جلسة استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء بانت من خلالها فيلكا كما يقال في المثل الكويتي، أي انكشف كل شيء ولم يعد هناك عزاء للشعب الكويتي الذي يتلاعب فيه الجميع من حكومة ومجلس، ليستمر في دفع ثمن الصفقات السياسية واللعب بمشاعره ومستقبله، ويخشى أن تكون مواقف الكثير من نواب المجلس الجديد بمثابة رصاصة الرحمة على ما تبقى من مصداقية سياسية وديمقراطية المبادئ!

لا يقصد من هذه المقدمة أن نملي على النواب التصويت ضد رئيس الوزراء، لكنها إدانة صريحة للعديد منهم ممن خدعوا الناس بتهديداتهم للحكومة، ورفعوا هذا الشعار للفوز في الانتخابات، ثم لحسوا وعودهم في موقف تاريخي يفقدهم ماء الوجه لأنهم بعد البطولات الوهمية أصبحوا ألعوبة بيد الحكومة التي طالما هيجوا الناس عليها، وتسببوا في ضرب الشباب وملاحقتهم قانونياً، وحبسهم وصولاً إلى سحب جنسيات بعضهم!

Ad

مسرحية سحب الجناسي ستعري بعض هؤلاء النواب وخصوصاً من التيارات الدينية وأبناء القبائل مهما كانت احتمال نتائجها، ففي حال إرجاع ولو بعض الجناسي سيتحول النواب الأشاوس إلى حمل وديع حتى نهاية الفصل التشريعي، وفي النتيجة هم شركاء في كل التهم التي وجههوها للحكومة من فشل وفساد وشراء ذمم وتجارة سياسية، أما في حالة إفلاس الصفقة فسيكونون آخر من يتحدث عن المساءلة والمحاسبة، ولن تكون هناك قيمة لأي استجوابات تقدم منهم مستقبلاً!

المسرحية الثانية أبطالها النواب الذين استجوبوا رئيس الوزراء في المجلس السابق، وعلى المحاور ذاتها، وبعضهم استقال من عضوية البرلمان احتجاجاً، واليوم يبصمون بالعشرة لسمو الرئيس! وبالتالي ينسفون أي بقية باقية لما كانوا يدعون أنها قناعاتهم، ويضعون أنفسهم عرضة لتأويلات الناس حول ماهية الثمن مقابل هذا التراجع الغريب في الموقف!

المسرحية الثالثة تتعلق بالنواب الشباب ممن كان يعول عليهم أنهم الأمل وصوت الشباب في الانتخابات الأخيرة، وهم من رفعوا عصا التهديد والجرأة في الطرح، وتفعيل أدوات المساءلة، ولكنهم مع الأسف "كعّوا" في أول اختبار، وكأن البحر الذي دخلوه كان "قشّه" أعلى مما تصوروا، وقد يكون من الصعب عليهم "ترقيع" هذا الموقف الخجول في المستقبل، وهنا تكمن الخسارة في الفشل على رهان إعداد جيل جديد من قادة السياسة!

سيناريو جلسة الاستجواب الأخير يرفع الحرج واللائحة عن الحكومة ورئيسها، حيث لعبوا فن السياسة والاحتواء بامتياز، وهذا من حقهم بما هو متاح لهم من أدوات وتكتيكات، وفشل الاستجوابين المقدمين لرئيس مجلس الوزراء يعطيه صك البراءة من مجلسين متتاليين، أحدهما حكومي حتى النخاع والآخر معارض بامتياز، مع فارق واحد وهو أن مجلس 2013 كان يلعب على المكشوف، وحتى استجواب رئيس الحكومة فيه كان في جلسة علنية، في حين كان الاستجواب الأخير في مجلس 2017 في جلسة سرية، أي كان اللعب تحت الطاولة، ولعل عدم استكمال ورقة عدم التعاون كان مترتباً ضمن المسرحية حتى لا تسقط الأقنعة في جلسة التصويت بعد الاستجواب!

نواب المعارضة تحديداً مدينون اليوم إما بالاعتذار إلى رئيس مجلس الوزراء الذي اتهموه طوال 7 سنوات، وأخيراً اقتنعوا بإجاباته ودحضه لمحاور استجوابين، وبراءته من جميع الاتهامات التي وصفوه بها، أو أنهم مدينون بالاعتذار إلى ناخبيهم بأن خذلوهم وضحكوا على ذقونهم من أجل كرسي العضوية واستحقاقاته لا غير!