فيما بدت أول خطوة لعودة العلاقات الدافئة بين مصر والسعودية، بعد نحو عام من الخلاف في وجهات النظر بين البلدين، إزاء العديد من الملفات، على رأسها الملفان السوري واليمني، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب، يعقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قمة مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، اليوم الأحد، تلبية لدعوة الملك سلمان خلال لقاء الزعيمين على هامش مشاركتهما في فعاليات القمة العربية، أواخر مارس الماضي، بينما اعتبرت مصادر رفيعة اللقاء بمنزلة "قمة إذابة الجليد".

ووفق بيان أصدرته رئاسة الجمهورية، فإن السيسي يعقد خلال قمته مع الملك سلمان سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وقال البيان، الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن "الزيارة تأتي استجابة لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، في إطار حرص الجانبين على استمرار التنسيق المشترك بما يساهم في تعزيز العلاقات".

Ad

من جانبه، قال مصدر مصري مسؤول لـ"الجريدة"، إن الرئاسة المصرية أنهت بالتنسيق مع الديوان الملكي السعودي جميع الترتيبات الخاصة بالزيارة، وجدول الأعمال والموضوعات المقرر مناقشتها، وأضاف: "الزيارة بداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين القاهرة والرياض، بعد فترة فتور في العلاقة وتباينات في وجهات النظر حول عدد من قضايا المنطقة، لا سيما الأزمة السورية".

وقال الباحث في مركز "الأهرام" للدراسات السياسية، سعيد اللاوندي لـ"الجريدة"، إن اللقاء سيُحدد آلية جديدة في التعامل إزاء القضايا المحورية في المنطقة، خصوصاً أن كل طرف متمسك بموقفه تجاه الأوضاع في سورية واليمن، إذ تتمسك مصر بالحل السياسي لتلك الأزمات، بينما لاتزال المملكة مستمرة في دعم جماعات مسلحة على الأرض في سورية، وتشن حرباً ضد جماعة الحوثي في اليمن.

وعلمت "الجريدة"، أن القمة الثنائية ستُركز على ضرورة الاتفاق على موقف عربي موحد إزاء الأزمة في سورية، خصوصاً مع وجود مقترحات عربية تتبناها السعودية، بإنشاء مجلس عسكري سوري لقيادة البلاد، ورحيل بشار الأسد، في حين تتحفظ مصر على المقترح وتتمسك بالحل السياسي للأزمة وترك مصير بشار الأسد ليُحدده الشعب السوري، على أن يتضمن الاتفاق السياسي بين الأطراف السورية إعادة تكوين وتأهيل الجيش السوري.

وأشار المصدر إلى أن القمة ستشهد وضع خريطة طريق لحل الأزمة اليمنية عبر المفاوضات السياسية، وبدء إعادة تأهيل البنية التحتية اليمنية، إلى جانب مناقشة القضية الفلسطينية وسبل إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية، فيما قال قنصل عام مصر في جدة، حازم رمضان، إن القنصلية تتابع سير التحقيقات في حادث مقتل المواطن المصري أحمد الهادي، نتيجة تعرضه للطعن من أحد المقيمين وهو يمني الجنسية.

في السياق، استقبل السيسي، وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي أمس، في قصر الاتحادية الرئاسي، وذلك بحضور وزير الخارجية سامح شكري، وسفير سلطنة عُمان في القاهرة.

مناقشة وتمرير

في الأثناء، بدا أن المسؤولين في البرلمان المصري مصرون على مناقشة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تنتقل بمقتضاها تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" الاستراتيجيتين عند مدخل البحر الأحمر من مصر إلى المملكة، على اعتبار أن الاتفاقية من أعمال السيادة، التي منح الدستور البرلمان حق مناقشتها، على الرغم من وجود حكم قضائي نهائي وبات من المحكمة الإدراية العليا، بانعدام الاتفاقية وأن الجزيرتين مصريتان ويمنع التنازل أو التفريط عن الجزيرتين المهمتين في البحر الأحمر.

وقال مصدر مسؤول لـ"الجريدة"، "إن البرلمان سيناقش الاتفاقية خلال أيام، حيث تسلمت اللجنة التشريعية ملف ترسيم الحدود كاملة من الحكومة"، ولفت المصدر إلى أن اللجنة التشريعية ستستدعي عدداً من الشخصيات العامة وأساتذة قانون دولي إضافة إلى عدد من الخبراء لمناقشتهم في الاتفاقية، وأن نحو 15 مُتخصصاً في القانون الدولي والمساحة والخرائط، سيتم استدعاؤهم.

ميدانياً، دخلت قبائل سيناوية على خط المواجهة المباشرة والمعلنة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، بعد إعلان التنظيم اختطاف عدد من القيادات القبلية ومشايخ العائلات، وتصفية عدد من المتعاونين مع قوات الأمن، إلى جانب اختطاف شيخ قبيلة الفواخرية، حمدي جودة (85 سنة)، تحت تهديد السلاح، حيث أغلق عدد من أفراد عائلة الفواخرية في العريش، بالتعاون مع عائلات أخرى أمس الأول، عدداً من الميادين العامة والشوارع الرئيسية والفرعية احتجاجاً على ممارسات التنظيم، وتبادل شباب القبائل إطلاق النيران مع عناصره.

الكونغو والسودان

على صعيد آخر، وبينما عقد الرئيس السيسي مؤتمراً صحافياً مع نظيره الكونغولي جوزيف كابيلا، ضمن مساعي التواصل مع دول القارة الإفريقية، قال السيسي خلال المؤتمر، إنه أكد للرئيس الكونغولي دعم مصر لجهود تحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ووقوفها إلى جانبها في التحديات التي تواجهها من خلال عدة إجراءات منها مشاركة قوات مصرية في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية، بهدف دعم جهود الأمم المتحدة المساندة للجيش الكونغولي في مواجهة الحركات المسلحة، شرق الكونغو.

من جانبها، قالت مديرة وحدة الشؤون الإفريقية، في مركز الأهرام أماني الطويل، إن زيارة رئيس الكونغو إلى مصر، تأتي في إطار حرص مصر على تنشيط علاقتها مع دول حوض النيل، وأوضحت الطويل: "الكونغو ترتبط بعلاقات متميزة مع مصر وهي من بين دول الحوض التي لم توقع على اتفاقية عنتيبي، الأمر الذي يجعلها محل تقدير مصري".

وبعد يوم من ختام المباحثات المصرية السودانية، التي جرت في الخرطوم برئاسة وزيري خارجية البلدين، الخميس الماضي، وبعد ساعات من صدور بيان مشترك من الجانبين، أمس الأول الجمعة، صعَّد السودان من موقفه المطالب بمثلث حلايب وشلاتين من السلطات المصرية، حيث أودع السودان لدى الأمم المتحدة وثيقة تكشف عن إحداثيات خطوط الأساس لمناطقها البحرية بما فيها منطقة "حلايب وشلاتين" المتنازع عليها مع مصر. وتحدث مصدر دبلوماسي مصري مع "الجريدة"، وقال :"الخارجية السودانية أودعت لدى الأمم المتحدة إعلاناً بشأن تحفظها على مرسوم مماثل كان أصدره الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 1990، وحدد فيه خطوط الأساس للمناطق البحرية المصرية".

وقال مصدر دبلوماسي آخر، لـ"الجريدة": "سنرد على السودان في الأمم المتحدة أيضاً، وسنرسل ملفاً كاملاً يتضمن خرائط ومستندات تثبت تبعية منطقة حلايب وشلاتين لمصر ولدينا ما يثبت ملكيتنا".