حملت كلمة ألقاها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أمس عشية دخول البلاد فترة الصمت الانتخابي التي تسبق يوم الاقتراع في الانتخابات الرئاسية غداً نبرة تذمر من سير الحملات الدعائية التي اتسمت بالاستقطاب الشديد، بين مرشحي التيارين الإصلاحي والأصولي.

وعكست عبارات المرشد التي طالبت الإيرانيين بـ«التصويت بكثافة وهدوء لمواجهة الأعداء» وذكرتهم بمشاهد الفوضى وانعدام الأمن في البلدان المجاورة، مشاعر قلق وتخوف من امكانية وقوع اضطرابات مشابهة لاحتجاجات «الحركة الخضراء» التي اعقبت إعلان فوز الرئيس المتشدد أحمدي نجاد في 2009،

Ad

وبينما كان خامنئي يأمل أن يمر موسم الدعاية الانتخابية، التي يتنافس بها الرئيس الحالي حسن روحاني مرشح المعتدلين والإصلاحيين، ورجل الدين النافذ إبراهيم رئيسي مرشح الأصوليين، إلى جانب عدد آخر من المرشحين الأقل حظا، بسلاسة بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور لأي مرشح لا ينال ثقة المرشد، خرج الصراع والخلافات بين المرشحين عن السيطرة وبدل من أن يقوم كل مرشح بالتركيز على برنامج انتخابي لحل مشاكل البلاد قاموا بفضح ممارساتهم السياسية خلال توليهم للمناصب الحالية والسابقة دون الالتفات إلى تأثير ذلك على أركان النظام الذي يحتضنهم.

فالهجوم على روحاني لم يكن يوجه إليه كشخص بل كان يشمل كل المؤسسات الحكومية دون استثناء واتهامها جميعا بالفساد. كما أن الهجوم على رئيسي وهو سادن مرقد الإمام الرضا لم يقتصر عليه شخصياً أو حتى على المؤسسة التي تحتضنه حالياً، بل شمل كل اركان السلطة القضائية في البلاد، كما لم يشمل الهجوم على أمين العاصمة طهران محمد باقر قاليباف، المحسوب على التيار الأصولي، شخصه فقط، بل شمل البلدية و«الباسيج» (التعبئة الشعبية) وقيادة الشرطة التي كان يرأسها سابقا والأجهزة الأمنية و«الحرس الثوري».

وفي وقت يرى مراقبون أن الاقتراع يمثل تصويتا على ابقاء «سياسة الانفتاح على العالم الخارجي» التي انتهجها روحاني، استطاع الأصوليون، ولأول مرة منذ ثورة 1979، أن يوحدوا قواهم خلف مرشح واحد هو رئيسي على أمل حسم الانتخابات لصالحهم في مواجهة روحاني الذي حظي بدعم زعيم التيار المعتدل الرئيس الأسبق محمد خاتمي.

وعلى الرغم من إن الإصلاحيين عادة يستطيعون جذب أكبر عدد من الناخبين الرماديين (المترددين) الا أن فشل روحاني في سياساته الاقتصادية ادى الى تراجع كبير في شعبيته بين هؤلاء.

وكي يضمن فوزه، اجبر روحاني على اجتذاب أصوات مؤيدي «الحركة الخضراء» المنسحبين من المشهد السياسي.

وفي ظل كل هذه التطورات تحول مشهد السباق الانتخابي الى ما كان المرشد يتخوف منه مسبقا، انتخابات ذات قطبين وايقاظ مؤيدي الحركة الخضراء، ومن هنا جاءت تحذيرات المرشد من أن أي تحرك ممكن ان يؤدي الى زعزعة الامن.

واذا ما استطاع روحاني في الساعات المقبلة التأثير على المترددين فإنه سوف يفوز في الانتخابات وإلا فهناك احتمال كبير ان يخسر المنافسة امام رئيسي، الامر الذي يمكن ان يؤدي الى عودة الاضطرابات الى الشارع على شكل «الحركة الخضراء» لكن هذه المرة مدعومة بالحكومة وانصارها.