أكد رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية، محمد جاسم الصقر، أن الصحافة الكويتية تراجعت بشكل واضح عقب الغزو العراقي للكويت، لافتا إلى أن الإعلام الكويتي كان رائدا على المستوى العربي، وكانت الصحف الكويتية توزع في مختلف الدول العربية بآلاف النسخ.

وقال الصقر، خلال حلقة نقاشية بعنوان «الإعلام في ظل المتغيرات السياسية» ضمن فاعليات الملتقى الإعلامي العربي الـ14، إن الغزو العراقي كان نقطة فاصلة بين صعود الصحافة وسقوطها لاحقا، مشيرا إلى أن سبب التراجع يعود الى تحولها من صحافة عربية وعالمية إلى الشأن المحلي البحت، الذي تسبب في تراجعها إقليميا.

Ad

وأشار إلى أن المستوى المهني لم يتغير، ولكن تغير التوجهات إلى الداخل يعد السبب الرئيس في تراجعها، لافتا إلى أن «القبس الدولي» كانت توزع قبل الغزو 40 ألف نسخة في السعودية و30 ألفا في العراق و10 آلاف في تونس، أما اليوم فالقبس لا توزع سوى 50 ألف نسخة في الداخل.

ولفت إلى أن «القبس» على سبيل المثال كان لديها مراسلون في كل العواصم العربية والعالمية، مشيرا إلى أن الصحافة كانت تهتم بكل من الخبر والرأي، أما الآن فهي صحافة رأي فقط.

وحول الإعلام المعاصر، أكد الصقر أن الصحافة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لا يوجد عليها رقابة ولا حتى رقابة ذاتية، وبالتالي بإمكان المعتوه والأرعن بكل سهولة أن يشتم ويؤذي الناس من دون رادع.

وأشار إلى أن هذا الأمر تعانيه أكبر الدول، ومنها الولايات المتحدة، حيث إنها تعاني من الصحافة الرقمية وعدم القدرة على فرض الرقابة اللازمة عليها.

فارق كبير

وشدد على وجود فارق كبير بين الإعلام المنضبط وغير المنضبط، لافتا إلى أن الصحافة التقليدية يكون فيها رئيس تحرير ورقابة ذاتية، بينما في وسائل التواصل تكون الأمور بلا رقيب ولا حسيب.

وذكر أن الحرية المطلقة دمار، وهي غير موجودة حتى في دول الغرب، وهناك أمثلة كثيرة على قدرة الأجهزة الأمنية في أميركا على منع نشر بعض الأمور، بينما يعاني الرئيس الأمريكي الآن من عدم قدرته على السيطرة على بعض القنوات، التي منعها من دخول البيت الأبيض لفترة، ثم عاد وتراجع.

وشدد على ضرورة وجود ضوابط على وسائل الإعلام الإلكترونية، مستدركا: لا أعتقد أنه يمكن السيطرة عليها حاليا، موضحا أن الحكومات ووسائل الإعلام والشعوب جميعهم مسؤولون عن الفوضى الإعلامية الحاصلة، والشعوب هي التي تعطي قيمة لوسيلة إعلامية ما وترفعها.

وأكد الصقر أنه لا يملك أي حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يستعملها مطلقا، مشيرا إلى أنه يوصل رسائله من خلال مقالاته في «الجريدة».

إعلام المواطن

بدوره، قال وزير الإعلام الليبي السابق، محمود شمام، إن التطور التكنولوجي مستعمل حاليا للتدمير وليس للبناء، ولابد من وعي في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ولا نقول هنا رقابة، ولكن انضباط أكثر، لافتا إلى أنه ليست لدينا قوانين تحمي الخصوصية للأشخاص، وهذه مشكلة.

وأضاف أن الإعلام الآن تطور ليصبح لدينا ما يسمى بإعلام المواطن، وهو الانتصار على الرقابة والقمع، لكن الجزء السلبي فيه هو أننا لا نحمل ثقافة الرقابة الذاتية، والفضائيات خلقت فوضى بالتعاون مع الـ «سوشيال ميديا».

وأشار إلى أن التلفاز مهدد بالانقراض خلال 10 سنوات، لأن 67 في المئة من الشعوب العربية هم فئة الشباب أقل من 35 سنة، وهذه الأجيال تعتمد على الهواتف النقالة ووسائل التواصل بشكل أساسي.

وذكر أن قراءة الصحف هي عادة ثقافية، وليست لمجرد الحصول على الخبر، إلا أننا في العالم العربي نعاني مشكلة في القراءة، فمن منا يذهب اليوم إلى المكتبة ليستعير كتابا؟، مستطردا: وهذا خطأ معرفي كبير، والعالم العربي لا يقرأ، مؤكدا خطورة ذلك على مستقبل الأجيال، ولافتا إلى أن الصحف الورقية لم تصمد أمام التطور الإلكتروني، بسبب ارتفاع تكلفة الورقية مقابل الإلكترونية.

وأكد أن العلاقة بين السياسيين والإعلام هي علاقة حب وكراهية، فالسياسي بحاجة دائما إلى الإعلامي لإبراز إنجازاته، وقد يكره الإعلامي عندما يكتب سلبياته، مشيرا إلى أن انحدار التعليم في العالم العربي سبب من أسباب الفوضى الإعلامية، ولافتا إلى الأخطاء الإملائية الكثيرة في حسابات وسائل التواصل.

الصحافة الحرة

من جانبه، قال وزير خارجية المغرب السابق، محمد بن عيسى، إن الصحافة الحرة تعتمد بشكل أساسي على أن المؤسسة ليست تابعة للمال السياسي أو الإدارات الحكومية، وعندما ظهر ذلك في بعض الدول العربية ظهرت لدينا الصحافة الصاعدة، خاصة مع ظهور جيل متأثر بالصحافة الغربية، وهذه الحرية ضايقت بعض المسؤولين، لافتا إلى وجود جيل جديد من الإعلامي يتمتع بكثير من المسؤولية، وليس خاضعا للمؤثرات المالية أو السياسية وهو ملتزم خلقيا وسياسيا.

وأشار إلى أن الهاجس الأمني أصبح مبررا للقمع وسياسة الإسكان والتوجيه، وهذا على مستوى العالم، وهناك موجة من الاستبداد السياسي بواسطة القانون للتأثير على الثورات السياسية والدرجة الأولى على الإعلام لكونها النافذة التي تفضح كل مستور، مشيرا إلى أن هناك خطا رفيعا يفصل بين الحرية والإباحية.