القرارات التي يصدرها وزير العدل د. فالح العزب، ومازال يصدرها بشكل يومي في وزارة العدل، لا تستحق التوقف عندها فقط، بل التدبر في طبيعة اتخاذ المسؤولين للقرارات الوزارية والداخلية التي تعنى بشؤون الوزارة أو بمصالح المواطنين، ومدى ضررها على المرفق العام، لاسيما إن كان مرتبطا بالمحاكم.

وتلك القرارات، إن لم نقل إنها تمثل فوضى إدارية حقيقية، يعكف الوزير على اتساع رقعتها في كل أنحاء المحاكم والإدارات التابعة لوزارة العدل، فإنها تعد استكمالا لحالة الإفراغ الحقيقي لقطاعات المحاكم من الموظفين في سبيل إرضاء النواب والمصالح الانتخابية الذي سار عليه عدد من الوزراء ممن تعاقبوا على حمل حقيبة وزارة العدل!

Ad

فعندما تتوفر لدى وزارة العدل ما يقارب ٢٠٠ درجة وظيفية، سمح بها ديوان الخدمة المدنية يأتي الوزير ليقرر تعيين ما يزيد على ٤٠٠ مباشرة، ومن بينهم تعيينات لمواطنين خليجيين تفوق أعمارهم عن ٤٠ عاما، دون أن تكون لهم درجات وظيفية هم ومن معهم من المعينين، في حين أن هناك خريجين أولى بالتعيين في تلك الدرجات، وقد يؤدون للوزارة وقطاعاتها أفضل مما يؤديه من بلغ الأربعين!

وعندما يتقدم النواب بطلبات النقل من قطاعات المحاكم، يأتي الوزير، الذي لا تفارقه يوميا تأشيرة «لا مانع» من النقل أو الندب أو التعيين إرضاء لهم، ويصدر بشكل يومي عشرات القرارات، ليصبح لدينا في محكمة بمحافظة ما ٨٠ مأمور تنفيذ، وبمحافظة أخرى ١٥ مأمورا، فهذا يعني تدميرا حقيقيا لقطاعات المحاكم، وعندما يسأل عن طاقة الوزارة بتحمل ذلك يجيب حسبما تردد «ورانا استجوابات»!

وعندما يقرر وزير العدل، وهو من أقسم على عدم التدخل في عمل الأجهزة القضائية واحترامه للقضاء، وقف قرار مجلس القضاء بتعيينات النيابة، الذي أقرته لجنة قضائية لحين الفصل في التظلمات، رغم أنه لا علاقة بين الأمرين، فمن يثبت صلاحيته يقبل فورا بتظلم أو عن طريق القضاء، كما أن العدالة تقضي ألا يضار المقبولون بجريرة غيرهم، قد يطول أمر الفصل في شأنهم وقد يقصر!

لا أحد ينازع الوزير في اتخاذ صلاحياته الإدارية أو الوزارية، لكن ما يحدث في «العدل» تجاوز لمفهوم الممارسة العادية في اتخاذ القرارات، وتحول إلى ممارسات لا يتخذها إلا وزير صاحب طموح انتخابي، وهو إن كان حقا للجميع، لكن ليس على حساب تدمير المرافق العامة وتمزيق إداراتها!