهة بـ«الجيل» منذ عقود، ولكن في عام 2017، شهدت المختبرات ثورة: بدأت الطحالب تغزو طاولات الباحثين كما لو أنها موجة تسونامي عاتية.

Ad

يعمل الباحثون اليوم على تقطير هذه الطحالب لاستخراج فوائدها وإضافتها إلى المنتجات الطبية، فضلاً عن الكريمات المنحفة، والمنتجات الواقية من أشعة الشمس، والتركيبات التي تنظف الجسم من السموم. كذلك تُعتبر هذه الطحالب راهناً النجم الجديد في عالم المنتجات التي تحارب علامات الشيخوخة.

سواء كانت حمراء، أو بنية، أو خضراء، تحقّق هذه الطحالب إنجازات بالغة الأهمية. على سبيل المثال، يستطيع بعضها امتصاص الأشعة ما فوق البنفسجية، ما يحمي بالتالي البشرة من مضار الشمس ويقيها في الوقت عينه خطر عدم التحمل، كما هي الحال مع الألياف الكيماوية. وينجح بعضها الآخر في تحفيز إنتاج الأكوابورين ويسمح للبشرة بالحفاظ على رطوبتها على الأمد الطويل. كذلك ينشط عدد من الطحالب عملية تجديد الخلايا وإفراز الكولاجين. إذاً، تؤثر الطحالب في آليات البشرة كافة، فضلاً عن أساليب دفاعها وقدرتها على استعادة طاقتها. علاوة على ذلك، يساهم غنى هذه «المواد المغذية الخارقة» الخلوي بأحماض أوميغا-3 الدهنية، السكريات المتعددة (التي تبقي البشرة ملساء)، والفيتامينين A وE، والعناصر النباتية في الحد من علامات الشيخوخة، من التجاعيد إلى خسارة الكثافة.

إصلاح ذاتي

يولي الباحثون اهتماماً كبيراً بالطحالب التي تتعرض لإجهاد مؤكسد عالٍ على غرار بشرتنا إنما أشد سوءاً. تتعرض الطحالب المجهرية التي تسبح مع التيارات لتغيرات مستمرة في الضغط والحرارة، في حين تواجه تلك التي تعلق بالصخور تبدلات كبيرة في الرطوبة نتيجة لحركة الأمواج. أما تلك التي تعيش قرب الشاطئ وعلى صخوره، فتُضطر إلى الصمود في وجه الجفاف وكميات الأشعة ما فوق البنفسجية الضخمة التي تنصب عليها. وكي تتمكن هذه الطحالب من مقاومة العوامل الطبيعية والظروف القاسية، طوّرت آليات تتيح لها إصلاح ذاتها. وهذه الآليات هي ما يثير اهتمام الباحثين بالتحديد. في مجال استعمال الطحالب في الرعاية الصحية، تحقق فرنسا خصوصاً تقدماً كبيراً بفضل تاريخها الطويل مع العلاج البحري (thalassotherapy). وتشكّل منطقة بريتاني، حيث تلتقي تيارات بحرية كثيرة وتشكّل شواطئ عدة محميات، وحوض إنتاج وأبحاث معروفاً عالمياً، خصوصاً بالنسبة إلى دور التجميل الآسيوية. ويشكل استخلاص فوائد الطحالب محور عمل شركة Thalgo التي أسسها قبل 50 سنة صيدلي نجح في قطع جوانب الطحالب الخلوية لتحرير المواد النشطة فيها وكشف قدراتها.

لكن الجديد في هذا المجال أن شركات منتجات التجميل العريقة والمتخصصة، مثل Thalgo، Daniel Jouvance، La Mer، وBiotherm، لم تعد الوحيدة المهتمة في الآونة الأخيرة بالنباتات البحرية. على سبيل المثال، أضافت Tata Harper من فيرمونت، التي تبحث عن منتجاتها النشطة في شتى مناطق العالم، إلى آخر ابتكاراتها في مجال الزيوت المضادة لعوامل الشيخوخة الواكامي، ذلك النوع البني من الطحالب الذي نراه في حساء الميسو. توضح الشركة أنها تستخدم هذه الطحالب لأنها غنية جداً بالأحماض الدهنية، التي تؤدي دوراً فاعلاً في إصلاح حاجز البشرة والحد من الالتهاب. كذلك تساهم في الحد من علامات الشيخوخة: تخفض إنتاج البروجيرين، وهو البروتين المسؤول عن شيخوخة الجسم، وتنشط عملية الأيض في الخلايا المسنة، وأخيراً، تضبط نشاط الجذور الحرة في البشرة التي تخرج عن السيطرة مع التقدم في السن.

بالإضافة إلى هذه الفوائد الكثيرة والبالغة الأهمية، تتمتع الطحالب بخاصية أخرى تثير اهتمام شركات منتجات التجميل: التوافق الحيوي الكبير مع البشرة، حتى إن بعض العلماء يتحدث عن «تطابق حيوي».

منذ بدء العالم، كانت خلايا تسبح في ماء البحر. نتيجة لذلك، تخترق المواد البحرية النشطة البشرة بسهولة ويمتصها الجسم من دون عوائق لأنه يألفها. وينطبق ذلك، مثلاً، على الكولاجين البحري. لذا تبدو شركات منتجات التجميل مقتنعة جداً بخاصية الطحالب هذه، حتى إن كثيراً منها عقد تحالفات مع شركات تنتج الطحالب، مثل Algues & Mer التي استحوذت عليها أخيراً شركة Solabia، التي تنتج المواد الأولية.

يُجمع العلماء على أن المحيط يشكّل مستقبل الإنسان في مجالات الأدوية، والغذاء، والتجميل. ولا شك في أن هذا خبر جيد. كذلك لا يستخدم الإنسان اليوم مجموعة متنوعة من الطحالب، بل لا يتعدى المستعمل اليوم بضع مئات. لكن العلماء نجحوا في تحديد أكثر من 25 ألف نوع من أعشاب البحر، في حين أن عدد الطحالب المجهرية لا يُحصى، مع أن بعض الباحثين يُقدر عددها بنحو مئة ألف.

باختصار، تحمل الطحالب لصحتنا عموماً وبشرتنا خصوصاً فوائد محتملة كبيرة. ومن المتوقع ألا يشهد التقدم، الذي حققته شركات منتجات التجميل في هذا المجال، والذي تسارع في السنوات العشر الأخيرة، تباطؤاً في المستقبل القريب.

لائحة من منتجات الطحالب «السحرية»

• طبيعي: خليط متطوِّر من الطحالب، وماء البحر، والنباتات ينشط آليات البشرة: Crème des Vagues من Algologie.

• ليلي: يحتوي كريم العناية الليلية هذا على نوع من الطحالب يعزِّز تجدّد الخلايا: Aquasource Everplump Night من Biotherm.

• للصحة: خلاصة سبيرولين تحسّن الصحة نظراً إلى محتواها الكبير من البروتينات، والكالسيوم، والحديد، البيتا-كاروتين، وغيرها: Blue Dose من Laboratoires Gilbert.

• لبشرة ملساء: منتج من زيت اللوز الناعم والسكريات البحرية التي تملس التجاعيد: BB Masque Nuit من Algotherm.

• غذاء خارق: يحتوي على السبيرولين الغني بمضادات الأكسدة، والفيتامينين A وE، والأملاح المعدنية، والأحماض الدهنية. إنه باختصار علاج فاعل للبشرة: كريم Enissa من Monop’ Beauty.

• للإصلاح: خلاصة البابونج وإكليل الجبل مدعمة بالسبيرولين بغية إصلاح الشعر التالف: Shampooing à la Spiruline Bio من UVBIO.

• رفاهية: يضمّ خليطاً عجيباً يحتوي على مواد بحرية نشطة مركزة: Sérum Hydratant Revitalisant من La Mer.

• عالي التقنية: تركيبة تنشّط 64 بروتيناً في البشرة بغية محاربة علامات الشيخوخة: Crème Prodige des Océans من Thalgo.

• حيوي: 17 زيتاً نباتياً، وزيوت أساسية، والواكامي في تركيبة بالغة الخفة: Beautifying Face Oil من Tata Harper.

• مضاد للإجهاد: تحمل الطحالب الأملاح المعدنية والأوكسجين إلى الخلايا، فضلاً عن المغنيزيوم الذي يساعد العضلات على الاسترخاء: Gommage Corps Vivifiant aux Algues de l’Atlantique et au Magnésium من REN.