المفترض أن الجهة العربية الأكثر تأثيراً على إسرائيل هي الأردن ومصر معاً، فهناك اتفاقيات كامب ديفيد، وهناك اتفاقية وادي عربة، والمؤكد أن الإسرائيليين، وخصوصاً الذين في جماجمهم عقول، يعرفون كم أن هاتين الدولتين عانتا، وكم أنهما تعرضتا للتهديد و"الإرهاب" ولمنغصات كثيرة لإقدامهما على توقيع هاتين الاتفاقيتين وإبرام "صلح" مع دولتهم هذه التي بدل أن تجنح للسلم وتمد يدها للفلسطينيين ازدادت تطرفاً وعنجهية، ووصلت بها الأمور في عهد بنيامين نتنياهو إلى حد إنكار وجود شعب فلسطيني وإلى حد نفي أن الضفة الغربية أرضاً محتلة يجب أن تعود لأهلها ليقيموا عليها دولتهم المستقلة.

ولهذا فإن اجتماع الأربعاء الماضي بين العاهل الأردني والرئيس المصري جاء في الاتجاه الصحيح وفي اللحظة المناسبة، فهناك توجه جدي، كما هو واضح حتى الآن، لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحل "معقول" للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي هو صراع عربي - إسرائيلي وعلى أساس حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني... ولعل ما لا نقاش فيه ولا جدال حوله هو أن هذا الـ"حق" يعني إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا هو "حل الدولتين" الذي يطالب به الفلسطينيون والعرب ومعهم معظم دول العالم، أي قيام دولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية.

Ad

ولعل ما يجب أن يقال هنا هو أنه يجب أن يتوجه الأردن ومصر كفريق واحد إلى الإدارة الأميركية الجديدة، التي يبدو، حتى الآن، أن لديها نوايا طيبة، وأيضاً إلى الأمم المتحدة والدول الكبرى المؤثرة والفاعلة، بما لديهما من معطيات مستجدة في ضوء ما تشهده هذه المنطقة من عنف غير مسبوق للضغط على الإسرائيليين للتخلي عن هذه السياسات التدميرية التي يتبعونها، والتي تعتبر بمثابة الزيت الذي يوفره بنيامين نتنياهو للإرهابيين للاستمرار في تأجيج نيرانهم المدمرة في الشرق الأوسط كله وفي العالم بأسره.

إنه لا فائدة إطلاقاً من التوجه لبنيامين نتنياهو وهذه الحكومة الإسرائيلية التي عنوانها آفي ديختر و"أشكاله" مباشرة، وذلك إلا في حالة واحدة وهي أن توضع اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقية وادي عربة على الطاولة وكخيار: "إما السلام على أساس حل الدولتين وإما نهاية هذه الاتفاقيات"... وبالطبع فإن هذا غير مطروح على الإطلاق لأسباب متعددة وكثيرة أهمها أن العودة إلى ما قبل هذه الاتفاقيات تعني المباشرة فوراً في "تشحيم" المدافع والبدء بحفر الخنادق.

بعد أيام قليلة جداً ستشهد الرياض، التي هي غير بعيدة عن لقاء أمس الأول في القاهرة، قمة سعودية – أميركية ستتبعها قمة خليجية - أميركية، ثم قمة موسعة وهائلة إسلامية عربية – أميركية، مما سيوفر فرصة سانحة لمزيد من إقناع الرئيس ترامب والأميركيين والعالم الفاعل والمؤثر كله بأنه لا حل لهذا الصراع الذي أصبح أقدم صراع في العالم إلا حل الدولتين، وأن إنكار نتنياهو للحقوق الفلسطينية المشروعة فعلاً، وعلى هذا النحو، سيؤجج المزيد من الصراع في هذه المنطقة، وبأعنف مما كان عليه كثيراً مما سيوفر أجواء لمزيد من انتعاش الإرهاب والعنف والدمار والخراب.