"المحفظة المليارية الوطنية التابعة للهيئة العامة للاستثمار لو ابتعدت عن البورصة لرأينا انعكاسات سلبية كبيرة على الشكل العام للتداولات، بوصفها أكبر لاعب في بورصة الكويت، وهي التي تحركه وتؤثر فيه بشكل رئيسي، ولكن في الوقت ذاته من غير المنطقي أن تتحمل هيئة الاستثمار كل مشاكل السوق، وهي التي قامت بلعب كل الأدوار الممكنة لمساعدته عن طريق محافظها وصناديقها العديدة".

ما ورد أعلاه كان اقتباسا من تصريحين تصدرا قبل 15 يوما الجمعية العمومية للشركة الكويتية للاستثمار التي تدير جانبا مهما من المحفظة الوطنية التي تأسست عام 2008 بهدف اقتناص الفرص الاستثمارية في بورصة الكويت، لا لدعم التداولات او الاسهم، مما يشير الى ان مديري المحفظة الوطنية يخالفون اغراض التأسيس.

Ad

وتدير "الكويتية للاستثمار" نحو 426 مليون دينار من إجمالي القيمة المخصصة للمحفظة الوطنية البالغة 1.5 ‬مليار دينار، مما يجعلها أكبر مدير للمحفظة في السوق المحلي.

مهنية الأداء

تصريحات مديري المحفظة الوطنية (الرئيس التنفيذي والمدير العام) التي تديرها "الكويتية للاستثمار" الى جانب شركات اخرى كالوطني للاستثمار وكامكو والمركز المالي وثروة للاستثمار، في ظل عدم تعليق الهيئة العامة للاستثمار، تطرح مجموعة من الاسئلة حول جدوى اداء المحفظة ومهنيتها ومدى التزامها بالاغراض الاساسية التي تأسست من اجلها، خصوصا ان هناك شكوى من "تحمل مشاكل السوق" وكأن المحفظة تتولى مسؤوليات تتناقض مع اهدافها الاستثمارية الطويلة الامد في البورصة.

أول الاسئلة عن دور المحفظة الوطنية كونها تتحمل المسؤولية الاكبر في السوق في تعاملات يناير الماضي والتي كسب فيها السوق وقتها على مستوى القيمة السوقية 3.09 مليارات دينار لتبلغ 28.4 ملياراً بنمو قياسي فاق 12.1 في المئة مقابل خسارة نسبة 1.14 في المئة لشهر فبراير، وخسارة لشهر مارس بلغت 3.7 في المئة، وخسارة ثالثة لأبريل 0.13 في المئة، لتبلغ القيمة السوقية حينئذٍ 27.08 مليار دينار.

انحراف السيولة

هل انحرفت السيولة في البورصة عن مستهدفات الاسهم الكبرى ذات العوائد والتوزيعات؟ خصوصا ان بيانات الاداء لبورصة الكويت خلال الربع الاول تشير الى ان المؤشر السعري لبورصة الكويت سجل ارتفاعا هو الاكبر من نوعه عالميا عن مستوى إغلاقه في نهاية عام 2016 بنسبة 22.29 في المئة في حين ان نمو المؤشر الوزني لنفس الفترة بلغ 8.73 في المئة وكذلك نسبة ارتفاع مؤشر "كويت 15" إلى 5.52 في المئة، ومعلوم ان اسهم التوزيعات والعائد متركزة في البورصة من ضمن المؤشرين "الوزني وكويت 15"، بينما يحفل الموشر السعري بالعديد من الشركات غير التشغيلية او التي تعاني مصاعب وديوناً والتعرض لوقف التداول وغيرها.

والمتتبع لأداء يناير 2017 الذي لامس التداول فيه مستويات 100 مليون دينار يظن ان ارتفاعات العديد من الاسهم محدودة الاهمية كان بفعل مضاربين ومقتنصي فرص في البورصة، وليس محفظة مؤسسية تدير اموال الدولة، خصوصا ان بعض هذه الاسهم حقق عوائد فاقت 100 في المئة خلال فترة وجيزة مما يعبر عن انحراف في سيولة تديرها جهة وصفت نفسها بأنها أكبر لاعب في بورصة الكويت!

ملاحظات أساسية

بالنظر إلى اداء المحفظة الوطنية نجد انها حسب ملاحظات ديوان المحاسبة حققت خلال 8 سنوات عائدا 3.8 في المئة فقط وهو معدل منخفض للغاية اذا ما علمنا ان العائد السنوي لاعمال المحفظة يقل عن نصف في المئة، وهو ربما ما يفسر وجهة نظر "الكويتية للاستثمار" في انها "تتحمل كل مشاكل السوق" وبالتالي فمن يتحمل مشاكل السوق لا بد ان يدفع ضريبة هذا التحمل، وهو امر يناقض الاغراض التي تأسست لها المحفظة كونها تدير اموال الدولة، وعليها ان تتوخى افضل السبل لاستثمارها، كما ابرز الديوان مجموعة اخرى من الملاحظات كعدم توزيع المخاطر في تخصيص رأس المال على المديرين وعدم وجود خطة بمدى زمني مستهدف لتحقيق اهداف المحفظة ناهيك عن تركز الودائع لدى بنك واحد دون وجود اساس تنافسي للحصول على افضل سعر فائدة مع كل تجديد.

ولعل فكرة ان تقوم شركة مملوكة بنحو ثلاثة ارباع رأسمالها للدولة وتدير اموالها بدعم السوق بشكل غير مؤسسي تزيد من الشائعات التي لا يتمنى احد ان تصدق بأن المحفظة الوطنية خلال يناير الماضي دعمت اسعار العديد من الاسهم المدرجة بناء على محاباة وتقييمات غير فنية، وهي شائعات كلما تعززت في السوق ضعفت الثقة به.

تطوير العمل

ثمة افكار متعددة لتطوير عمل المحفظة الوطنية التي يغلب عليها طابع الادارة التقليدية القديمة، اهمها نشر تقارير دورية (شهرية - ربعية -سنوية) لبيان أداء المحفظة من حيث الحجم والمكونات كالأسهم وحصص صناديق والودائع والسيولة، مع بيان افضل وأسوأ شركات الادارة من حيث الاداء الى جانب اعطاء دورات تداول مكثفة لمديري الصناديق والمحافظ التي تدير أموال المحفظة، خصوصا ان البورصة مقبلة على طرح أدوات استثمارية جديدة وتغييرات هيكلة السوق فضلا عن توزيع المخاطر والاهم من ذلك كله الالتزام بالاهداف الاستثمارية التي تأسست من اجلها المحفظة.

إعادة تقييم

بعد 8 سنوات من تأسيس المحفظة الوطنية بات لزاما اعادة تقييم ادائها وتحديد مدى اتساقها مع اهدافها الاساسية، لأن ما يصلح للجهات المؤسسية يختلف بكل تأكيد مع سلوكيات المضاربين ومقتنصي الفرص الذين لطالما عرضت سلوكياتهم الاسواق لمخاطر عالية.