فقدت الكويت أمس أحد رجالات رعيلها الأول، النوخذة والخبير في علم البحار، محب الخير، القدوة والمثل، عيسى عبدالله العثمان عن عمر ناهز 94 عاماً.

وُلد الراحل عام 1923 في فريج العثمان بحي جبلة، وتلقى تعليمه على أيدي كبار علماء الكويت، حفظ القرآن عند ملا محمد وملا أحمد قبل أن يتجاوز السادسة، وكان يدرس في كشك الصقر بعمارتهم على البحر، وعندما بلغ الرابعة عشرة اتجه إلى البحر مع والده، وكانت أول سفينة أبحر عليها سماها والده "فتح الكريم"، وبعدها ركب المحمدي.

ولأن علم البحار يتطلب معرفة الانكليزية، فقد اتجه إلى تعلمها واستعان بمدرسين في أسفاره، وبعد زواجه أعطاه والده وعمه "بوماً" طالبين منه الاعتماد على نفسه، ومنذ ذلك الحين بدأ صراعه مع البحر، فتعلم القياس على الشمس وحسابات الخرائط والجبال، وانطلق في أول رحلة بحرية له إلى البصرة أكملها إلى مومباي بالهند محملاً بالتمر، في وقت لم يكن الإبحار سهلاً، بل كان حافلاً بالصعاب، وكانت الرحلة تستغرق عشرة أشهر.

Ad

أصدر كتاباً عام 1996 باسم "المختار في مجاري البحار"، وهو عبارة عن تسجيل دقيق لمسارات سفن الشراع الكويتية، وتضمن الكتاب معلومات وافية ومفيدة عن السفر البحري ومتطلباته والأعمال على ظهر السفينة وغيرها من المعلومات، حتى إنه ليعتبر مرجعاً تاريخياً في هذا المجال.

للراحل العديد من أعمال الخير منها تبرعه لبناء مسجد العثمان في منطقة الخالدية، إضافة إلى غيره من الأعمال.

و"الجريدة" التي آلمها هذا المصاب تتقدم إلى أسرة الفقيد بأحر التعازي، سائلة المولى القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أهله الصبر والسلوان، و"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".