غداة اشتباك جديد عبر الحدود، هو الثاني في يومين مع وحدات حماية الشعب الكردية، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، تحركات عسكرية تركية على الشريط الحدودي الواقع بين مدينة عامودا وبلدة الدرباسية في ريف القامشلي الغربي، مؤكدا أنها ترافقت مع استقدام تعزيزات عسكرية وإطلاق رصاص باتجاه قرى ومناطق على الحدود.

وأوضح المرصد أن التحركات التركية تأتي بعد 48 ساعة من استهداف مناطق حدودية ممتدة من مدينة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي وحتى أقصى شمال محافظة الحسكة، أسفرت عن مقتل 3 عناصر من وحدات حماية الشعب الكردية.

Ad

وبعد دعوة من الوحدات الكردية إلى فرض منطقة حظر طيران فوق معاقلها بسورية، تلتها بتهديد حليفتها واشنطن بالانسحاب من الرقة إن لم تتخذ إجراءات تجاه ضربات أنقرة، معقل تنظيم «داعش»، أخلت القوات الأميركية المرابضة في الحسكة مواقعها بالقرب من الحدود مع تركيا، بحسب مصادر خاصة أفادت موقع «النشرة» اللبناني، بأن السبب هو اندلاع اشتباكات بين الوحدات الكردية والقوات التركية في نقاط عدة.

اشتباك وتهديد

وفي ثاني اشتباك، تعرض جنود أتراك متمركزين في أكشاكاليه في محافظة شانلي أورفه المتاخمة لسورية لقنابل هاون، ثم لرصاص بنادق رشاشة وافدة من مناطق خاضعة لسيطرة وحدات الحماية. وأكدت وكالة «دوغان» أن القوات التركية ردت على النيران وقتلت ثلاثة من عناصر المجموعة الكردية، التي تعتبرها أنقرة مع جناحها السياسي «حزب الاتحاد الديمقراطي»، منظمة «إرهابية» وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المتمرد ضدها منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وسبق أن اندلعت اشتباكات الأربعاء في نقطة حدودية أبعد غرباً، بعد يوم من قصف الطيران التركي موقعا للمقاتلين الأكراد قتل خلاله 28 وأصيب 19 بجروح، وفق المرصد السوري.

ولاحقا أعلن الأكراد «انقطاع مياه الشرب عن مدن الحسكة ورأس العين وتل تمر وأريافها نتيجة استهداف الجيش التركي لمحطة كهرباء مغذية لمحطة ضخ المياه» تعد المصدر الوحيد لمياه الشرب في المنطقة.

وأكد مصدر حكومي سوري تعرض محطة الكهرباء للقصف التركي. وقال مسؤول تقني في المحطة إن المياه قطعت عن نحو 250 بلدة وقرية، لافتا إلى أنه يجري العمل لإعادة تغذية المحطة بالكهرباء خلال الساعات المقبلة.

دفاع الأسد

وفي دمشق، أعلن الرئيس بشار الأسد أنه بصدد التفاوض مع الجانب الروسي للحصول على أحدث الأنظمة المضادة للصواريخ، من أجل مواجهة أي تهديدات إسرائيلية أو أميركية محتملة.

وبعد ساعات من استهداف إسرائيل مستودع أسلحة تابعا لميلشيا «حزب الله» اللبناني قرب مطار دمشق الدولي وإسقاطها «هدفا» فوق هضبة الجولان، أكد الأسد في مقابلة أجريت مع قناة «تيليسور» الفنزويلية أن الولايات المتحدة «ستقوم في مرات لاحقة بإعادة نفس مسرحية خان شيخون وفبركة استخدام أسلحة كيماوية مزيفة في مكان آخر، لتكون لها حجة بالتدخل العسكري ودعم الإرهابيين».

وحول استعداده للمصالحة مع من حمل السلاح أجاب الأسد: «طبعا، وهذا الشيء حصل بأماكن مختلفة وكثيرة، والبعض منهم قاتل مع الجيش السوري والبعض الآخر موجود في مدينته تحت سيطرة الدولة، لا توجد لدينا مشكلة، فالتسامح ضروري لحل أي حرب، ونحن نسير بهذا الخط».

وحول حل الأزمة السورية أجاب الأسد: «لو وضعنا جانبا التدخل الأجنبي في سورية فالمشكلة ليست معقدة، حيث إن أغلبية السوريين تعبوا من الحرب ويريدون الحل ويريدون العودة إلى الأمان والاستقرار، وهناك حوار بيننا كسوريين».

وجزم الأسد بأن «كل دولة وقفت ضد الشعب السوري وساهمت في التخريب والتدمير لن يكون لها مكان في يوم من الأيام في إعادة الإعمار في سورية، هذا الشيء محسوم».

بدوره، برر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر لإسرائيل «اتخاذ إجراءات عندما ترى تهديدا أمنيا محددا» في سورية، مؤكدا أن «حزب الله منظمة إرهابية أجنبية ساعدت قواتها على تمكين النظام السوري من إدامة وحشيته ضد الشعب السوري وإلى التحريض على عدم الاستقرار في المنطقة».

وفي باريس، دانت «الخارجية الفرنسية»، أمس، عمليات قصف جوي استهدفت منشآت طبية في محافظة إدلب، مؤكدة أنها «متعمدة وغير مقبولة وتشكل انتهاكات جديدة للقانون الإنساني الدولي، وترتقي الى جرائم حرب».

خان شيخون

في غضون ذلك، كذبت صحيفة «نيويورك تايمز» جملة وتفصيلا كل التبريرات التي ساغها النظام وروسيا لدحض الاتهامات بشأن نفي مسؤوليتهما عن الهجوم الكيمياوي في خان شيخون، وقدمت في تقرير مفصل قرائن وأدلة تشكك بثلاث ذرائع تتعلق بالتوقيت والمواقع والأسلحة المستخدمة.

كما كشفت أن الهجوم الفعلي وقع صباحا، وتحديدا قرب الساعة السابعة بالتوقيت المحلي، وذلك في رد على ادعاء النظام وروسيا أنه وقع ظهرا.

واستنادا إلى صور الأقمار الاصطناعية الأميركية وصور الضحايا التي نشرها ناشطون، إضافة إلى شهادة طبيب قابلته «نيويورك تايمز»، بدأت معالجة الضحايا بعيد ساعة من الهجوم.

أما بالنسبة إلى موقع الاستهداف، فهنا المفاجأة. فقد حددت الصحيفة الأماكن ليتبين من خلال مقارنة صور الأقمار الاصطناعية قبل وبعد الحادث أنه تم استهداف مبان صغيرة في أحياء سكنية ووسط شوارع وفي أحياء مدنية تقع جغرافيا بعيدا عن مستودعات زعم النظام أنها تضم مواد كيمياوية.

وفيما يتعلق بنفي النظام امتلاكه السلاح الكيمياوي، مستندا إلى ما أعلنته المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيمياوية، أعادت «نيويورك تايمز» نشر ما صرحت به المنظمة، لجهة عدم التأكد من تخلص النظام السوري من كامل ترسانته الكيمياوية.

فظاعات النظام

وفي وقت سابق، نددت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هالي خلال جلسة ترأستها لمجلس الأمن بما وصفتها «فظاعات ارتكبتها الحكومة السورية» أخيرا بحق المدنيين، ومنها الحصار حتى الموت، داعية إلى ممارسة ضغوط على الجانب الروسي.

وأكدت أن «النظام السوري متورط في استراتيجية تهدف إلى الحصار والاستسلام، بحيث يقوم بوضع المدنيين داخل السجون حتى يموتوا أو يستسلموا للحكومة»، وأن هذا النوع الأبطأ من الموت أكثر فتكا وانتشارا من الأسلحة الكيماوية.