الضباب دائما يقف حائلاً بين الطريق والناظر إليه، فأنت حينما تستقل سيارتك صباحا وتفاجأ بضباب كثيف ستجد نفسك حائراً بين أن تتحرك أو أن تقف، وإن وقفت فماذا ستفعل؟ وإن تحركت فإلى أين ستتجه؟

إن الضباب غطاء المجهول، وهذا بلا شك هو موقفنا الكويتي والعربي برمته، فضبابية الرؤية هي سيدة الموقف، ولا أحد من المحللين السياسيين في الكويت أو في غيرها يستطيع أن يتكهن بما تخبئه لنا الأحداث في المستقبل السياسي، وخصوصاً بعد أن رأينا بأم أعيننا تلكم الفواجع والنكبات التي حلت ببني جلدتنا وبني ديننا ولغتنا من أشقائنا العرب الذين كانوا بالأمس القريب ملء السمع والبصر، كيف آل بهم المآل؟ وكيف تغيرت الحال؟ فهذا حقا، كما قال شكسبير، هو السؤال. والضبابية في الموقف الكويتي أيضا موجودة، ويصنعها أبطال دائما أحب أن أسميهم أبطالاً من ورق؛ لكي يظهروا أمام الحكومات بمظهر البطولة على حساب الشعب، ضبابية معتمة ومخيفة، فماذا بعد؟ وهل تتكرر تلك الفواجع في بلدان أخرى، لأنه وبكل وضوح لا جديد تحت الشمس؟

Ad

أقصد هنا «تحت شمس العرب»، فها هم الإسلاميون متربصون ومتعطشون لزمام الأمور في بلادنا وغيرها لفرض أجندتهم اليمينية المتطرفة، ولتطبيق أجندات إقليمية يحسبونها هي الأفضل والأصح من منطلق أيديولوجيتهم المتعنتة، وهناك المتشبثون بالكراسي وكأنها قد ولدت ملتصقة بأجنتهم، ولا فكاك عنها بغير تدمير كل المنظومة التي يحكمونها.

وبين هؤلاء وتلك تجد الفوضى الفكرية القائمة على الخلل الثقافي والطمع السياسي والبلاهة السياسية والاقتصادية، فتجد تلك الأفكار تتصارع كالثيران الإسبانية الهائجة المائجة، ومن فوق تلك الثيران يتربع الساسة الذين لا عمل لهم إلا ركوب تلك الثيران الناطحة الثائرة من أجل الوصول إلى قيادة الموقف السياسي، أما الشعوب الطيبة الكادحة المغلوبة على أمرها فهي ساكنة مسكينة، تلوذ بذرات تراب الأرض، وللأسف فإننا نرى أن بعضها قد يكون ضحية للثيران الهائجة فتدهسها وتنكل بها.

هكذا هو الموقف وأظنه غير متغير، لأننا لم نتغير، فالكل لا بد أن يتغير فينزع عباءة الطمع من أجل ملح الأرض، من أجل الشعوب، كفانا أيديولوجيات ومؤتمرات ومؤامرات، كفانا تلهفاً لكراسيٍّ زائلة، ولننصت ولنهدأ ولنفكر في شعوب أتت من معاناة وآن لها أن تستمتع بسلام ورفاهية، يجب علينا أن ننتبه إلى تلك الظاهرة المحيطة بنا في الوقت الراهن حتى لا ننزلق إلى مصير مجهول.