بدأت نذر معركة تكسير عظام بين السلطتين التشريعية والقضائية، إذ سادت حالة من الغضب الشديد بين أوساط الهيئات والجهات القضائية في مصر أمس، جراء إقرار مجلس النواب تعديلات على قانون رؤساء الهيئات القضائية، بشكل نهائي أمس الأول، وهو القانون الذي يطيح بمبدأ الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات، ويتيح لرئيس الجمهورية، رأس السلطة التنفيذية، صلاحيات تعيينهم، ما اعتبره القضاة تغولا من السلطتين التشريعية والتنفيذية على السلطة القضائية، ويطيح بمبدأ الفصل بين السلطات.

وصعد القضاة والمستشارون في الهيئات القضائية الأربع، من غضبهم، إذ اجتمع مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة، ومجلس إدارة نادي قضاة مصر، كل على حدة، مساء أمس الأول، لبحث سبل الرد على ما وصفوه بـ"مشروع القانون المشبوه"، حيث أصدر كل اجتماع بيانا اعتبر مشروع القانون انحرافا تشريعيا وتغولا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية، بتعديه على مبادئ مستقرة في عمل السلطة القضائية.

Ad

وقال نادي قضاة مجلس الدولة، في بيانه، إنه تقرر عدم الإشراف على الانتخابات البرلمانية مستقبلا، مع المطالبة بإنهاء الانتدابات الخاصة بأعضاء مجلس الدولة في البرلمان، وتسجيل الاعتراض على القانون في محاضر جلسات المحاكم، والوقوف دقيقة حداد -في خطوة رمزية- على إهدار القانون المشبوه لاستقلال القضاء.

وكشف نادي مجلس الدولة نيته عقد جمعية عمومية طارئة الثلاثاء المقبل، مشددا على أن جميع الخيارات متاحة لمواجهة "التغول المتعمد" على استقلال القضاء، بما فيها "تدويل القضية" وتعليق العمل في المحاكم.

بدوره، طالب نادي قضاة مصر في قراراته، عقب جلسته الطارئة أمس الأول، رئيس الجمهورية باستعمال حقه الدستوري في الاعتراض على القانون وعدم التصديق عليه، وأعلن النادي الدعوة الى عقد جمعية عمومية لقضاة مصر بدار القضاء العالي، الجمعة المقبل، للتدارس في القرارات الواجب اتخاذها، وبينها طرح استقالة مجلس إدارة النادي على الجمعية، "احتجاجا على انتهاك استقلال القضاء".

وطالب النادي أيضا رئيس محكمة النقض بالدعوة الى عقد جمعية عمومية غير عادية الثلاثاء المقبل، داعيا مجلس القضاء الأعلى إلى "الثبات على موقفه الرافض للقانون، والالتزام بالثوابت القضائية"، مع مطالبة القضاة بإرسال رسائل احتجاج لمصلحة صندوق "تحيا مصر"، ليعربوا عن أن اعتراضهم على القانون من أجل شعب مصر.

بدوره، بدا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محايدا، في صراع البرلمان والقضاة، حيث قال خلال كلمته أمس، خلال جلسة "محاكاة الدولة المصرية على هامش فعاليات اليوم الثالث، من المؤتمر الدوري الثالث للشباب" في مدينة الإسماعيلية: "أشاهد حالة جذب بين مؤسسات الدولة، ومصر في وضع يتطلب تكاتف الجميع، كل مؤسسة لها احترامها، ونريد الحفاظ على مؤسسات الإعلام والقضاء والبرلمان كي تزيد كل مؤسسة ولا تنقص".

وشدد السيسي على ضرورة التكامل والتوازن بين كل المؤسسات، محذرا من خطورة تغول مؤسسة على أخرى، وأضاف: "ليس لي وصاية على أحد، وأرجو ألا تتقاطع المؤسسات المصرية أو تختلف، وتقبل بعضها البعض دون تغول، لا أريد التغول على أحد كسلطة تنفيذية وكذلك المؤسسات، نحن بحاجة إلى التجرد، وألا يحدث تضارب بين مؤسسات الدولة".

ووفقا لمصادر مطلعة، يبدو أن الرئاسة المصرية فضلت الحياد في المواجهة بين القضاة والبرلمان، إذ رجح مصدر مطلع ألا يدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي على خط الأزمة، إذ لا يجوز أن ينحاز الرئيس لجانب أي من السلطتين، لأن الانحياز سيؤدي إلى تعقيد الأزمة، ويرسخ لمبدأ التغول على السلطات، متوقعا أن يصدر الرئيس القانون فور وصوله من البرلمان، دون إعادته مرة أخرى.

وأشار المصدر إلى أن اعتراضات الهيئات القضائية على القانون، يجب أن تمضي في طريقها القانوني، وهي الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية عقب إصداره، لتكون الكلمة الفصل فيه للأخيرة، في ظل المادة 192، من الدستور التي تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح".

أيام صعبة

في غضون ذلك، شهدت فعاليات المؤتمر الدوري للشباب بالإسماعيلية، مساء أمس الأول، جلسة استثنائية تلقى فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي أسئلة من المواطنين، عبر مبادرة "اسأل الرئيس"، التي انطلقت كتطبيق إلكتروني السبت الماضي، على موقع المؤتمر الوطني للشباب.

وتطرق السيسي إلى الجدل بشأن مصير جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، قائلا: "لن أدافع عن دور السلطة التنفيذية، وما قامت به من دراسات وأبحاث تتعلق بالملف، وعندما طرح الملف في أغسطس 2015 قلنا إن الإجراء الفني سيأخذ مجراه ثم تأخذ السلطة القضائية والبرلمان دورهما".

وأكد أن مصر "دولة مؤسسات، ونحترم قوانيننا وقضاءنا وعملنا بوطنية وأمانة دورنا، ولا يمكن أن أجامل طرفا على حساب متر أرض من بلدنا، وسنعمل بكل شفافية، والأمر متروك للبرلمان والقضاء ولا نتدخل فيه".

وقال السيسي، ردا على سؤال عن موعد انخفاض الأسعار، "صبركم على ارتفاع الأسعار محل تقدير كبير، وأنا راهنت على المصريين"، مؤكدا أن مصر لن تقوم وتحقق التقدم المنشود إلا بسواعد أبنائها وبالعمل وزيادة الإنتاج، وبالتضامن ووحدة الصف والصبر والتضحية.

حقوق الإنسان

في غضون ذلك، وفي حين عبرت وزارة الخارجية المصرية، أمس، عن أسفها لما تضمنته جلسة الاستماع التي نظمتها اللجنة الفرعية للاعتمادات الخارجية لمجلس الشيوخ الأميركي بشأن مصر مؤخرا، وما تضمنته من مطالبات بضرورة إعادة تقييم برنامج المساعدات الأميركي لمصر على ضوء الادعاء بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان، أجرى رئيس الأركان الفريق محمود حجازي مباحثات مع قائد القوات البحرية للقيادة المركزية الأميركية، الفريق بحري كيفن دونجان، الذي يزور مصر حاليا.

وتناولت المباحثات عددا من الملفات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، في ضوء تعزيز مختلف جوانب علاقات التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين.