وسط الحديث عن تحركات سورية وإيرانية تنطلق من سورية ومن العراق، للبحث عن طرق جديدة للإمداد بين طهران ودمشق، رسمت الغارة الجوية الأميركية، أمس الأول، على ميليشيا شيعية مدعومة من إيران تقاتل الى جانب الجيش السوري الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد، خطا أحمر أمام دمشق وطهران في المثلث الحدودي بين سورية والعراق والاردن، حيث تسيطر واشنطن هناك بالكامل على الاجواء انطلاقا من وجودها العسكري في محافظة الانبار الصحراوية الشاسعة غرب العراق واتفاقاتها العسكرية مع الاردن.

وتحدث المراقبون عن تحرك إيراني سوري مزدوج في الايام الاخيرة، وينطلق التحرك الاول من العراق، حيث تحاول قوات الحشد الشعبي المدعومة من طهران الوصول الى الحدود السورية في قضاء سنجار غرب الموصل، والتحرك الثاني ينطلق من سورية وتحديدا من دمشق باتجاه اقصى البادية الى المثلث الحدودي بين سورية والعراق والاردن.

Ad

وكان مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أعلنوا أنّ طائرات التحالف بقيادة واشنطن قصفت قافلة لمقاتلين موالين للجيش السوري كانت في طريقها الى قاعدة التنف التي تتولى فيها قوات التحالف تدريب فصائل معارضة يطلق عليها البعض اسم «مغاوير الثورة»، وأضافوا أن القافلة المستهدفة «لم تستجب للتحذيرات من عدم الاقتراب من قوات التحالف في التنف».

ورغم تأكيد مصادر عدة ان المستهدف بالغارة الاميركية كان ميليشيا شيعية موالية لإيران، الا أن دمشق فضلت ان تستثمر الضربة الاميركية، زاعمة أن القصف استهدف «إحدى النقاط العسكرية للجيش السوري» في شرق البلاد، واصفة إياه بـ»الاعتداء السافر»، وفق ما نقل الاعلام الرسمي عن مصدر عسكري.

وقال مصدر عسكري سوري، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن القصف ادى الى «ارتقاء عدد من الشهداء بالإضافة إلى بعض الخسائر المادية»، مضيفاً أن «الاعتداء السافر (...) يفضح زيف ادعاءات» التحالف في محاربة الإرهاب، ومؤكدا أن الجيش السوري «مستمر بالقيام بواجبه في محاربة داعش والنصرة (...) ولن ترهبه كل محاولات ما يسمى التحالف للتوقف عن أداء واجباته المقدسة».

ورأى المصدر العسكري السوري أن «محاولة تبرير هذا العدوان بعدم استجابة القوات المستهدفة للتحذير بالتوقف عن التقدم مرفوضة جملة وتفصيلاً».

وأسفرت الضربة الاميركية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، عن مقتل ثمانية أشخاص «معظمهم غير سوريين». وتقاتل قوات ايرانية ولبنانية وعراقية شيعية الى جانب الجيش السوري.

وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية الموالية لنظام الأسد بمحادثات جنيف إن الضربة الأميركية تمثل «إرهاب حكومات وسببت مجزرة». وأضاف أنه أثار القضية خلال المحادثات مع ستيفان ديميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية.

ونددت روسيا، بدورها، بالقصف «غير المقبول» ضد القوات السورية. ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن نائب وزير الشؤون الخارجية غينادي غاتيلوف، أمس، في جنيف أن «أي عمل عسكري يزيد من تصعيد الوضع في سورية يؤثر على العملية السياسية. خصوصا عندما يتعلق الامر بأعمال (عسكرية) ضد القوات المسلحة السورية»، مضيفا ان القصف «يشكل انتهاكا للسيادة السورية».

وعلق وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس على الغارة قائلا ان الولايات المتحدة لا تنخرط بشكل اكبر في الحرب الاهلية في سورية. وقال ماتيس: «نحن لا نزيد من دورنا في الحرب الاهلية السورية، لكننا سندافع عن قواتنا». وأضاف: «سندافع عن انفسنا اذا اتخذت خطوات عدائية ضدنا، وهذه سياستنا المستمرة من فترة طويلة».

وأكد التحالف، في بيان، ان الضربة وقعت «داخل» منطقة اقيمت شمال غرب موقع التنف العسكري، حيث تتولى قوات خاصة بريطانية واميركية تدريب قوات محلية (مغاوير الثورة) تقاتل تنظيم «داعش» وتقديم المشورة لها.