اليوم لا يحصل 750 مليون شخص على ماء صالح للشرب. بحلول عام 2050، قد يتراجع منسوب الماء بنسبة 50% ويصبح أقل من حجم الطلب بمرتين. انطلاقاً من «محطة الفضاء الدولية»، هل تشاهد تلك

المناطق التي يعيش فيها الناس بعيداً عن مصادر الماء؟

Ad

طبعاً. تكثر المناطق الجافة حول العالم. نحلّق في مناسبات كثيرة فوق إفريقيا. في المناطق الصحراوية، نلاحظ أن الحياة تتوقف على أبواب الصحراء. لا يقتصر هذا الأثر على الحياة النباتية بل يشمل النشاطات البشرية أيضاً. للأسف، تظهر معالم الجفاف والتربة المعدنية وتصدّع الرمال بوضوح... لذا يسهل أن نستنتج أنّ توزيع الماء الصالح للشرب ليس متساوياً بأي شكل.

هل تشاهد أيضاً تلك الواحات المدهشة وملاعب الغولف وسط الصحراء والفنادق الفخمة القائمة بين الرمال إلى جانب نوافير عملاقة؟

يصعب أن نشاهد هذه التفاصيل لأننا على بُعد 400 كلم! لكننا نشاهد جزر دبي الاصطناعية أو أضواء لاس فيغاس، ونلاحظ غياب المساواة في توزيع مصادر الطاقة أو استهلاكها.

الشمس ومصادر الطاقة

سيرتفع الطلب على مصادر الطاقة بنسبة %40 في السنوات العشرين المقبلة. هل يمكن أن تلاحظوا الحاجات المستجدة في الهند أو الصين انطلاقاً من "محطة الفضاء الدولية”؟

تشكّل أضواء المدن أبرز المؤشرات في هذا المجال. خلال النهار، لا يمكن تمييز المناطق المتطورة التي تستهلك أعلى مستوى من الطاقة بوضوح. وخلال الليل، تكثر المناطق الداكنة. في الهند والصين، نلاحظ أن نسيج المدن يتطوَّر وظهرت بقع ضوئية واسعة في وسط البلدين. تمتد تلك البقع تدريجاً تزامناً مع تنامي الاستهلاك.

سنوياً تبث الشمس الضوء أكثر من الإنتاج العالمي بعشرة آلاف مرة. كيف تَصِف الوضع من المركبة الفضائية؟

الشمس مصدر طاقتنا الوحيد. لا نملك مفاعلاً نووياً ولا نستعمل النفط! بل نكتفي بنجمتنا وبألواحنا الشمسية. لذا الشمس بالنسبة إلينا أهم مما هي عليه بالنسبة إلى كوكب الأرض. حين ننتقل من الظلمة إلى ضوء الشمس، نلاحظ ارتفاع الحرارة. إنها ظاهرة مبهرة! تحت حماية الغلاف الجوي، نشعر فوراً بقوتها وبالطاقة التي تبثها. لا شك في أننا لا نستعملها على الأرض بالطريقة المناسبة. يجب أن نُحسّن طريقة التحكم بهذه الطاقة التي تصل إلينا مجاناً. تشكّل "محطة الفضاء الدولية” مثالاً يحتذى به.

هل تشاهدون تطوّر مصادر الطاقة المتجددة كالألواح الشمسية أو حقول توربينات الرياح؟

نشاهد هذه المظاهر كلها. لا نرى حقول الألواح الشمسية كثيراً لكني شاهدتُ مزارع عاملة بالطاقة الشمسية لأنها تعكس أشعة الشمس. ترسم أضواء المدن والطرقات حدود المناطق بكل وضوح. تشهد هذه التكنولوجيا تطوراً مستمراً وستكون مفيدة جداً. يجب أن نستفيد من البحر أيضاً لأنه يشمل مساحات واسعة ومصادر طاقة.

سكان ونفايات

في أسوأ الأحوال، سيبلغ عدد سكان العالم 10 مليارات نسمة في عام 2050. هل يمكن أن نرصد منذ الآن مؤشرات الاكتظاظ السكاني؟

طبعاً. يمكننا أن نحدّد المدن المكتظة بكل وضوح، من بينها مدينة باريس. تتلامس المدن في اليابان أيضاً حيث يبدو النسيج المدني كثيفاً. الوضع مماثل في الصين. لكننا نلاحظ أيضاً مظاهر التلوث للأسف. تبقى بكين مغطاة بطبقة من الضباب. إنه مؤشر على تلوثها، فالرؤية سيئة حتى خلال الليل ويزداد الوضع سوءاً في النهار. لكن تطاول هذه المشكلة أوروبا والولايات المتحدة أيضاً والكوكب كله تقريباً...

ينتج العالم 10 ملايين طن من النفايات يومياً. هل أصبحت المشكلة ضخمة لدرجة أن تشاهدها انطلاقاً من "محطة الفضاء الدولية”؟

لم أتمكن من رؤية القارة السابعة الشهيرة، أي القارة البلاستيكية الناشئة في المحيط الهادئ. مع ذلك، تابعتُ البحث عنها. انطلاقاً من المحطة، لا نلاحظ مشكلة النفايات لكننا نختبرها. حين نعيش في المحطة الفضائية، ندرك أن الإنسان يحتاج إلى أشياء كثيرة كي يعيش. هذا ما نظنه على الأقل! لكنه يستطيع أن يتخلى عن أشياء كثيرة أيضاً... نحتاج في الوقت نفسه إلى خدمات لوجستية للحفاظ على الحياة البشرية في الفضاء. نحن ننتج كميات هائلة من النفايات ولا يتولى أي شخص إزالتها أو إعادة تدويرها، لذا ندرك حجمها اليومي. إنه وضع مخيف. في المحطة الفضائية، نعيد تدوير الماء والبول. يمكن تصغير أنظمة إعادة المعالجة هذه على الأرض واستعمالها في البلدان النامية مثلاً. نحاول أيضاً أن نخفف استهلاكنا قدر الإمكان.

اليوم يُعتبر «فيسبوك» أكبر بلد في العالم بعد بلوغ عدد مستخدميه مليارَي شخص. كيف تشاهدونه من الفضاء؟

عبر الحاسوب أيضاً! يسمح لنا هذا النسيج الإلكتروني بالتواصل مع أصدقائنا. لكن يجب أن نتجنب الاختباء في العالم الافتراضي. أواجه هذه المشكلة منذ وصولي إلى «محطة الفضاء الدولية»... لكني أريد أن أعود إلى عالم الواقع طبعاً.

أشجار وألوان

تُقطَع 10 مليارات شجرة في السنة. هل تشاهدون أضرار إزالة الغابات؟

نعم في بعض المناطق. في الأمازون نشاهد الطرقات والأنهار لكن تختفي في الوقت نفسه حدود الغابات. في الصحراء الكبرى أو في المملكة العربية السعودية، تتطور الصحارى. إنها ظاهرة مفاجئة لأن المناطق التي تخلو من النشاطات البشرية أصبحت نادرة. انتشر البشر في كل مكان ولم يبقَ إلا عدد صغير من المساحات الفارغة، لا سيما في الصحارى.

ما هي الألوان الطاغية على سطح الأرض؟

لون البحار الزرقاء ولون الغيوم البيضاء، بدرجات متنوعة وغير محدودة، بدءاً من اللون الأزرق الزمردي والفيروزي وصولاً إلى الأزرق الداكن والكحلي. نشاهد أحياناً اللون الأخضر أيضاً، فضلاً عن اللون البنّي للأسف. نشاهد مظاهر التلوث حول المدن الكبرى في أميركا الجنوبية والصين وأوروبا. خلال الشتاء، يشتدّ اللون الأبيض في القارات. لكن في فصل الربيع يحلّ مكانه الأخضر، لون الحياة!

وضع الكرة الأرضية

يلخّص توماس بيسكيه وضع الكرة الأرضية قائلاً: «تلتزم «وكالة الفضاء الأوروبية» بعدم تلويث الفضاء. وبفضل الأقمار الاصطناعية والوجود البشري، نقيس التقلبات المناخية. لكن لا تتوقف منافع «محطة الفضاء الدولية» عند هذا الحد».

يتابع: «تختصر المحطة الفضائية الحياة على الأرض. يملك سكانها موارد محدودة ويبذلون قصارى جهدهم كي تدوم رحلتهم إلى الفضاء أطول فترة ممكنة. لذا يجب أن يعتنوا بمركبتهم ويستعملوا مواردهم بحذر. أعتبر الأرض أشبه بمركبة فضائية ضخمة تحتاج إلى العناية كي يدوم مسارها حول الشمس لأطول فترة ممكنة!».