يروى أن العالم الدكتور ألبرت أنشتاين كان يجوب الجامعات في سيارة يقودها سائقه الخاص، ويلقي محاضرات عن نظريته في الكون بأن مقاييس الزمان والمكان نسبية، وفي إحدى الجولات قال السائق مخاطبا الدكتور أنشتاين لقد سمعت المحاضرة نحو 30 مرة لدرجة أني حفظتها عن ظهر قلب، والآن لي رجاء أن ألقي المحاضرة بدلا منك.

فرد أنشتاين قائلا: حسنا سأعطيك الفرصة، فهم لا يعرفونني في الجامعة التي سنزورها في المرة القادمة، وعندما نصل إلى هناك أرتدي ملابسك وترتدي ملابسي، وتقدم نفسك على أنك أنشتاين وتلقي المحاضرة، وبالفعل وفي الموعد المحدد ألقى السائق محاضرة أنشتاين بجدارة، لكن لما أراد الخروج سأله أحد دكاترة الجامعة سؤالا معقدا تضمن معادلات رياضية صعبة للغاية، وعلى الفور تدارك السائق الموقف، وقال إن حل هذا السؤال بسيط جداً وإنني دهشت لتوجيهك لي مثل هذا السؤال، ولأبين لك مدى سهولة الإجابة عنه سأقوم بإحضار سائقي ليجيبك عنه.

Ad

والشيء بالشيء يذكر، في عام 1985م كنا مجموعة من الطلبة ندرس في جامعة الكويت كلية التربية؟ وكان عندنا تربية عملية في مدرسة أبرق خيطان الابتدائية بنين، وتقع بالقرب من جمعية خيطان، وأذكر أن الدكتور الفاضل عبدالمحسن حمادة طلب مني مرافقته لزيارة الطالب المتدرب توفيق المطر لتقييمه، وكان عنده حصة في الصف الثاني الابتدائي وموضوع درسه هو "أركان الإيمان"، زيارة الدكتور ومعه مرافق جعلت توفيق المطر مرتبكا أثناء شرحه الدرس، وأذكر أنه قال لتلاميذه "أركان الإيمان: الشهادتان، الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج. وأركان الإسلام: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله".

زميلي توفيق من شدة ارتباكه ذكر أركان الإسلام مكان أركان الإيمان، والدكتور جالس في آخر الفصل يدون ملاحظاته، ولكي أنقذ زميلي توفيق استأذنت الدكتور بالخروج من الفصل، وفي طريقي صافحت زميلي توفيق، وهمست في أذنه ونبهته إلى الخطأ الذي وقع فيه بسرعة ليتدارك الموقف ويصحح المعلومة التي قالها للتلاميذ.

الفطنة والبديهة وحسن التصرف في المواقف المحرجة نعم عظيمة من رب العالمين يجب أن نشكره عليها ونحمده ونقتدي بسيد المرسلين محمد، صلى الله عليه وسلم، الذي ضرب لنا أروع الأمثلة في حسن التصرف والذكاء والفطنة حين اختلفت القبائل في وضع الحجر الأسود في مكانه، ولم يمنعهم من القتال إلا رضاهم بتحكيم أول داخل عليهم، وكان الداخل محمدا، صلى الله عليه وسلم، الذي أمر بثوب فوضع فيه الحجر الأسود، ثم دعا زعيم كل قبيلة أن يمسك بطرف الثوب ليرفعوه حتى إذا بلغوا موضع الحجر الأسود أخذه، عليه الصلاة والسلام، ووضعه بيده في مكانه.

هكذا يجب أن نكون! نفكر قبل أن نقول أو نعمل ونحسن التصرف في الأمور كلها، وعلى رأي أحبابنا أهل النيل: "كل عقدة ولها حلال".