انتقدت ابنة المترجم الراحل عبد الحميد الجمال، أستاذة الإعلام والمخرجة في التلفزيون المصري، د. نجلاء الجمال، تجاهل «المركز القومي للترجمة المصري»، إدراج اسم والدها ضمن قائمة المترجمين الراحلين، الذين تقرّر تكريم أسمائهم،

لا سيما أنه أصدر عن «المركز» ترجمات عدة، من بينها رواية «ربما كان قديساً» للكاتبة الأميركية آن تيلر.

Ad

وألمحت الجمَّال إلى أن والدها ترجم نحو 80 كتاباً من أبرز الكتب الحاصلة على جوائز عالمية كـ«نوبل» و«بوليتزر»، ونشر إنتاجه في أهم دور النشر المصرية، من بينها المشروع القومي للترجمة، ودار الهلال، وهيئة قصور الثقافة، والهيئة العامة للكتاب، والدار المصرية اللبنانية، ومكتبة مدبولي وغيرها.

وانتهت الجمَّال إلى أن هذا التجاهل يعكس أحد سلبيات المؤسسة الثقافية المصرية، والميل إلى تهميش مبدعين كثيرين طالما كانوا خارج نطاق «الشللية»، وليس عبد الحميد الجمال سوى مترجم ومثقف كرَّس حياته لهذا المجال، ولم ينل التقدير الذي يليق بمنجزه، وستظل أعماله شاهدة على عطائه المتفرد.

قبل سنوات، قدّم الراحل عبدالحميد الجمال، شهادة عن مسيرته مع الترجمة، في إحدى فعاليات المجلس الأعلى للثقافة المصري، الذي كان المركز القومي للترجمة تابعاً له، قال فيها: «بعد قراءتي رواية «مونفليت» المقررة علينا في السنة الرابعة بمدرسة الشهداء الابتدائية، عشقت الأدب الإنكليزي، واهتممت كثيراً بقراءة إنتاج توفيق الحكيم وطه حسين وسعد مكاوي، ومحمود البدوي، ومحمد فريد أبو حديد، وأمين يوسف غراب وغيرهم من الأدباء المصريين والعرب».

ولفت الجمال إلى محاولته ترجمة بعض القصص القصيرة، ذلك أثناء الفترة الجامعية (1952 - 1956) ولم يفكر في النشر حينها، وبعد تخرجه في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، أدرك أن حركة الترجمة ترتكن إلى التمصير وتلخيص بعض المؤلفات الأدبية والفكرية، ولم تستهوه أعمال نقلها إلى العربية بعض الأكاديميين، ما شجعه أن يعلن نفسه مترجماً ويقدم رواية «الأتوبيس الجامح» و«اللؤلؤة» لأول مرة للقارئ العربي، وتوالت ترجماته لأكثر من نصف قرن.   

ربما كان قديسا

اقترن اسم المترجم الراحل بأعمال لأشهر أدباء القرن العشرين، ومن بينهم الروائية الأميركية آن تيلر، وترجم لها «ربما كان قديسا» و«دروس التنفس» وحصلت الأخيرة على جائزة «بوليتزر»، واعتبرها بعض النقاد أحد أعظم كتّاب اللغة الإنكليزية في العالم، وتحوّلت أعمالها إلى أفلام سينمائية ناجحة، لا سيما «سائح بالصدفة» و«سلم السنوات».

وتوالت ترجمات الجمال الروائية، ومن بينها «جذور» رائعة إليكس هيلي، و«جنرال الجيش الميت» للألباني إسماعيل قداري، و«محمد يا صقري» للتركي يشار كمال، و»عام وفاة ريكاروريس» للبرتغالي خوسيه ساراماغو الحائز «نوبل» في الآداب عام 1998، ورواية «النسر – طي الزمان والمكان» للأميركية مادلين لانغل الحائزة جائزة بوليتزر.

لم تقتصر ترجمات الجمال على الأدب، بل نقل إلى العربية مؤلفات عدة في التاريخ والفكر والفلسفة، واستهدف تفاعل القارئ العربي مع ثقافات الآخر، والتعرف إلى رؤية المفكرين الغربيين حول خصائص تاريخنا القديم والمعاصر، من بينها «مغزى القرن العشرين ونقاط التحول العظمى» و«تاريخ الطرق الصوفية في مصر في القرن 19» و«تاريخ الشرق الأوسط» و«دراسات في التاريخ الاجتماعي لمصر الحديثة»، و«ثورات أميركا الإسبانية» الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2008، بينما صدرت آخر ترجماته بعد رحيله «الصعود إلى السطح» أواخر عام 2009 عن المركز القومي للترجمة.

ولد عبد الحميد الجمال في قرية «الجمالة» التابعة لمركز الشهداء في محافظة المنوفية (شمال القاهرة) في يناير 1934، وحصل على ليسانس في الفلسفة من كلية الآداب بجامعة القاهرة 1957، وعمل مدرساً للغة الإنكليزية في السعودية وقطاع غزة في فلسطين، ثم مديراً عاماً للسياحة في محافظة مطروح الساحلية الحدودية مع ليبيا، كذلك عمل مترجماً للمقالات الصادرة في المجلات العلمية والثقافية الصادرة عن منظمة اليونسكو على مدار أكثر من 20 عاماً، وتٌوفي في أبريل عام 2009.  

أعمال متنوعة

تنوعت أعمال عبد الحميد الجمال، بين ترجمة روايات وكتب فكرية وعلمية، وأهمها: «مغزى القرن العشرين ونقاط التحول العظمى 1985، وجذور 1986، واللؤلؤة وشجرة الجاكراندا 1989، وتاريخ الطرق الصوفية في القرن التاسع عشر 1995، الأصولية الإسلامية في العصر الحديث 1997».  

كذلك ترجم من إصدارات المشروع القومي للترجمة: «كوكب مرقع 2003، وربما كان قديساً 2003، وسلم السنوات 2005، وقصة الخادمة 2006، وعين القطة 2007، وعودة أيام الصبا 2008، والصعود إلى السطح 2009، وأمير الذباب 1994 (عن الدار المصرية اللبنانية)، واسم الوردة 1998 (عن دار مدبولي)».  

نقل الجمال كثيراً من الروايات عن الإنكليزية، وصدرت عن مؤسسة «دار الهلال المصرية»، من بينها «الأتوبيس الجامح 1989، ودروس التنفس 1990، وجامع الفراشات 1992،  والطبالة الصغيرة 1993، والساحر 1994، وعشيقة الضابط الفرنسي 1996، وسائح بالصدفة 1998، وعام وفاة ريكاردوريس 1999، وجنرال الجيش الميت 2001، ومحمد يا صقرى 2004».