تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية لمجلة "أريبيان بزنس" كارثية في عناوينها المخيفة ومضامينها المتناقضة ومحتواها غير المقنع، وحتى في توقيتها وطرحها في مجلة أجنبية!

مع الأسف الشديد تم اختزال المقابلة الخطيرة للسيد الوزير في جزئية هل قال "أنا قلق على بلدي... قلق على الاحتياطات... قلق على استدامة الكويت"؟ أم أنه لم يقل ذلك؟ وسارعت وسائل الإعلام في نفي هذه العبارة واتهام الترجمة بأنها تلاعبت في نقل وإخراج هذه العناوين!

Ad

كنت أتمنى أن يتمتع وزير المالية بالشجاعة السياسية وروح المسؤولية بأن يؤكد ويجزم ويقر بأنه قلق على استدامة الكويت وعلى أموالها، لأن هذا الشعور هو لسان حال معظم الكويتيين صغاراً وكباراً ومن مختلف القطاعات والفئات الاجتماعية والاقتصادية.

حتى السيد الوزير اعترف بهذا الشعور لكن بشكل متوارٍ عندما أعلن أن العجز المالي أسوأ مما هو معلن، وأن الحكومات السابقة لم تقم بواجبها إزاء الإصلاحات المطلوبة، وأن مجلس الأمة هو سبب حل المشاكل وأن الديمقراطية هي أساس بطء الإصلاحات، وأخيراً عندما يزف البشارة للتجار بإعفائهم من الضرائب!

كنت أتمنى أيضاً أن يعقد وزير المالية مؤتمراً صحافياً في مبنى مجلس الوزراء ويصارح الشعب الكويتي بتفاصيل الحالة المالية في الدولة، والإجابة عن أسئلة الصحافة وأهل الاختصاص، أو يشارك في مناظرة متلفزة مع من يملكون الرأي الآخر ليضع النقاط على الحروف!

كنت أتمنى أن يعلن السيد الوزير حالات السرقة والنهب والتلاعب في المناقصات والهدر للمال العام وكبار الفاسدين والمتنفذين في الدولة وآلية عملهم، وشبكة الفساد التي يديرونها طوال العهد الدستوري، وإذا كانت الحكومات السابقة متواطئة في ذلك أم أنها غضت الطرف عنها!

كنت أتمنى أن يشرح السيد الوزير، رغم المعوقات والتحديات المالية، موقع المورد البشري الكويتي كعصب للتنمية المستدامة، وخطط حكومته في البرامج التي تعالج الإخفاق الدائم في استثمار الشباب، أو تدشين المشاريع الإنتاجية، أو إيجاد مصادر تنويع وتعزيز الدخل الوطني بعيداً عن المساس بجيب المواطن ورواتب ذوي الدخل المحدود.

عندما تلوم الناس الحكومة وتعتبرها السبب الرئيس، ولعله الوحيد، في معظم مشاكلنا وإخفاقاتنا يجن جنون أعضاء الحكومة والأبواق والأقلام المطبلة لها، ولكن هذه هي حالنا التي عكسها وزير في الحكومة، يفترض أن يكون الرجل الأول في معرفة الأرقام وحجم الأموال والمداخيل وموقعها داخل الكويت وخارجها وإيراداتها وتنبؤاتها المستقبلية، ولكن مع الأسف فإن معظم المسؤولين عندنا هم مجرد موظفين "ديلوكس"، ليس لهم أي عمل سوى مناكفة الناس والرد عليهم إعلامياً فقط لأنهم مكلفون بالقيام بهذا الدور!