غص ديوان البراك في الأندلس بأفواج المناصرين للنائب السابق مسلم البراك إثر خروجه من السجن بعد عامين قضاهما عقابا لإساءته إلى الذات الأميرية في خطاب "لن نسمح لك"، فتجمع المناصرون يتراقصون على أنغام شيلات فُصِّلت خصوصاً لهذه المناسبة، ولا حرج في ذلك، فخروج أي سجين هو فرحة لأهله وأحبابه.

ومما ضايقني في هذا المشهد المبهج هتافات "يا مسلم يا ضمير الشعب كله"، فاستذكرت الثوابت التي نؤمن بها ككويتيين، فنحن نعشق الوطن وترابه، وندافع عن الدستور ونحافظ عليه، ونحب الأمير ونحترمه، هذه هي الثوابت الثلاثة التي يجمع عليها كل كويتي مهما كان مشربه، أما الآن فقد استحدثوا ثابتا رابعا وأقحموه علينا وهو أن مسلم البراك ضمير الشعب كله، الأمر الذي نرفضه جملة وتفصيلا.

Ad

نعم نرفض أن يكون ضمير الشعب قد أساء للأمير وأبى أن يعتذر، وفضل السجن على طلب العفو كما فعل من سبقه ومن اتبعه، نعم نرفض أن يتحدث باسم الكويتيين أحد غير الأمير، فهو الضمير الوحيد الذي نبجله، نعم نرفض أن يكون ضمير الشعب بعد أن رأينا الشباب الذين رددوا خطابه مشردين بين الدول أو في ظلمات السجن، نرفض أن يمثلنا ضمير قد هيج الشارع ضد السلطة مما أدى إلى استخدام سلاح الجناسي لإطفاء نار الفتنة! لا والذي نفسي بيده لن يمثلني ضمير كان هذا تدبيره!

وها هو الآن قد عاد إلى آخر عهده متمسكا بالمنصات وإطلاق التهديدات، منددا بالفاسدين بلا ذكر اسم واحد، ساخرا من الوزراء بإضحاك الجماهير، وملهما للحاضرين أن الكويت ستضيع، ونحن نخشى على الأغرار من السير على خطاه فيلقون حتفهم سريعا من حيث لا يعلمون، وعندئذ سيتوسلون إلى القاصي والداني بطلب العفو من الأمير مثلما فعل من سبقهم في مسيرة الإساءة إلى صاحب السمو، فهم بذلك قد أذلوا أنفسهم وأهليهم ولعنوا كل ما يقربهم إلى خطب الخزي والندامة!

نعيد ونكرر أكبر كذبة سوقت زورا وبهتانا على الشعب أن البراك ضمير الشعب، فالضمير الحقيقي هو الذي يتراجع خطوتين إلى الخلف لمصلحة الشعب، وهو ما فعله الأمير في مواقف عديدة تدل على الحنكة السياسية التي أثمرت اليوم تفرق من كانوا حول مسلم أشتاتاً وشيعاً!