ثمة سؤال يتردد في الهند وهو: أي ولاية يحتمل بقدر أكبر أن تسدد قروضها؟ هل هي بيهار التي تعتبر الأكثر فقراً في ذلك البلد، حيث وصل عجز الميزانية الى حوالي 6 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام الماضي، أم غوجارات وهي منطقة ساحلية مزدهرة بشكل نسبي حيث وصل العجز الى حوالي 2 في المئة؟ وبالنسبة الى سوق السندات على الأقل لا يختلف الوضع كثيراً لأنهما تدفعان معدلات الفائدة ذاتها.

وفي ما يتعلق بالاقتراض في بيهار وغوجارات وولايات الهند الـ 27 الأخرى التي كانت قيد المراقبة فإن ديون الهند والعجز السنوي في ميزانياتها يمكن أن ينسب الى حد كبير الى تبذير الحكومة المركزية في دلهي، ولكن الزيادة الكبيرة في مبالغ الاقتراض من جانب الولايات خلال العقد الماضي والتي ارتفعت من 154 مليار روبية ( 3.5 مليارات دولار حينئذٍ) في سنة 2006 الى حوالي 3.9 تريليونات في السنة المالية التي انتهت أخيراً أي (60.4 مليار دولار الآن) تعني أن تلك الولايات في حاجة الى تمويل يعادل احتياج الحكومة المركزية.

Ad

وتشتمل عملية التحول في الثقل المالي من دلهي الى الولايات على درجة كبيرة من المشاكل بالنسبة الى الهند، وتتمثل واحدة من تلك المشاكل في وجود فجوة معلومات لأن وثائق ميزانية الولاية تجمع من قبل السلطات المركزية بعد تأخير يستمر لأكثر من سنة، وعلى الرغم من أن الحكومة المركزية بذلت قصارى جهدها لمساواة عجز الميزانية في البلاد فإن رؤساء الحكومات في الولايات أنفقوا معظم الوفورات، وهو ما أفضى الى جعل ميزانية الولاية والحكومة المركزية عند المستوى ذاته من النقص.

إقراض المستثمرين

يقدم المستثمرون القروض الى كل الولايات بالمعدلات ذاتها لسبب وجيه هو أن الحكومة المركزية تعهدت بالاهتمام بهم في حال تخلف الولايات عن السداد، ولذلك فإن لدى رؤساء الوزارة في الولايات الحافز الجلي للتوجه نحو الديون الرخيصة.

وتتعرض بعض الولايات للعجز بسبب ضعف الموارد، وتخطط حفنة من الولايات لاتباع المثل الذي طرحته بيهار كما أن الزيادة في تحويلات الحكومة المركزية تغطي جزءاً فقط من النقص.

ولكن لابد من الاشارة الى أن الانفاق ليس كله في خانة الهدر؛ فقد أعادت الولايات بصورة منطقية هيكلة ديون شركات توزيع الطاقة وهي ممارسة مكلفة ولكنها مجدية، كما أن الزيادة في رواتب موظفي الحكومة المركزية قد تطبق من جانب الولايات، ويتعين على الحكومة المركزية تسديد الزيادة في معدلات الفائدة التي ارتفعت نتيجة تبذير الولايات خشية اضطرارها الى القيام بعملية انقاذ في ما بعد.

ولكن الرسملة نادرة في الهند وقد تم تقييد التدفقات المالية الأجنبية، ولذلك فإن الولايات تتنافس مع الشركات والمستهلكين على أمل الاقتراض من المصادر ذاتها، ونظراً لأن سندات الولاية أقل سيولة من سندات الحكومة المركزية فإنها تدفع قسطاً بسيطاً من أجل اجتذاب مستثمرين، ويكون ذلك بحوالي 0.4 نقطة مئوية، ولكن تلك النسبة ارتفعت في الآونة الأخيرة الى أقل من نقطة مئوية واحدة.

التأثير على الشركات

ويقول ساجد تشينوي من بنك جي بي مورغان تشيس إن تلك الزيادة قد أثرت بدورها على تكلفة اصدار السندات من قبل الشركات، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: لماذا تقدم جهة ما على اقراض شركة مثل «تاتا» أو «ريلايانس» أو من يود شراء منزل عند نسبة تفوق 1 في المئة من المعدل الذي تدفعه الحكومة المركزية لأجل الاقتراض إذا كان الاقراض لأي حكومة ولاية يقدم العوائد ذاتها وينطوي على ضمانة من حكومة دلهي؟

وتعتمد الشركات على نطاق واسع على التمويل من البنوك، ولكن البنوك تفتقر الى رأسمال كما أن المبالغ الاحتياطية فيها تبخرت نتيجة الاقراض المتهور، ومن خلال أخذ نصيب أكبر من المال الذي يمكن لجهات استثمار مثل صناديق التقاعد أو شركات التأمين أن تستثمره في الشركات فإن الولايات جعلت من الأصعب بالنسبة الى تلك الشركات الابتعاد عن اقراض البنوك والتحول الى اصدار سندات، وعلى ذلك، فإن قيام الحكومة التي تملك معظم البنوك القائمة بمعظم عمليات الاقراض، بضخ مزيد من رأس المال في تلك الشركات يجعل العجز المالي أكثر سوءاً بشكل أو بآخر.

ويقول ساجد تشينوي إن اقتراض الولايات ارتفع بنسبة 32 في المئة في السنة المنتهية في شهر مارس الماضي بعد زيادة بنسبة 25 في المئة عن السنة السابقة، ويثير هذا القلق حتى في اقتصاد سريع النمو، وبغية اقناع الولايات باصدار قانون حول فرض ضريبة بضائع وخدمات اعتباراً من شهر يوليو المقبل تعهدت الحكومة المركزية بضمان العوائد التي تحصل الولايات عليها لمدة خمس سنوات في حال توصلها الى اتفاق للحد من انفاقها فقط.